المستقبل- الثلاثاء 12 آب 2014 - العدد 5118 - صفحة 6
http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=628004
لن
ينسحب "حزب الله" من سوريا. مؤيدوه يقولون ذلك، ومناهضوه يتمنون ذلك،
والدولة اللبنانية أعجز من أن تفرض ذلك، لكن أحداً لا يستطيع أن يلجم التداعيات
الخطيرة لذلك. جهاد "التكفيريين" بالمفهوم الديني للحزب أوجب من جهاد
الصهاينة، بهذا "الجهاد" يجد مقاتلو الحزب أنفسهم ملتصقون بشدة
بأدبياتهم وبالتاريخ، وبالمقابل؛ يجد أعداء الحزب –المعتدلون والمتطرفون-أنهم
يمتلكون المبررات الدينية والسياسية والواقعية لقتالهم، ليس في سوريا والعراق
فحسب، وإنما في لبنان أيضاً.
في
التشخيص؛ يقول "حزب الله" – وفق آخر ما استقرت عليه مبرراته- إنه ذهب
إلى سوريا "ليحمي لبنان" واستباقاً لمجيء "التكفيريين إليه"، ويقول
الذين لا يؤيدون الحزب؛ إن ذهابه عسكرياً إلى سوريا هو الذي استجلب أعتى أنواع
الإرهاب إلى لبنان، بدليل أن التفجيرات التي طالت حواضن الحزب الشعبية غير مسبوقة.
الحصيلة
هي؛ موجة احتقان مذهبي عابرة للدول، واستجلاب للفتن إلى داخل الحدود، وللفتن
-عندما تقع- ضحاياها عن غير أطرافها الرئيسيين، والتطرف يولد تطرفاً مقابلاً، وما
بين السنة والشيعة اليوم فتنة كبرى يدفع ثمنها المسيحيون أيضاً.
تضامن
كثير من السنة والشيعة اليوم مع المسيحيين جيد ومطلوب، لكنه لا يغير في الواقع
الكثير، فالذين هجروا مسيحيي العراق – بعدما كانوا شهوداً لسماحة الإسلام قرون
عدة- ليسوا أتباع "دولة العراق والشام" فقط. الدواعش كانوا السبب
المباشر، ولكن في العمق؛ فإنه لولا الاضطهاد المذهبي الذي مارسه نوري المالكي
لسنوات، لما وجدَت جماعة متطرفة مثل داعش حاضنة شعبية لها، بغض النظر عن حجمها.
تطرف المالكي ولّد تطرف داعش. وإرهاب "حزب الله" بحق السوريين صنع
مفجرين وأحزمة ناسفة، وصرنا نسمع تهديدات بحق المسيحيين، وردوداً لا ترقى إلى
مستوى المعالجة.
من
أجل المسيحيين في لبنان والعراق ينبغي التضامن، واحتضان عشرات أو مئات الأسر
النازحة من العراق إلى لبنان احتضاناً عابراً للطوائف، وإعلان مواقف حاسمة من
المسلمين قبل المسيحيين في رفض ممارسات داعش. ومن أجل المسيحيين ينبغي أن لا ينجر
بعضهم إلى دعوات لردودٍ؛ مواقف وأفعالاً، لن تزيد من بؤس المشهد إلى بؤساً، خصوصاً
عندما تهاجم المسلمين أو تبدو كأنها تهاجم الإسلام نفسه. ومن أجل المسيحيين ينبغي
أن لا يخدعهم أحد من "الإرهابيين" أنه أقرب إليهم من الآخر؛ فمن يقتل
السوريين بالبراميل التي لا تميز أهدافها يشبه داعش، ومن يقتل مسلمين لمجرد أنهم
يحملون اسماً معيناً، ثم يرميهم في المزابل أو يعلقهم على أعمدة الكهرباء في بغداد
وبعقوبة يشبه داعش، ومن يرسل اللبنانيين لقتل السوريين في سوريا يشبه داعش...هؤلاء
لا يمكن أن يكونوا حماةً للمسيحيين إلا على مستوى الدعاية فقط، وهؤلاء لا يصح
تأييدهم أو اعتبارهم حماة، لأن الشعور الإنساني برفض الظلم لا يتغير بمكان أو
زمان، أو دين أو جنس الذي يقع عليه الظلم. التحالف ضد داعش لا ينبغي أن يضم من يشبه
داعش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق