عندما قامت الوحدة المصرية
السورية عام 1958 وكانت تفصل بين الإقليمين السوري والمصري فلسطين المحتلة كنا
نقول باتت الدولة المسخ إسرائيل بين فكي كماشة والقضاء على هذه الدولة هو مسألة
وقت، وتبين لنا فيما بعد أن الطرفين اللذان فرضا تلك الوحدة (البعثيون وجمال عبد
الناصر) كان كل منهما يغني على ليلاه؛ فالبعثيون كانوا يتطلعون إلى اقتسام غنيمة
الوحدة وجعل الإقليم السوري من حصتهم ليكون مزرعة لهم بعد إخفاقاتهم المتعددة في
الوصول إلى الحكم سواء عبر الانقلابات العسكرية التي كانوا وراءها أم من خلال
خوضهم للانتخابات النيابية التي لم يتمكنوا من إيصال أكثر من 16 نائب إلى مجلسها،
وعبد الناصر كان يهدف إلى إنجاح فكره القومي وبسط نفوذه في العالم العربي والتفرد
في الحكم إلى ما يشاء الله.
ونحمد الله الآن بأن لا حدود
مشتركة مع مصر وقد فضحت وسائل الإعلام الأمريكية تعديات السيسي حاكم مصر على
الأراضي الليبية وقصفه مواقع ثوار ليبيا في طرابلس وبني غازي ودعمه لقائد
المتمردين اللواء الطيار حبتر، ضد كتائب الثورة التي أطاحت بالديكتاتور الأرعن
معمر القذافي لإنجاح الثورة المضادة في ليبيا، وتنصيب حبتر ديكتاتوراً جديداً يخلف
القذافي ويكون شريكاً للسيسي في قابل الأيام، كما فعل هو في مصر وانقض على الثورة
والشرعية وأطاح بالرئيس الذي انتخبه الشعب المصري بإرادته الحرة.
ونحمد الله ألف مرة أنه لا حدود
بيننا وبين مصر لأن السيسي كان سيعبر تلك الحدود دعماً لنمرود الشام وجزارها
انتصاراً له ضد الشعب السوري الثائر وقد فعل ذلك ضد شعبه في مصر واستباح دمهم وقتل
خيرة شباب مصر وقاد الآلاف منهم إلى السجون والمعتقلات ولا يزال يقمع بوحشية لا
حدود لها المظاهرات السلمية التي تطالب بعودة الشرعية.
السيسي كشر عن أنيابه تجاه سورية
عندما صرح في مؤتمر صحفي عقده يوم الأحد الماضي، إن "مصر لا تدعم النظام
السوري أو المعارضة السورية ولا تنحاز إلى أي منهما".
كلام مبطن يحوي خلفه كثير من
الأمور التي يمكن أن يستشفها المرء تشير إلى نوايا السيسي الخبيثة تجاه الثورة
السورية ومحاولته خلق أجواء لقيام ثورة مضادة، وقد أكدت بعض فصائل الثورة أنه تم
العثور على عدد كبير من الذخائر (صناعة مصر) ومنها صواريخ غراد في المواقع التي
حرروها من النظام وتم الاستيلاء عليها، نقلت من مصر دعماً للنظام الباغي في عهد
السيسي.
ختاماً يستحسن الإتيان على المثل
المصري الشائع الذي يقول: "اللي بيختشو ماتو" فإذا كان السيسي لم يختش
من موقفه المحايد بين العدو الصهيوني المحتل وبين غزة المستباحة من ذلك العدو فكيف
له أن يختشي من موقفه المحايد بين جلاد يلهب ظهر شعبه وبين ثوار أحرار انتفضوا من
أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق