انطلقت اليوم الانتخابات الرئاسية في تركيا ، وقد
أظهرت استطلاعات الرأي هناك فوزاً كاسحاً مرتقباً للزعيم ذائع الصيت "رجب
طيب أردوغان" بعد أن فاز برئاسة الوزارة ثلاث دورات متتالية ، وقد تابعت اليوم
في الصحافة التركية والقنوات الفضائية جملة من التعليقات على النجاح المرتقب
لأردوغان فاستغربت قول بعضهم من العلمانيين والقوميين واليساريين إن الرجل يستخدم
الدين في السياسة ، فقد اعتبروا هذا الفعل من أردوغان نوعاً من الانتهازية
السياسية ، متجاهلين ـ عن سبق إصرار ومكر وحسد ـ أن الرجل يتوجه أصلاً إلى شعب
مسلم أصيل يحترم دينه ويقدسه ، فما الضير في أن يخاطب شعبه بما يحب ؟! ثم أن
السنوات التي قضاها أردوغان في رئاسة الوزارة كانت حافلة بالإنجازات الكبيرة التي
شهد بها القاصي والداني، فلم يكن حديثه عن الدين مجرد شعارات جوفاء كما فعل غيره
وأودى بالبلاد إلى الكوارث !
ثم ، إذا كان استخدام الدين في السياسة يحقق
للسياسي الوصول إلى الحكم ويتيح له أن ينفذ برامجه الطموحة ، فلماذا لا يستخدم
بقية الساسة الدين وهو متاح لهم كما هو متاح لأردوغان ؟ فالدين ليس حكراً على أردوغان
دون غيره ، بل هو متاح للجميع ، ولكن من الواضح أن عداء الآخرين للدين هو الذي
يمنعهم من استخدام هذه الخلطة الدينية غير السرية ، ويصرون على إقصاء الدين عن
السياسة وعن سائر شؤون الحياة بحجة أن الدين سبب التخلف ، فكيف إذن تفسرون نجاح
أردوغان بتحقيق ما حقق خلال سنوات قليلة فيما فشل غيره من العلمانيين والقوميين عن
تحقيق ذلك طوال قرن من الزمان حكموا فيها تركيا ولم تثمر أيديهم غير الصاب والعلقم
؟!
فالمشكلة إذن ليس باستخدام الدين في السياسة ، وإنما
المشكلة ــ بل الكارثة ــ في الشعارات الزائفة ، والنوايا المفخخة ، والاهتمام
برصيد البنك بدل الاهتمام بمطالب الشعوب .. فتأمل !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق