وقائع مثيرة .. بعد انتقال مصطفى المقدم إلى المحكمة الإلهية! – بقلم: فادي شامية

عندما مرّ اسم مصطفى المقدم بين قتلى "حزب الله" في سوريا؛ استعاد المتابعون ذكرى الشهيد الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا، تماماً كما استعادوا محاولة اغتيال الوزير بطرس حرب بعد نعي الحزب لمحمود حايك.

كان الخبر ليبدو شبه عادي لولا أن نشرت المواقع التابعة لـ"حزب الله" -للمرة الأولى- روايتها عما جرى فوق تلة سجد في 27/8/2008. في هذه الوقائع المثيرة أن المقدم هو من أطلق النار على حنا بنفسه عن سابق تصميم، وأنه هو من طلب من الأمين العام لـ "حزب الله" أن يسلّم نفسه للقضاء اللبناني – رغم أن قانون الحزب يمنع ذلك – تضحيةً منه تجاه حزبه لئلا يتعرض لمزيد من الإحراج.

ما كشفت عنه الرواية مثير فعلاً، حيث أكد أن للحزب مناطق عسكرية تتبع له ولا يحق للدولة نفسها أن تدخلها تحت طائلة إطلاق النار، وأن مصطفى المقدم قتل سامر حنا بنفسه، وهو يعلم أنه ضابط لبناني وأن الطائرة تتبع للجيش.

عندما استمع المحقق العسكري لإفادة المقدم في العام 2008 أفاد أن تكليفاً شرعياً طلب إليه الاعتراف بإطلاق النار على الطوافة دون أن يكون الفاعل، نافياً أن يكون أحدٌ آخر قد شارك معه في إطلاق النار، ثم عاد وقال أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة في 13/6/2009: إنه "اعتقد أن الطوافة إسرائيلية، وإنه لم يلحظ أي علم أو إشارة تدل إلى أنها تابعة للجيش اللبناني". وعندما سأله القاضي عن الملقب أبي جعفر (مسؤول في "حزب الله" عُلم لاحقاً أن اسمه محمد علي خليفة)، قال: "إنه رئيس مركز القيادة في المنطقة وأنا لا أعرف اسمه الكامل، وكنت بعيداً عنه نحو كيلومتر"!.

في الرواية الجديدة التي يقدمها "حزب الله"؛ تأكيد على أن المقدم هو من أطلق النار رغم علمه أن الطائرة لبنانية، وأما سبب إطلاق النار فهو أن الضابط حنا خالف أوامر قيادته فتولى "حزب الله" معاقبته بإنزال عقوبة الإعدام به!

المثير أكثر أن الرواية تكشف عن وجود قانون داخل "حزب الله" يسمو فوق القوانين اللبنانية ويمنع "منعاً باتاً أن يدخل أي عنصر إلى سجن أو حتى أي مركز من مراكز الدولة... ومن يحتاج لعقاب يعاقب من قبل الحزب".

وتصل الإثارة في الرواية مداها عندما يذهب المقدم إلى الأمين العام لـ "حزب الله" ويطلب أن يسلمه للدولة اللبنانية، ويحاكم على ما قام به، حتى لا يتسبب بإحراج للحزب، "وخصوصاً (أمام) الطائفة المسيحية بشخص العماد عون، كونه كان محرج جداً أمام المحرضين عليه من جماعة ١٤ آذار".

ومن المعروف أن المحكمة العسكرية اعتبرت لاحقاً أن قتل الطيار حنا لم يكن عمدياً، وأنها أخلت سبيل المقدم، فعاد ليلتحق بعمله "الجهادي" إلى أن نعاه الحزب قتيلاً في سوريا في 3/8/2014 "أثناء قيامه بواجبه الجهادي المقدس خلال التصدي لمرتزقة الكفر والوهابية".

اللافت أن "حزب الله" كشف عن هذه الرواية في ذروة حملته للتضامن مع الجيش اللبناني، لكأنه يعتبر الجيش قوة عسكرية رديفة له؛ تنسق معه وتقاتل أعداءه، وعند ذلك يسبغ عليها تأييده، خلافاً للمواقع التي يكون فيها الجيش في أماكن لا يريدها الحزب، كما حصل في نهر البارد، وفي مار مخايل، وفوق تلال سجد مع الطيار حنا.

مرفق رواية حزب الله لقتل الطيار حنا.

http://www.southlebanon.org/archives/122100