كنت أعلم
علم اليقين منذ أول خبر بثه الأخضر حول ترتيب هدنة بين كتائب الطاغية بشار وبين
الشعب السوري ، بأن إمكانياته أضعف من ترتيب مثل هذه الهدنة الهزيلة التي هي أشبه
بمسكنات تجارية منتهية الصلاحية ، فضلا عن تكليفه لحل أزمة مستعصية يطيل المجتمع
الدولي في عمرها وينفخ في أوارها، وحكمت عليها في داخلي بالفشل ، بل إن مسار مهمة
الأخضر الهزيلة أصلا يصب في إعطاء الطاغية بشار مهلة جديدة من مسلسل الفرص الدولية
الممنوحة للقاتل ليتسنى له إستكمال مجازره وجرائمه ضد الشعب السوري البطل الذي هبّ
مطالبا باسترداد حريته المصادرة وحقوقه المسلوبة ، كما كنت على يقين بأن الأخضر
وغيره الكثير... لا يعلمون حقيقة النظام السوري من النفاق والمخادعة ، ولحظة سمعت
تعليمات لافروف الموجهة لحلفائه المجرمين في النظام السوري بقبول الهدنة أيقنت أن
النظام سيعلن الموافقة على الهدنة فيما بعد ، وعندما أعلن النظام المجرم موافقته
على الهدنة مع ما وجه في حشو البيان من رسائل إرهابية لدول الجوار كنت على يقين
أيضا على أن هذا النظام كاذب ومخادع ولا يمكن أن يلتزم بهدنة ، كما كنت على علم
بأنه أجبن وأضعف من أن يهدد دول الجوار، لأنه يوم كان يردد مثل هذه التهديدات
الفارغة بعد كل إعتداء صهيوني وعربدة إسرائيلية ويكرر عبارته – التي أصبحت عبارة
تندر وسخرية – الاحتفاظ بحق الرد ، لم يفعل بعدها شيئا ولم نرى هذا الرد حتى يومنا
هذا بل ، رأينا توافقا وتآمرا من الطاغية وحاشيته الفاسدة المتخاذلة مع هذا الكيان
الممسوخ ضد الشعب السوري، أعلن إعلام الطاغية عن سريان الهدنة من صباح يوم العيد
الجمعة وحتى يوم الأثنين رابع يوم العيد .
لم يطل الأمر كثيرا توجهنا لصلاة العيد أمام
السفارة لنظام الإجرام وعلى العادة التقينا بثوار سورية وشرفائها ، المهجّرين من
جميع محافظات سورية شرقها وغربها وشمالها وجنوبها ، سهلها وجبلها وصحرائها ...
مدنها وقراها وواحاتها وبواديها ، وبعد صلاة العيد وخطبة العيد قام الشباب الحرّ
بهتافاتهم الحماسية ضد الطاغية وعصاباته المجرمة وطالبوا بإسقاطه وحيّوا الثوار
والجيش الحر ... عدنا إلى المنزل ... جلست أمام التلفاز لأتابع تظاهرات شعبنا
المنكوب المصابر ضد الطاغية وعصاباته الإجرامية ، وبعد أن شاهدت بعض المظاهرات لنقل
مباشر في مناطق متعددة من داخل سورية تهتف للحرية والثورة والجيش الحر ضد الطاغية ،
وتطالب بإسقاط الطاغية وعصاباته وتحيي الجيش الحر الذي يدافع عن كرامة الأمة ، ويحميها من إجرام الشبيحة وميليشيات المجوس التي
تدفقت على سورية لتدافع عن الطاغية المارق وتنحر الأطفال من أبناء الشعب السوري
وتنتهك حرماته وتدمر مساجده وتحرق مصاحفه وتكتب عبارات الكفر والشرك على جدران
المساجد والشوارع .
لم يطل
الأمر طويلا ولم تتجاوز الساعة التاسعة صباحا حتى ظهر لنا الخبر العاجل على شاشة
التلفاز بانتهاك عصابات الطاغية وحاشيته المجرمة لهدنتها التي أعلنها وذلك بإطلاق الرصاص على المصلين في صلاة العيد داخل
المساجد ، وقذيفة تسقط على مسجد خلفت العديد من الإصابات ، وإطلاق نار عشوائي على
مشيعي شهداء الأمس ... وغيرها.
هذه هي
الهدنة التي أعلن عنها نظام الدجل والخداع ينتهكها في أول ساعة من أول يوم من أيام
عيد الأضحى المبارك ضد أبناء الشعب السوري الأحرار الذين ذهبوا لصلاة العيد
فأمطرهم المجرم من أزلام الطاغيه بنيران بنادقهم ورشاشاتهم الغادرة .
خرقت
الهدنة من الطاغية وعصاباته في جميع أنحاء سورية ومحافظاتها ، ومع نهاية اليوم
الأول من الهدنة ، بلغت عدد الخروق من عصابات بشار أكثر من (220) خرقا موزعا على
كل المحافظات والمناطق السورية ، واستخدمت فيه جميع أنواع الأسلحة الخفيفة
والثقيلة من رشاشات وهاونات بعيدة المدى عيار (130) ومدافع وصواريخ وطائرات حوامة
(هليوكوبتر) وطائرات حربية ، وراح ضحية هذه الانتهاكات أكثر من مائة مواطن سوري مع
اعتقال أهالي ومدنيين وخطف نساء .
كل هذا
الإجرام والخروقات تحدث في اليوم الأول ولا حاجة لمتابعة الهدنة بعد اليوم الأول
ورصد الخروقات ما دامت الانتهاكات قد وصلت في اليوم الأول إلى هذا الحد ، ولأننا
نتعامل مع عصابة لا قيم لها ولا مبدأ ، ولا عهد ولا أخلاق عندها : ( لا يرقبون في
مؤمن إلاّ ولا ذمة ) .
هذه هي
هدية العيد التي يقدمها حاكم الشام وطاغيتها إلى شعب سورية الحر الأبي ، هذه هدية
الراعي إلى الرعية .... هذه هدية الهدنة والإصلاحات ... هذه هدية المقاومة
والممانعة ... وعلام تستغرب مثل هذه الهدايا ونحن نعلم كيف يقاوم نظام بشار
وعصاباته ويمانع ضد أحرار شعبه ويحرس حدود عدوه المحتل لأرضه ومقدساته؟!.
ذكرتني
هذه العيدية التي قدمها الطاغية لأحرار الشعب في أول يوم ، لا بل في أول ساعة –
ولا ندري كم سيقدم بعدها من هدايا وعيديات للشعب الأبي المصابرفي الساعات والأيام
القادمة – ذكرني ذلك ببعض الحكام الذين ينزلون إلى الشوارع للإلتحام مع مواطنيهم ،
ويفتحون قصورهم وصدورهم لأبناء شعبهم في العيد ، بعد أن يقوموا مع وزرائهم ومسؤوليهم
بزيارات لبيوت الفقراء والمساكين لمواساتهم والمسح على رؤوس أطفالهم ، ذكرني بما
يقدمه الحاكم الوطني لأبناء شعبه من إصلاحات وزيادة مرتبات وحوافز وإكراميات ومرتب
شهر إضافي ، ذكرني بالعفو عن المسجونين وإطلاق سراح المعتقلين ليفرحوا بالعيد بين
أهليهم وأولادهم ..... ذكرني ... وذكرني .... وما أكثر ما ذكرني ذلك .
إن شعبنا
الحر الأبي لا ينتظر من سفاح مجرم جزار خيرا ولا يتوقع منه معروفا ، فإنه يعرف
تماما طبيعة هذا الطاغية المتعطش للدماء وما يحمل بين جنباته من حقد أسود على
الشرفاء ، ومشاعر عارمة بالطائفية النتنة تلتهب بين جنبيه الخبيثين على شعب سورية
وأحرارها الأبطال .
إن شعبنا
السوري المنكوب والمصابر في الداخل والمهجّر في الخارج قد عرف لؤم هذا الطاغوت
وخسته ، ووعى عقده النفسية وهلوسته ، وعاني من عسفه وإجرامه ، لذا فإنه لا يتوقع
منه غير التآمر ضدالشعب بميلشيات أجنبية طائفية حاقدة وأخرى مرتزقة ، جلبها
للإنتقام من شعبه الذي لفظه وطالب بإسقاطه وإزاحته مع جميع زبانيته وحواشيه من
المجرمين والفاسدين والساقطين والتافهين الذين شاركوا هذا الطاغية المستبد في
مجازره ، ومن قبل ذلك قاموا بسرقة أموال الشعب ومقدرات الأمة .
لقد
أعلنها شعبنا الحر البطل أن لا مكان لهذا الطاغوت المجرم وزبانيته القتلة في سورية
وقد حشدوا لذلك كل ما يملكون من نفس ونفيس لإزالته مهما أوغل في إجرامه ، ومهما
تمادت فارس وحاشية الهالكي ومليشيات نصر اللات في دعمه ، ومهما تهافتت روسيا
ودجالها لافروف على إبقائه ... ومهما حرك اللوبي اليهودي أذنابه للضغط هنا وهناك
لضمان استمراربشار ملكا لإسرائيل وحاميا لحدودها ... ومهما تآمر الغرب والمجتمع الدولي
ومنظماته الهزيلة بمنح هذا النظام المجرم الفرصة تلو الأخرى للقضاء على الثورة
وإبادة الشعب السوري وتدمير البلاد والعباد ...
لقد صمم الشعب
السوري وآلى على نفسه على إسقاط الطاغية ومحاكمة رموزه ومحاسبة كل من شارك الطاغية
وخذل الشعب ... ولقد حشد الشعب الحر لهذه المعركة كل الأحرار والشرفاء من أبنائه
الأباة ... لقد أيقن أنها معركة مصير... موت أو حياة , وأن مجرد التردد أو إعادة
التفكيرفي هذا الأمر هو انتحار بكل معنى الكلمة ، انتحار لشرفاء سورية وأحرارها
وانتحار لشعب سورية .... وانتحار لسورية ... سورية البطولة والشرف والعزة والكرامة
والإباء ، ولا مجال لاستعادة كرامة الأمة واسترداد حريتها المصادرة من المستبدين
الأوغاد إلا بخوض معركة الشرف والكرامة المقدسة لكامل شرفاء الشعب السوري حتى يسقط
هذا الطاغية المجرم وجميع عصاباته وحاشيته الفاسدين وتعود سورية حرة عزيزة كريمة
أبية ، يحكمها الشرفاء ويسودها العدل وترفرف رايات الحرية فوق جميع ربوعها عالية خفاقة .
م. محمد
حسن فقيه
الجمعة /
عيد الأضحى المبارك
26 / 10
/ 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق