.. ويحدثنا تاريخ الاستعمار أن للمستعمر
أساليب منوعة يسلكها لتحقيق أغراضه الشريرة ، فهو معلم في فنون الدهاء والنفاق
واللف والدوران ، ومن صور ذلك مثلاً أن المستعمر قد يرد إحسان الخائن لبلده بأحسن
منه حتى يكسب ثقته ، حتى إذا آنس من الخائن غفلة انقض عليه فأرسله إلى خلف الشمس
كما يقولون !
ويبلغ من دهاء المستعمر أنه يستطيع تغيير
جلده مراراً وتكراراً كما تفعل الحية ، وذلك بحسب الغاية التي يريد تحقيقها ، فتجده
يظهر للمتعاونين معه من الخونة كل المودة والمحبة والتعاطف ، حتى إذا اهتبل منهم
فرصة لدغهم لدغة سامة تنهي وجودهم!
وأدهى من هذا أن المستعمر يستطيع أن يغير
لونه بسهولة وسرعة كما تفعل الحرباء، فيصيب الخونة وضعاف النفوس بعمى الألوان
، فلا يعودون يرون منه إلا الوجه الخير ، حتى إذا حانت الفرصة عاد إلى لونه القاتم
الحقيقي فقادهم إلى الهلاك !
ودهاء المستعمر لا ينحصر في التعاون مع
الخونة ، فهو قد يفسح مجالات عديدة وواسعة لبعض المخلصين من أبناء الوطن ليكسب
ثقتهم ، فتنطلي عليهم هذه الحيلة بسبب طيبة قلوبهم وسلامة طويتهم ، فتراهم يقدمون له
العون والتأييد بلا حدود ، ذاهلين عن طبيعته المجبولة على الغدر ، وقد لا يترددون
بتقديم أرواحهم في سبيل ذلك ، وحين يدرك المستعمر أنهم قد أنهكوا أزاحهم عن الطريق
وقدم عملاءه لقيادة السفينة !
ويبلغ من دهاء المستعمر أنه لا يمدك بمساعدة
إلا بعد أن يستوثق من أنه سوف يعوضها منك أضعافاً مضاعفة ، ما يعني أن العدو لا
يمكن أن يكون حريصاً على مصلحتك ما لم تكن أنت الحريص عليها !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق