على الرغم من
كل الصور الصادمة الصادرة عن القمع المنقطع النظير من قبل عصابات الأسد خلال
العشرين شهرا الماضية من عمر الثورة السورية ، وعلى الرغم من أن القوات الأسدية لم
يبق لها شيء تستطيع فعله إلا وفعلته ، ما تزال فئة من الشعب السوري في المنطقة
الوسطى!!!.
وعلى الرغم من
كل الانتصارات التي يحققها ابناءنا الأحرار ، مازالت فئة من الشعب السوري حتى هذه
اللحظة تشكك في نصر هذه الثورة وتحاول جاهدة البقاء في المنطقة الرمادية!!!.
كلنا يقول أن آثار هذا القتل والتخريب لا يمكن
أن تصدر سوى عن أناس طائفيين، إذْ يتمُّ ذبحُ
الشّعبِ السّوريّ، بسكّينٍ طائفيّ، وقذيفةٍ طائفيّة، وصاروخٍ طائفيّ، وبرميلٍ طائفيّ،
وعناصر بشريّة طائفيّة، وقيادة طائفيّة، واضطهاد طائفيّ، وضغط خارجي طائفيّ، واصطفاف
اقليمي طائفيّ، لكن بعد أن ينقشع غبار المعارك، وتنكشف وجوه المقاتلين، تجد تفسير
لكل الأسئلة ، عدى سؤال وحيد؛ يثير لديك الكثير من الأوجــــاع .. !!!
من الذي قام
بكل تلك الجرائم؟...، هل هم الطائفيون
فقط؟...، أم أن جزءا مهما منهم هم من أبنائنا ، وإخواننا، وأقاربنا ، وأولاد جلدتنا!!!...
خاصة عندمــــــــا
يتم أســـر عدد من العسكريين المنضمين تحت كتائب الأسد؛ ويتم التحقيق معهم ؛ نجد أنّ
فيهم من مــدن منكـــوبة كحمــص وحلـــب وحمــاة والديــر إلى آخر تلك المناطق المدمرة،
والتي أصبحت لا تعد ولا تحصى!؛...
نســـتغــرب أشـــد
الإستغراب ...
ونعود لنتساءل
: مـــاذا يفعـــل هؤلاء بيـــن قتلـــة أطفـــالهم وأمهاتـهــم وآبائهم وعشيرتهم
وقريتهم؟.. !!!.
كيـــف ترك
هؤلاء بشار وأزلامه يسوقوهم كالأغنـــام لما يسمى بالخدمة العسكرية وهي خدمة لعصابات
الاسد؟...!!!.
كيف يستطيع من
يدعي الدفاع عن شرف الأمه وأصالتها أن يشترك في قتل الأطفال وذبحهم؟...!!!.
كيف أكون
ثائرا وأسمح لأخي وابني وابن أخي وجاري أن يبقى في جيش العصابة الأسدية ليقتلني؟..!!!.
لماذا لم أستطع
بعد عشرين شهر من عمر الثورة أن أقنع أهلي بالانشقاق عن جيش الاسد؟..!!!.
عندما كنت
أسأل بعض الثوار عن خاصتهم التي مازالت ضمن كتائب الأسد ، أو في وظائف تقدم الدعم
اللوجستي لهم ؛ يبادرك بقوله تعالى : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ
اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء }[56] القصص ،
وكأنه بهذا يريد
التخلص منك ، والاستسلام للأمر الواقع ، وتركهم على ما هم عليه بهذه الحجة ! فهل تسوغ
، وتصح حجتُه ؟
أيضا نجد أن
الكثير من السوريين يريدون في هذه المرحلة أن يكونوا في المنطقة الوسطى، ويضمنوا
خط الرجعة في حال بقاء الأسد على سدة الحكم ، فهم من جهة متعاطفين مع الثورة وقد
يكونوا منخرطين فيها؛ لكنهم لا يقبلون أن ينشق أخ لهم من الجيش الأسدي .
وإن صُدِمتَ بمقتل أحد أقاربهم وهو يؤدي مهمة
قتالية أو مساعدة لوجستية ، يبادرك بذكر مناقب ذاك الرجل وأنه متعاطف مع الثورة
ويصلي ويصوم !.
فهل يكفي ذلك
لتزكيته!!! ... حتى وإن بقي مع النظام ، أو أعانه على جرائمه؟!.
إن الهداية و توفيق العمل ، وخلق الإيمان في القلب؛
كل هذه لا يملكها إلا الله وهذا هو المراد بالآية السابقة {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ
أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [56] القصص
والمراد بقوله
تعالى {مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } [186] الأعراف
وقوله تعالى {إِن
تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُهْدَى مَن يُضِلُّ }[37 النحل] في قراءة
نافع، وابن كثير ، وأبي عمرو ، وابن عامر .
وقوله تعالى {أَفَأَنتَ
تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (40)
سورة الزخرف .
وقوله تعالى {قُلْ
هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ
أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ
أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (35) سورة يونس
وقوله تعالى {بَلِ
اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ
اللَّهُ ..} (29) سورة الروم .
وقوله تعالى {أَفَرَأَيْتَ
مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23) سورة الجاثية .
أما هؤلاء فقد
غابت عنهم مسألة السجان للإمام أحمد بن حنبل ، عندما سأله : هل أنا من أعوان الظلمة
فقال له: لا لست من أعوان الظلمة، إنما أعوان الظلمة من يخيطوا لك ثوبك، من يطهو لك
طعامك، من يساعدك في كذا، أما أنت فمن الظلمة أنفسهم.
أيضا غابت
عنهم مسألة الخياط لسفيان الثوري عندما قال: إني رجل أخيط ثياب السلطان هل أنا من أعوان
الظلمة؟. فقال سفيان بل أنت من الظلمة أنفسهم ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة
والخيوط.
لذلك نقول :
اليوم لا يـــوجد منطقـــة وسطــى بيـــن أن نكـــون مـــع الــوطــــن والحــــق
... وبيـــن أن نكــــون مـــع الطغاة والظالمين.
يجــــب أن نعمل
جاهدين على تعريف ابني وابنك ... أخــــي وأخـــوك ، ابـــن عمي وابن عمك، صديقي وصديقك
، أنه لا يجوز أن يقبلوا أن يبقوا ســـاعة واحـــدة بيـــن صفــوف قتلـــة أهلهم..!!!؟؟؟
فلا عـــــــــذر
الــــيــــوم لأحـــــــد ، فالنصــر بـــات قــريب بإذن الواحــد الأحـــد ولا ندري كيــف ستـــواجهـــون ما بقي من إخـــوتـــكم؛ وهـم
يَدعـــون علــى مــن قتـــل آبائهم ... الذيــن هم آباؤكــم!!!.
إذاً هل سيبقى
إعلامُ الثّورةِ السّوريّة، غافلا عن بقاء تلك الفئة من الشّعب السوري في المنطقة
الوسطى ؟...
وهل سيبقى من يدينون لهم بالولاء يرتكبون الجرائم
بحق أهلهم لصالح هذه الطغمة الحاكمة؟....
وهل ننتظر النصر من الله ونحن لا نستطيع نصر أنفسنا
؟...
سؤال أدعه في
عهدة جميع المنتمين للثورة السورية !!!...
الدكتور حسان
الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق