الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-10-17

المثقفين وموقفهم من الثورة – بقلم: أبو علي الكياري


لقد عشت دهرا" أتابع  المثقفين من مقهى إلى أخر  ومن مركز ثقافي إلى أخر  ابحث عما يروي ضمئي  ليس للمعرفة وإنما لموقف كان فيها هو مايحاسب عليه النظام , وهو  واعني الموقف من يدخلك جنات النظام ونعيمه , أو جهنم التي أعدها لمعارضيه بالفكر , كنت ابحث عن هؤلاء  وحقيقة الأمر ابحث عن نفسي , أفتش عن ذاتي في كلام احدهم في صمته في دخان سيجارته أهز رأسي أحيانا" بالإعجاب عندما تلوح لي فكرة جديدة , جملة جديدة أرى فيها جرئه وخرق للصمت  أرى فيه مفكر بحق يرى الأحداث ويبصر الأشياء .

لقد كونت صداقات رهيبة معهم وكان يعجبهم صمتي  واستماعي اللامتناهي لهم  ولربما هم أيضا" يبحثون عني ليجدوا من يسمعهم  وبهذا الحس العالي من الصمت ودون المشاركة في الحديث إلا بتعليقات  صغيرة مقتضبة , وحقيقة الأمر أنا لم اصمت حبا" بالصمت , أو إعجابا" بأقوالهم التي اغلبها حفظتها عن ظهر قلب , ولكن تناول الاركيله ومحاولة الاستمتاع  بها  يمنعك من الحديث والتعقيب على كل قول لهم .
انطلقت الثورة في درعا وكان الرد قاسي وعنيف بل مرعب , ومرة أخرى اجلس مع هؤلاء  وهذه المرة الأمر واضح الثورة السورية وقد مضى عليها  41 يوما" ونصف اليوم   , كنت حريصا" على عد أيامها يوما" يوما" , على عد شهدائها  وحفظ أسمائهم معتقدا" أن الأيام  ستكون قليلة  وحتى سوف أحفظ أسماء الجمع دون نسيان والشهداء سيكونون كذلك لذلك جهدت في حفظهم .


اجلس مع هؤلاء وتتضارب المواقف  ويحتدم الصراع وهذه المرة بين المثقفين , مابين مؤيد للنظام يرى أن أطفال درعا  وخروجهم هو مؤامرة , وبين القلة الباقية من المثقفين المؤيدين للثورة , أو لعله خوفهم من احد المثقفين من الطائفة الملكية ,الذي كان يجعر بصوت عالي ليسمع كل من في المقهى مايعتقد وليلزم البقية بالصمت كالعادة متجردا من ذلك القناع الثقافي الحضاري  ومحاورة الأخر  فلا حوار عندما يتعلق الأمر بالسلطة, والى الآن استغرب من المثقفين الذين كانوا من أكثر الناس استياء" من نظام الحكم وإدارة الدولة وقمع الحريات  أن تجد أكثر هؤلاء مؤيدين فأي فكر كانوا يحملون أم إنهم يخبئوا جبنهم وخوفهم خلف ستار الحكمة والعقلانية .

ادونيس شاعرنا الكبير وهو من المفكرين ذوي الفكر المتحرر جدا"  انحاز إلى الطائفة على انحيازه للوطن , وكم كنت أتمنى أن يكون الماغوط ونزار قباني إحياء لأرى موقفهم لأسمع كلماتهم ولربما أيضا" وأيضا" صدمنا بهم  ولكن الأقدار سمحت لهم أن يبقوا في ذاكرتنا من عظماء الوطن في وطن جعل منه بشار عظام .
ابو علي الكياري 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق