الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-03-29

أنا غير مقتنع ! - بقلم: د.أحمد محمد كنعان

 في حواراتنا الفكرية كثيراً ما نسمع من يرد على طروحاتنا قائلاً : أنا غير مقتنع ! وهذا يرجع إما لضعف الحجج التي نقدمها له، أو لأننا لا نحسن مهارات الإقناع، وهو الأغلب، ونعني بالإقناع تغيير بعض ما يؤمن به الآخرون وجعلهم يعتقدون بما نعتقد به نحن، وتحقيق هذا الهدف يحتاج إلى مهارات خاصة في التواصل، فليس من السهل تغيير قناعات الآخرين، لاسيما منها ما يتعلق بالمعتقدات، وبخاصة منها المعتقدات الدينية .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مفهوم الإقناع قد يخالطه بعض المفاهيم التي تسيء له، مثل الخداع والتدليس والكذب واللف والدروان، فنحن لسنا بحاجة لمثل هذه الأساليب الملتوية من أجل إقناع الآخرين بأفكارنا، بل الأجدى أن نعرض الحقائق التي نؤمن بها عرضاً سهلاً مبسطاً، مع أدلتها العلمية، وبعض الشواهد التي تؤيدها، والحرص على الحياد والموضوعية في عرضنا، فهذه العاناصر وهذا يقوي طرحنا، ويكسبنا ثقة الطرف المحاور .


وعلينا أن نتجنب الظهور بمظهر من يفرض أفكاره على الطرف الآخرين فرضاً، لأن ذلك قد يدفعهم للانسحاب من الحوار، ورفض طروحاتنا جملة وتفصيلاً، وحتى لو ظهر لنا أنهم اقتنعوا بطروحاتنا فالغالب أنهم يفعلون ذلك ظاهراً فقط لكي يتخلصوا من الموقف، دون أن يكونوا قد اقتنعوا بالفعل بما طرحناه !
ومن المهم أن نتدرج بالحوار نحو الهدف الذي نريد، شيئاً فشيئاً، وكلما شعرنا أن الآخرين اقتربوا مما نطرحه انتقلنا بهم إلى الخطوة التالية، مع الحرص على مخاطبتهم بكل احترام، وتجنب تسفيه أفكارهم، حتى وإن كانوا صغار السن، أو كانوا أقل منا في الدرجة العلمية، أو حتى أميين، فكم من أميّ يمتاز بعقلية فذة ورأي حكيم يستفاد منه .
ومع كل ما قدمناه ينبغي أن نكون على قناعة بأن عملية الإقناع ليست عملية سهلة، فلا يكفي أن تقول الحق لكي يقتنع الطرف الآخر بما تطرحه، فإن للإقناع وسائل واستراتيجيات ومتطلبات لابد من توفيرها لاكتساب المهارة التي تجعلنا قادرين على الإقناع الفعلي، ونوجز ذلك في الفقرات الآتية :
·      قبل بدء الحوار اجمع ما تستطيع جمعه من معلومات عن الطرف الآخر، لكي تكون لديك فكرة كافية عن طريقة تفكيره، مستواه العلمي، توجهاته الفكرية، فهذا يساعدك بوضع خطة مناسبة للتأثير فيه وتغيير قناعاته .
·      اختر المكان والتوقيت المناسبين للحوار، وعليك أن تكون في أحسن حالاتك النفسية عند بدء الحوار، أما الطرف الآخر فلعل الأجدى أن تبدأ معه الحوار بعد طلب منه لأنه يكون في هذه الحالة أكثر استعداداً لسماعك، وتقبل الأفكار التي تعرضها .
·      تذكر أن الإقناع يكتسب قوته مما تعرضه من حقائق مدعمة بالأدلة، وكلما كانت الأدلة التي تستشهد بها قوية كنت أقدر على الإقناع، ومن ذلك مثلاً الاستشهاد بآراء الخبراء، وعرض الإحصائيات، ونتائج البحوث المتعلقة بموضوع الحوار، وغير ذلك مما يقوي طروحاتك ويجعل الخصم غير قادر على دحضها .
·      حدد الهدف الذي تريد تحقيقه، واحرص أن يكون هدفاً واقعياً تتقبله العقول السليمة، وإلا فلا طائل من الحوار، ولا أمل في إقناع الآخر بأهداف أو أفكار معلقة في الهواء .
·      حدد الفكرة التي تريد مناقشتها مع الطرف الآخر، وتأكد أنكما متفقان على معناها، فكثيراً ما تختلط المصطلحات والمفاهيم ويكون الحوار بين الطرفين أشبه بحوار طرشان، كما يقول المثل .
·      تجنب الخداع والكذب والتدليس لأنها وسائل سريعاً ما ينكشف للطرف الآخر فتجعله يرفض كل ما عرضته عليه وحاولت إقناعه به، والغالب أن يدفعه ذلك للتمسك بأفكاره التي تحاول تغييرها مهما كانت خاطئة أو مشوهة أو مضللة .
·      تجنب التعقيد في طروحاتك، واعرضها ببساطة ووضوح، وبعبارات سهلة تراعي فيها المستوى الفكري للطرف الآخر ( خاطبوا الناس على قدر عقولهم ) .
·      ركز أفكارك في إطار الموضوع الذي تناقشه مع الطرف الآخر، وكن حاضر البديهة، واثقاً من نفسك، غير متردد في طرح ما تريد إقناع الطرف الآخر به .
·      اصغ للطرف الآخر، دعه يطرح كل ما عنده، تجنب تسفيه أفكاره، أظهر له احترامك لكل ما يطرحه مهما رأيته غريباً أو شاذاً أو خاطئاً .
·      لا تقاطع محاورك إلا إذا خرج عن موضوع النقاش الذي اتفقتما عليه، أو تجاوز الزمن المتفق عليه لطرح كل منكما أفكاره .
·      ترفق بمن تحاوره ( فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ) ولا تحاول الضغط عليه أو استغلال ضعف حجته بفرض أفكارك عليه، وتدرج معه شيئاً فشيئاً حتى تصل به إلى الغاية التي تريد .
·      احرص على إشعار الطرف الآخر بأن ما تعرضه من أفكار هو لصالحه .
·      رتب أفكارك بشكل جيد، وركز على الفكرة الرئيسية التي تود إقناع الآخر بها، وابدأ بالأهم الذي تمتلك عليه الدليل القوي .
·      قد ينفع مع الطرف الآخر تحريك مشاعره وعواطفه لكسب المزيد من تأييده لطروحاتك، ولكن تجنب التهويل فقد يقضي على حجتك في مهدها .
·      تذكر أن إيراد بعض القصص والحكايات والأمثلة يمكن أن يساهم كثيراً في إقناع الطرف الآخر .
وبعد عزيز القارئ .. هل اقتنعت بما عرضته عليك ؟ أرجو ذلك .
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق