وهو يمشي في الطريق بثيابه الرثة وشعره الأشعث
الأغبر عندما سمع شخصاً ينده باسمه ويقول له تعالى واشرب الخمر معنا
عقلاء يدعون مجنوناً
للمشاركة في احتساء الخمر ويرفض الدعوة بالقول أنتم تشربون الخمر لتصبحوا مجانين ولا
يمكنني شرب الخمر حتى لا أفقد عقلي وأصبح مثلكم
فشارب الخمر يسعى في شربه
ليعزل نفسه عن الحياة ويعيش في عالم اللامعقول , بينما المجنون وفي غالب الأحوال ,
قد تعلق بفكرة أو مشروع أو نظرية تنتمي
للحياة المعقولة , ولكن العوامل المحيطة منعته من تحقيقها فجن بسببها, فهو لم يدفع
المال حتى يفقد عقله ,وإنما نظرته الثاقبة
والمتقدة وقيمه الأخلاقية الرفيعة لم تجد لها مكاناً في محيطه , فالذي أفقده عقله
على ضياع تلك القيم , بينما الآخرون يشترون الجنون حتى تنحدر القيم الأخلاقية النبيلة
عندهم إلى الحضيض
فقد تميز الإنسان بالعقل
عن سائر المخلوقات , والعقل مهمته هو الحكم والتحكم بالإرادة والسلوك وتحليل الظواهر إلى مكوناتها والبحث عن الصالح
فيها وعزل الساقط منها
فلو أسقطنا المنطق أعلاه
على ماحصل ويحصل في سوريا , وبحثنا عن العاقل والمجنون في العناصر المؤثرة فيها,
بشكل مباشر أو غير مباشر, وعندها بالتأكيد فإن العاقل وصاحب العقل والذي لم يستخدم
مؤثراً خارجياً على عقله سيحكم على عناصرها البشرية بالقول :
هذا هو المجنون بعينه وذلك
هو العاقل
حكم الطرف الأول الشعب
فترة طويلة بدكتاتورية مطلقة وحكم شمولي
بطائفية مقيتة تتمتع بامتيازات كاملة على حساب طائفة تمثل الغالبية من الناس,
واستخدمت كل وسائل القمع والإجرام وسيشهد التاريخ على أن نظام الأسد كانت بقعة
سوداء كاملة في حياة شعب لم يتورع عن استخدام كل وسائل العهر والإجرام ضد الشعب
الذي حكمه ويحكمه بالحديد والنار
الطرف الآخر أراد أن يخرج
من الظلام إلى النور والذي أفقد عقله النظام الحاكم بالخمر والعهر, وفي القتل
والفقر والتدمير والتهجير , فكان القول العام لقد حان الوقت لهذه العقول أن تحكم
على أفعالها وتصرفاتها في حرية الإنسان التي يسعى إليها دائماً في نطاقها الأخلاقي
, فلقد استوْرد الحاكم ومن معه كل أنواع المخدرات والمشروبات من إيران وروسيا
وطلبوا من الناس الانضمام إليهم بعد أن تعافوا من الجنون , فالشعب يطلب من النظام
التخلي عن جنونه وهو يدعوهم إلى الجنون , ولكن الدعوة فشلت فاستخدم كل مايملك من
قوة للقضاء على العقلاء , وعندما فشل في جعل الثائرين يسكرون معه ,استخدم قوته
فسقط معظم مواليه صريعاً ,عندها سلم رقبته وروحه للفودكا الروسية والحشيش الفارسي ,وقال
لهم اقتلوا الجميع ولكن بشرط أن يبقى عقلي مغيباً , فهو الحالم باللامعقول ,والموالين
له بين قتيل وجريح ومشرد ,والموت يحيط فيهم من كل مكان
ودخل بين طيات الشعب
الثائر أنواع متعددة من الخمور , ومتعددة المنشأ ليتحول الصراع بينهم فكل مجموعة
بما تملك من مغيبات العقل تميل لمنتجها , ونسي الجميع الهدف , وكل صاحب حانة يسعى
للقضاء على رواد الحانات الأخرى , والصراع
يدور في الحانات والحانات كثيرة , وأصبح
الحال على منوال اللفظ (يقول قائل لآخر بقصد الشتيمة لقد وجدتك في الحانة تسكر
وتعربد , فيرد عليه الآخر وهل كنت تصلي في الحانة حتى شاهدتني فيها ؟؟)
ولن ينتصر إلا الذي رفض
الدعوة للسُّكر ولو كان بنظر أولئك هو المجنون.
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق