هناك سؤال قابع في داخلي منذ زمن ليس بالقصير ولا البعيد , ولكن قد يكون كامناً ضمن جيناتي المتتابعة عبر ستة عشر جيلاً من أجدادي , وحان الآن أن يخرج على العلن هو سؤال لكل شخص يسكن في ميدان ثقافتي ولغتي على العموم وعلى الخصوص في بلدي ووطني سوريا
أسألك يابن بلدي السوري إلى من
تنتم أنت ؟
أمن نسل شيطان أم من نسل جن أم من
نسل إنسان ؟
قبل الإجابة عن أي سؤال لابد من
التوضيح
أركان الدولة ثلاثة : الأرض
والشعب والسلطة
فالأرض موجودة والشعب موجود
والسلطة غائبة , والسلطة بحد ذاتها هي المنظمة لحياة الناس وهي المدافعة عن الحدود
وهي الحامية للناس من شرور بعضهم , فعندما كانت السلطة موجودة والقانون موجود تكون
عندها الأخلاق دناءتها أو رقيها مرتبطة بمدى التكيف مع القوانين الموجودة والكل
عندها يسعى لكسب ود السلطة والسلطان الموجود في البلاد , المهم أن يجد الشخص مهما
كانت أخلاقه منحطة غطاءاً قانونياً يحميه من المحاسبة .
وعند انعدام السلطة وغياب الغطاء القانوني
فقانون الغاب يكون السائد وقتها والقوي يأكل الضعيف وتضيع فضائل الأخلاق يحيث تصبح
بقعاً بيضاء مبعثرة في جسم أسود .
لنعد الآن لواقع الشعب السوري
ونغوص عميقاً في أخلاقه , ويهمنا في المقام الأول علاقة السوري بالسلطة , فالمواطن
السوري كان محكوماً بالقبضة الأمنية المخابراتية , والمواطن عندما يستطيع أن يكون
عنصراً أمنياً أو خادما مطيعاً أو مالئاً لكروش لاتملأ أبداً , عندها كل المسالك تكون
مفتوحة أمامه ولا يهم إن كانت تلك المسالك لها علاقة بالأخلاق أو من عدمه , وكلما
كان العمل ضاراً وبعيداً عن الضمير كلما ارتفعت مكانة السالك مقاماً عند السلطة ,
والسلطة رعت ودعمت الفساد الخلقي والأخلاقي , وزرعت جواسيسها في كل زاوية , بحيث
نزعت الثقة وزعزعت الثقة بين العائلة الصغيرة لتمتد على كامل المجتمع السوري
ورد في كتاب (ألن جورج 2003) في
سوريا لاخبز ولا حرية , أن عدد ضباط الأمن في سوريا هو 60.000 ألف ضابط من أصل
تسعة عشر مليونا , وهؤلاء الضباط يتبعهم الآلاف من عناصر الأمن والآلاف من
المخبرين المدنيين , فالذي يبيع نفسه للمخابرات على حساب ضميره وأخلاقه فلن يتحول
بين يوم وليلة إلى إنسان
من هذه التركيبة للمجتمع السوري
خرجت الثورة السورية , وعندما انطلقت تلك الثورة عارضها غالبية الآباء , ولكن
جيلاً من الأطفال والشباب أصروا على الإستمرار فيها
إن المحرك الآن وفي غياب السلطة
هو القانون الأخلاقي الذي بُنيَ عليه , ودينه وضميره , فمن ينتمي لهذه البنية نقول
عنه الثائر والمناضل والمجاهد الحقيقي وفيما عدا ذلك لايمت إلى الثورة ولا
المجاهدين بصلة .
فالثورة لن تنتصر إلا بهؤلاء
العينة وهنا يمكننا القول هؤلاء هم البشر الحقيقيون وفيما عدا ذلك فهم جن وشياطين ومنافقين
وقردة وخنازير .
ولكن هؤلاء الذين جعلوا الثورة
مستمرة في عطائها يحتاجون منا للبحث عن سلطة خيرة تجمع بين النقاط البيض لتطغى في
طغيانها على الجسم الأسود الممتد على كامل التراب السوري .
فهل من سبيل لذلك ؟
إن ظاهرة البقع البيضاء في الجسم
السوري الأسود إن هي إلا ظاهرة ناتجة عن مورثات أصيلة فيها فبها وبمورثاتها نستطيع
إيجاد السبيل .
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق