الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2014-11-20

الحل السياسي في سورية ... مبرراته، مقوماته، واحتمالات نجاحه – بقلم: د. علي محمد علي، أكاديمي سوري مستقل في 18 / 11 / 2014م

المقدمة:
   منذ تحول الثورة السورية إلى مسلحة والحديث عن الحل السياسي للمحنة السورية لا ينقطع عن ألسنة الساسة فما المقصود بالحل السياسي المنشود؟
في هذه الدراسة سوف نحاول الحديث عن هذا الحل: مبرراته، مقوماته، تصور قوى الصراع لهذا الحل، ثم الحل المنشود.  
لكن المشكلة في هذا البحث هي رؤية طرفي الصراع لهذا الحل، فهما على طرفي نقيض، ولهذا جاءت أهمية الدراسة في الموضوع؛ لأن هدفنا عرض رؤية موضوعية في كيفية إنقـاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من سـورية كياناً وإنساناً ومقدرات، بما يحفظ وحدتها أرضًاً وشعبًاً، بعيدًاً عن التفتيت الطائفي والإثني. 
وسوف نتخذ الاستقصاء والقراءة التحليلية للمواقف المتناقضة كمنهج لهذ البحث؛ لاستشراف الرؤية المنشودة.  
وفي هذا الصدد نشير إلى دراسة سابقة في هذا المجال صدرت عن المركز السوري لبحوث السياسات بعنوان: الأزمة السورية: الجذور التنموية. 


لكننا نراها قاصرة عن الإحاطة بجوانب المحنة السورية، حيث عزتها أسباباً وحلولاً لجوانب تنموية في الأساس في حين أنها مشكلة سياسية في المقام الأول، ولو أنها متعددة الأبعاد.   
ومن هنا لا بد من استقراء الواقع الميداني على الأرض، والقوى الفاعلة، والمنفعلة فيها، والمؤثرة عليها. مستعرضين مواقف القوى المؤيدة للحل السياسي ومبرراتها، والقوى المعارضة لـه، ومرتكزات معارضتهـا، استناداً للمواقف الدولية والإقليمية المعادية للثورة، ثم كيف يمكن الوصول إلى نتائج تحقق مصالح سورية شعباً وأرضاً، آخذين بعين الاعتبار المواقف السياسية والعسكرية المحلية، والإقليمية والدولية، لنخرج بنتائج عملية تكون إضاءة نافعة في طريق الخلاص لبلادنا من محنتها، ونختم بقائمة المصادر المعتمدة في هذه الدراسة.
   أولاً – الواقع الميداني السوري ومراوغات النظام:  
معلوم أن شرارة الثورة السورية بدأت في درعا إثر اعتقال خمسة عشر يافعاً بعد كتابتهم شعارات تنادي بالحرية ومنها [اجاك الدور يا دكتور] على جدار مدرستهم بتاريخ 26 فبراير 2011 م.                                                                                  ثم تبعتها دعوة على الفيسبوك للتظاهر، استجاب لها مجموعة من الناشطين يوم الثلاثاء 15 مارس عام 2011م وهذه المظاهرة ضمت شخصيات من مناطق مختلفة مثل حمص،  ودرعا، ودمشق وكانت سلمية صرفة ضد الاستبداد والقمع والفساد وكبت الحريات ، لكن رأى فيها مؤيدو النظام مؤامرة لتدمير المقاومة والممانعة ونشر الفوضى في سورية لمصلحة إسرائيل، وكانت احتجاجات الشبان السوريين انطلقت مطالبين بإصلاحات سياسية واقتصادية، واجتماعية، ورفعوا شعار [ الله، سورية، حرية وبس] ضد بشار وعائلته التي تحكمت في البلاد منذ عام 1971 بغطاء حزب البعث تحت سلطة قانون الطوارئ، فأعلن النظام أن هذه الحوادث من تنفيذ سلفيين إرهابيين؛ لزعزعة الأمن، وإقامة إمارة إسلامية في بعض أجزاء البلاد، ثم دفع قوات المخابرات، وميليشيات الشبيحة لمواجهتهم بالرصاص الحي، كما أن بثيـنة شعبان في 26 مارس 2011 م اتهمت الحراك الشعبي بأنـه يهدف إلى بث الفتنة الطائفيّة في البلاد، وهي الورقة التي طالما لعب بها النظام وخاصة وقت الأزمات، فتحوّل شعار المتظاهرين إلى : الشعب يريد إسقاط النظام .                                    واتسعت المظاهرات في 25 مارس للمرَّة الأولى لتعمَّ العشرات من المدن السورية تحت شعار «جمعة العزة» واستمرَّت بعدها بالتوسع والتمدد أسبوعاً بعد آخر.
وفي أول ظهور علني منذ بدء الاحتجاجات ألقى بشار في 31 مارس خطاباً وعد فيه بإجراء إصلاحات، لكن لم تتوقف المظاهرات، وتحت الضغط المتزايد أعلن بشار في 7 إبريل عن منح الجنسية لآلاف الأكراد في سورية بعد حرمانهم منها لعقود، وبهذا أراد أن يدق إسفيناً بين مكونات الشعب السوري؛ لتحيـيد الكرد عن الثورة. 
وفي 14 إبريل شكل حكومة جديدة بعد استقالة ناجي عطري، ثم أعلن في21 إبريل رفع حالة الطوارئ  بعد 48 عاماً متصلة من فرضها على الشعب، لكنه استبدلها بقانون مكافحة الإرهاب الأسوأ من قانون الطوارئ . وأطلق سراح بعض المعتقلين على خلفية المظاهرات في 14 إبريل.
في 25 إبريل أطلق الجيش السوري عمليَّات عسكرية واسعة النطاق في درعا ودوما هي الأولى من نوعها أدت لمقتل عشرات المواطنين جراء حصار وقصف المدينتين والقرى المحيطة بهما.
بعد أسبوع فقط اجتاح الجيش بانياس وارتكب مجزرة مروعة فيها. وبعدها بأيام اجتاح حمص مرتكباً المزيد من المجازر الوحشية.
  في 14 مايو بدأ الجيش حملة مشابهة على تلكلخ ارتكب فيها مجزرة بحق المواطنين صنَّفتها منظمة العفو الدولية بعد شهور من التردد : ما يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية .                                                                                   في 28 مايو بدأت حملة أخرى على مدينتي الرستن وتلبيسة أوقعت حوالي 100 قتيل.               وفي 3 يونيو اعتصم عشرات آلاف المتظاهرين في ساحة العاصي بمدينة حماة، ففتحت عليهم قوات الأمن النار مخلفة أكثر من 70 قتيلاً، ما عرف : بـمجزرة جمعة أطفال الحرية نسبة إلى شعار تلك الجمعة ، وتلا المجزرة بعد شهر حصار المدينة وإطلاق عمليات أمنية واسعة النطاق فيها . وابتداءً من 4 يونيو شهدت محافظة إدلب وخصوصاً مدينة جسر الشغور، ومنطقة جبل الـزاوية عمليات أخرى  وفي يوم الأحد 31 يوليو ليلة أول رمضان أطلق الجيش السوري عمليات في مدن عديدة: كحماة ،  وديـر الزور والبو كمال،  والحراك، وكان يوماً دامياً إذ راحَ ضحيته أكثر من 150 قتيلاً في تلك المدن، أكثر من مئة منهم في حماة وحدها، وتلا العمليات حصار لمدينتي حماة ودير الزور استمرَّ لأسابيع .
في 15 أغسطس بدأ الجيش والأمن عمليات عسكرية في مدينة اللاذقية أدت على مدى أربعة أيام إلى مقتل أكثر من 50 شخصاً.  
وفي أوائل شهر يونيو أُعلنَ عن تشكيل « لواء الضباط الأحرار» من العسكريين الـذين تركوا الخدمة وانحازوا للثورة تحت قيادة المقدم حسين هرموش، وتلاه الإعلان عن تشكيل الجيش السوري الحر بقيادة رياض الأسعد، وأعلنا عن عشرات العمليات ضد قوات النظام ، وفي أواسط شهر سبتمبر اتحد التشكيلان بعد اعتقال الهرموش  وكانت أول معركة حقيقية مع جيش بشار أواخر شهر سبتمبر عند اندلاع معركة الرستن وتلبيسة ، أسفرت عن مقتل العشرات من كلا الطرفين ، ثم نشأت الكتائب المقاتلة الأخرى ، وازدادت وحشية النظام ضد الشعب حتى وصل إلى استخدام كافة أنواع الأسلحة الفتاكة بما فيها الطائرات الحربية ، والصواريخ بعيدة المدى ، والبراميل المتفجرة ، فدمر المدن والبلدات السورية ، واستقدم الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية ، واليمنية ، والأفغانية  والحرس الثوري الإيراني ؛ لوأد الثورة السورية ، وقتل وسجن الآلاف من العسكريين الذين يشك بتعاطفهم مع الثورة ، حيث وجدت جثثهم بالقرب من ثكناتهم ، واتهموا الإرهابيين [ الثوار] بقتلهم ، فكثر انحياز العسكريين للثورة ، وظهرت التنظيمات المتطرفة رداً على المجازر الوحشية بحق المدنيين ، واستيراد المرتزقة الشيعة من كافة دول العالم .
ومع اشتداد المظاهرات الشعبية من جهة ، واشتداد القمع من جهة أخرى سعت المعارضة السورية لإيجاد جسم موحد يمثل الحراك الشعبي ، فعقدت أولاً مؤتمر الإنقاذ الوطني السوري ، وبعد حوالي شهرين من المناقشات تأسس المجلس الوطني السوري في 2 أكتوبر2011م  الذي اعتُرِف به ممثلاً شرعيًا للثورة السورية ، ثم خلفه جسم أوسع منه هو الائتلاف الوطني في نوفمبر 2012م  وانتخب معاذ الخطيب إمام المسجد الأموي في دمشق سابقاً رئيسا له ، واعترفت دول جامعة الدول العربية باستثناء الجزائر والعراق ولبنان بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري ، وسحبت اعترافها من حكومة بشار. في9 أغسطس أعلنت السعودية والكويت والبحرين سحب سفرائها من سورية ، وفي اليوم ذاته أصدرت الجامعة العربية أول بيان لها فيما يخص الأحداث في سورية .               
في 18 أغسطس أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، وفرنسا وألمانيا وبريطانيا ، والاتحاد الأوروبي أن بشار فقد شرعيَّته بالكامل ، وباتَ عليه التنحِّي فوراً عن الحكم                                                        في 22 أغسطس زارت أول بعثة من مجلس حقوق الإنسان البلاد، ونظمت جولات ميدانية في دمشق وحمص، في 12 سبتمبر أعلن مجلس حقوق الإنسان تشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات ومعظم الأحداث التي شهدتها البلاد، غير أن بشار رفض السماح بدخول اللجنة.  
في 4 أكتوبر تحرك مجلس الأمن الدولي ، حين قدَّمت بريطانيا وفرنسا ، وألمانيا والبرتغال مشروع قـرار يدين النظام ، ويطالبه باحترام حقوق الإنسان ، والبدء بإصلاحات سياسية ، غير أن روسيا والصين أسقطتا المشروع  فردَ بعض الناشطين السوريين باقتحام عدد من السفارات السورية في كل من بريطانيا وألمانيا والنمسا وسويسرا، في16 أكتوبر عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً في القاهرة منحوا فيه مهلة 15 يوماً للنظام لبدء حوار مع الثوار يَحل الأزمة المتفاقمة في البـلاد ، كما شكلوا لجنة وزارية هدفهـا التواصل مع النظام ؛ لوقف ما سموه أعمال العنف في سورية ، وبعد فشل الجهود السياسية تفشت عمليات القتل والتدمير والخطف والتهجير . 
  
   ثانياً - خطة جامعة الدول العربية وإرسال بعثة المراقبين العرب :
   تزامنًا مع تصاعد المواجهات العسكرية، وافق بشار في3 نوفمبر2011 على خطة جامعة الدول العربية، التي تنصّ على وقف القتال، وانسحاب الجيش من المدن، والإفراج عن السجناء السياسيين، والحوار مع المعارضة، وفي 19 ديسمبر 2011 م سمح بشار لبعثة المراقبين العرب بدخول البلاد، وكجزء من الخطة أفرج في 2 يناير 2012 م عن 552 معتقلاً سياسيّا، لكنه أحبط المبادرة بمواصلة حملته على معاقل الثوار، وقتل أكثر من 250 شخصاً خلال أقل من اسبوعين. كما أن يومي 19و20 ديسمبر ( مباشرة بعد توقيع النظام على المبادرة )  شهدا مجزرتي كفرعويد وكنصفرة  في جبل الزاوية، حيث حاصر جيش  بشار في اليوم الأول ( 72 ) جنديا فارًاً من الجيش قربَ قرية  كنصفرة وقتلهم جميعاً ، وفي اليوم التالي حوصر(160) من أهالي قرية كفر عويد والناشطين الفارين وقتلوا جميعاً .
يوم الخميس 22ديسمبر 2011 م دخلت طلائع بعثة المراقبين العرب بقيادة الجنرال السوداني محمد الدابي .  
في28 يناير 2012 علقت الجامعة العربيّة عضوية النظام؛ لعدم التزامه ببنود الخطة العربيّة ولتدهور الأوضاع الإنسانيّة، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية.                                                                                                                     
في 31/1/ 2012 طلبت جامعة الدول العربية من مجلس الأمن الدولي استصدار قرار يدعم خطتها لحل الأزمة السورية بما في ذلك دعوة بشار للتنحي ، لكن روسيا والصين أسـقطتا القرار بالفيـتو . في حين أجازتـه الجمعية العامة للأمم المتحدة على الرغم من اعتراضهما مع بعض حلفاء النظام كإيـران وكوريا الشمالية وتصويتهم ضد القرار، علماً أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يتمتع بالقوة القانونية، ولا يعتبر قراراً  ملزماً .
في 23 يناير قبل أيام من انتهاء تفويض المراقبين العرب في البلاد،  طرحت الجامعة العربية بالإجماع مبادرة جديدة لحل الأزمة في سورية، تقضي بأن تبدأ المعارضة حواراً مع النظام لتُشكل حكومة وحدة وطنية، ويُسلم بشارلاحقاً كامل صلاحياته إلى نائبه بالتعاون مع هذه الحكومة لإنهاء الأزمة . وقد رحَّب المجلس الوطني السوري بالمبادرة، غيرَ أن بشار رفضها.
في 4 فبراير استخدمت كل من روسيا والصين حق  "الفيتو" للمرة الثانية ضد قرار عربي يدين العنف في سورية، ويدعم خطة الجامعة العربية لتسوية الأوضاع ، ورد بشار باستفتاء على دستور جديد للبلاد على مقاسه، وتم اعتماده .

بدأت خطّته كمبعوث مشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية  في 11/2/ 2012 م لتسوية الأزمة السوريّة  وفي: 24 مارس 2012م توجه أنان إلى العاصمة الروسيّة موسكو في محاولة منه لتأمين الدعم الروسي لخطته التي تركزت على وقف فوري لإطلاق النار، وبدء حوار سياسي مفتوح ، كما تواصل مع مختلف الأطراف .
تتمحور خطة أنان في ثلاثة مرتكزات هامة، أولها: الإيقاف الفوري لأعمال القتل، بما يعني وقف إطلاق النار (من قبل جميع الأطراف)، وثانيها: تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع المناطق المنكوبة والمتضررة من القصف، وثالثها: تفعيل مسار سياسي تفاوضي، ينهض على حوار بين قوى من النظام ومن المعارضة، يفضي إلى تسوية سياسية، تكفل الوصول إلى نظام ديمقراطي تعددي.
وهي مرتكزات لا تكتمل مع بعضها، بل ولا يكتب لها النجاح، إلا بالاقتران مع إطلاق سراح جميع المعتقلين، واحترام وضمان حق التظاهر السلمي لكافة السوريين، والسماح لمختلف وسائل الإعلام بدخول البلاد، وضمان حرية عملها وتنقلها.
ولعلّ المرتكز الأساس هو الدخول في عملية سياسية تفاوضية شاملة، تشارك فيها جميع الأطراف السياسية، سلطة ومعارضة، بغية تحقيق تطلعات الشعب السوري المشروعة في التغيير السياسي، الأمر الذي يتطلب التزام النظام السوري بتعيين مفاوض له يتمتع بالصلاحيات والسلطة، عندما تتم دعوته من قبل المبعوث المشترك.           
المراقبون الدوليون:
بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2042 م نشرت الأمم المتحدة (300) مراقب دولي غير مسلح في سورية اعتبارا من: 12 إبريل2012م بإشراف المبعوث المشترك للجامعة العربية ومجلس الأمن كوفي أنان، للوقف الكامل للعنف المسلح، ومراقبة وقف إطلاق النار بين الثوار والنظام.  
ونص القرار على ما يلي:
يتولى المراقبون تنظيم التواصل بين أطراف النزاع، ومراقبة مدى الالتزام بتنفيذ وقف إطلاق النار.
مطالبة النظام السوري بتسهيل نشر فريق المراقبين، وضمان حرية حركتهم دون عوائق.
مطالبة جميع الأطراف بضمان سلامة البعثة، والمسؤولية الأكبر تقع على عاتق النظام.
مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بالإبلاغ عن أية عوائق تحول دون تنفيذ مهام البعثة.
مطالبة النظام السوري بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة.
إدانة كافة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل جميع الأطراف ومحاسبة المسؤولين عنها.
مطالبة النظام السوري بالوفاء بالتزاماته المتعلقة بعدم تحريك قوات عسكرية إلى داخل المدن.
وكان لافتا أن العميد النرويجي ( روبرت مود ) الذي كلف برئاسة المراقبين كان له خبرات سابقة بمراقبة وقف إطلاق النار بمناطق عديدة بينها كوسوفو ، وسريلانكا ، إلى جانب ترؤسه هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة بين إسرائيل والدول العربية المجاورة والمسماة  : United Nations Truce Supervision Organization واختصارًا ( UNTSO ) مع العلم أن هذه الهيئة أنشئت بقرار مجلس الأمن رقم 50 يوم 29 مايو 1948, ولا تزال تواصل عملها. وظل مراقبو الهدنة بالمنطقة خلال حروب 1956 و1967 و1973 رغم تغير مهماتهم، وبقوا بالمنطقة. وما زال مقر يونتسو موجودا بالقدس، ولها مكاتب تمثيلية في بيروت، ودمشق.
    وفي سورية يواصلون العمل ضمن قوة أممية لمراقبة فض الاشتباك بمرتفعات الجولان معروفة باسم أندوف. أنهى مجلس الأمن عمل بعثة المراقبين الدوليين في سورية بعد أربعة أشهر من نشرها، لعدم التزام النظام بوقف إطلاق النار، لكن المجلس وافق على إبقاء مكتب سياسي لها في دمشق.ثم استقال كوفي أنان من مهمته كمبعوث للأمم المتحدة والجامعة العربية بتاريخ 2‏/08‏/2012 م بسبب استمرار النظام في جرائمه ضد الشعب السوري حيث توجها بجريمة الكيماوي في غوطة دمشق التي راح ضحيتها أكثر من 1300 ضحية في يوم الأربعاء: 21 أغسطس 2012م، حدث الهجوم بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة المراقبين الدوليين إلى دمشق؛ لاتهام الثوار بها، ورداً على الجريمة أجبـره المجتمع الدولي على تسليم السلاح الكيماوي، ومنذ ذلك الاتفاق أطلقت يـد السفاح في جرائم القتل، والترويع بالبراميل المتفجرة، والصواريخ بعيدة المدى ؛ لتدمير المدن والبلدات، وتهجير السكان، والمئات من المجازر المروعة في داريا ومعضمية الشام ودوما وبلدات الغوطة الشرقية، ومختلف مدن البلاد.  
عُين الأخضر الإبراهيمي في أغسطس 2012م خلفاً لأنان، وكذلك استقال إثر فشل مؤتمر جنيف 2؛ الذي عقد بتاريخ 22يناير 2014 م وانتهى بتاريخ: 18‏/02‏/2014 م دون اتفاق؛ بسبب تعنت وفد بشار، ومحاولة تحويل المفاوضات من محاولة تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات إلى مناقشات حول مكافحة الإرهاب.
وفي : 10 / 7 /  2014 م عين بان كي مون - المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق - الإيطالي " ستيفان دي ميستورا " موفداً أمميا جديدا لمحاولة إنهاء الحرب في سورية خلفا للأخضر الإبراهيمي لكنه اختفى صوته في غمرة الحشد العالمي على تنظيم الدولة حتى يوم 10/11/2014 حيث زار دمشق والتقى بشار، ثم التقى محافظ حمص في اليوم التالي، ووفـد من المحاصرين في حي الوعر، وكل ما قاله : أنـه يريـد تجميـد القتال في حلب – وهذه خطة روسيا القديمة التي طبقها النظام في المصالحات مع المناطق المحاصرة أي أنـه جاء ليجهز على ما تبقى من الثـورة -  وتناسى العالم جرائم السفاح المروعة بحق الشعب السوري، بل تثبت  التقارير المسربة  تعاونهم معه بالرغم من تدميره المجتمع وتحويل أكثر من نصف الشعب السوري إلى نازحين ولاجئين، وزادت ضحايا مجازره الجماعية المروعة وحدها ( 116866) شهيداَ حتى تاريخ 30 /9/2014(1) 
  
   رابعاً - تصاعد العمل المسلّح :
شهد شهر يناير عام 2012 دخول سلاح المدفعية لأوَّل مرة إلى الميدان، حيث أصبح يُستخدم في قصف المدن المستهدفة بالحملات لاستعادتها رداً على تقدُّم الجيش الحر وسيطرته على الزبداني، وغوطة دمشق، والرستن وحمص، ومناطق في محافظة إدلب، وحلب.
في 3 فبراير 2012 م شهدت حمص مجزرة الخالدية، نتيجة القصف المتواصل على الحي، متسببة بسقوط 337 قتيلاً و1600جريحاً في ليلة واحدة. وتوسَّعت الحملة لاحقاً لتشمل أحياء باب عمرو، والبياضة، وأحياء أخرى من المدينة طوال الأسبوعين التاليين، مع متوسط يَبلغ 100 قتيل في اليوم الواحد.                                                  
وبحلول يوم الخميس 9 فبراير بلغ عدد القتلى منذ 3 فبراير الماضي عند بـدء الحملة على حمص ( 755 ) قتيلاً  بينهم أكثر من 100 طفل وامرأة .
وقبيل الذكرى السنويّة الأولى للثورة وقعت في حمص مجزرة كرم الزيتون وحي العدوية التي راح ضحيتها 47 امرأة وطفلاً، بعد أن استعاد النظام باب عمرو من أيدي الثوار.
في شهر إبريل 2012م كان أوَّل دخولٍ لسلاح الجو إلى المعركة، حيث استعملت المروحيات القتالية في استهداف القرى التي وقعت تحت سيطرة الجيش الحر بمحافظتي حلب وإدلب، وسرعان ما أصبح استعمالها نهجاً روتينياً شائعاً كما هي حال الآليات الحربية الأخرى، وأصبحت أيضاً تستخدم مروحيات النقل؛ لإلقـاء البراميل المتفجّرة من الجو على المدن، وربَّما كان غرض هذا التكتيك بالأصل توفير الذخيرة أو استغلال المروحيات بفعالية، إلا أنَّه قد نجح في نشر الرعب بين المدنيين من خلال القصف العشوائي الانتقاميٍ؛ لتدمير المدن والقرى وتهجير أهلها  في مايو 2012 م قامت المخابرات  بتفجير كبير في حي القزاز في العاصمة دمشق، الأمر الذي أدى إلى سقوط " اتفاق وقف إطلاق النار" الذي اقترحه المبعوث المشترك كوفي أنان إلى سورية .
وفي هذه الأثناء نظم بشار انتخابات مجلس الشعب الهزلية. وتلاها بأيام قليلة مجزرة الحولة في 25 أيار 2012 م والتي ذهب ضحيتها 110 أشخاص غالبيتهم من الأطفال الذين قضوا ذبحًا.
ألقى كوفي أنان، وبان كي مون اللوم على نظام بشار ، واتهماه بتنفيذ « إجراءات وحشية » مُخالفة للقانون الدولي ( 2 ) .
تلتها مجزرة التريمسة يوم الخميس 12 يوليو 2012 م، والتي راح ضحيتها 250 شخصاً على الأقل ( 3 )            
في يونيو 2012 م عقـد لقاء جنيف1 الذي توصل إلى أرضية مشتركة بين الروس والأمريكان على أساس هيئة حكم مشتركة بين المعارضة والنظام، لكن الاتفاق لم يطبق بسبب الخلاف حول دور بشار في المرحلة الانتقالية   في 15 يوليو اندلعت معركة غوطة دمشق، تلتها عملية بركان دمشق، وزلزال سورية، الذي استهدف  تفجير   مبنى الأمن القومي، وأودى بحياة عدد من أركان النظام منهم : وزير الدفاع داود راجحة ، ونائبه آصف شوكت ورئيس خلية الأزمة حسن تركماني ، وآخرون .                                                                    
ومع اشتداد المعارك وانسداد الأفق السياسي استقال كوفي أنان المبعوث المشترك، وخلفه الأخضر الإبراهيمي.
ثم بدأ استعمال الطائرات الحربية للمرة الأولى في شهر أغسطس خلال معركة حلب فكانت مجزرة إعزاز بعد غارة جوية وقعت في 15 أغسطس عام 2012 م.
اغتنم الثوار عدداً كبيرًاً من مضادات الطَّيران في معاركهم، ونجح الجيش الحر باستخدام هذه المعدات بإسقاط نحو عشرين طائرة حربية ومروحية حتى منتصف شهر نوفمبر عام 2012 م.                                                         وبحلول مطلع عام 2013 كان لدى الثوار عتادٌ ثقيل من كل الأنواع، يشمل مدافع الهاون وراجمات الصواريخ والعربات المدرعة والدبابات، وأصبحوا يعتمدون على تكتيكاتٍ متقدّمة، حيث يقومون بمحاصرة قواعد النظام مثل المطارات والمعسكرات والثكنات ثم يعزلونها ويمنعون اتّصالها بالوحدات النظامية الأخرى، ثم يقصفونها حتى تُستَنزف ويقتحمونها للاستيلاء عليها. إلا أنهم كانوا يواجهون مشاكل مع المواقع العسكرية شديدة التَّحصين بسبب الطائرات الحربية التي تقصفهم.
وتقليدًا لما حدث في اليمن وليبيا  اندلعت موجة استقالات لمسؤولين حكوميين بهدف الضغط على النظام، منهم أعضاء في مجلس الشعب ، وسفراء ، ومسئولين حزبيين، كما أعلن محمود سليمان الحاج حمد المفتش الأول في الهيئة المركزية لرئاسة الوزراء ووزارة الدفاع انشقاقه، وهو أول مدني في مثل هذا المنصب يعلن انشقاقـه بعد خروجه من سورية في إجازة رسمية، وأعلن في مؤتمر صحفي عقب انشقاقه أن كبار المسؤولين السوريين أسرى تحت مراقبة المخابرات، ولا يستطيعون الخروج إلا بمرافقات أمنية، كما أنهم ممنوعون من السفر، وأنه لو أتيح لهم لانشقوا جميعاً . ثم كان انشقاق رياض حجاب رئيس الوزراء الضربة الأكبر للنظام من بين المسئولين المنشقين.
  
   خامساً - الحرب على الإرهاب :
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الخميس السابع من نوفمبر2014م أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجه رسالة سرية إلى المرشد الأعلى للجمهورية في إيران علي خامنئي لبحث تعاون محتمل في المعركة ضد الجهاديين، في حال تم التوصل إلى اتفاق شامل في المجال النووي، مع اقتراب استحقاق 24 نوفمبر الذي حدد موعداً لإبرام اتفاق.
وأفادت الصحيفة نقلا عن أشخاص اطلعوا على النص: أن أوباما وجه الرسالة في أكتوبر إلى خامنئي ذاكرًاً ما أسماه " المعركة المشتركة " ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.
ويتم الاعتراف بشكل متزايد بأن إيران يمكن أن تلعب دوراً في إعادة الاستقرار إلى دول مثل سورية والعراق.
ورفض المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست تأكيد أو نفي هذا التقرير قائلا: لست في موقع يخولني بحث رسائل خاصة بين الرئيس وأي قائد في العالم.
وتابعت الصحيفة أن الرسالة يُعتقد أنها الرابعة التي يوجهها أوباما إلى خامنئي منذ تولي الرئيس أوباما السلطة في 2009 م. (4)
وكانت مسقط قد استضافت يوم 9/11/ 2014 جولة مفاوضات جديدة بين إيران والغرب ضمت وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون وقد انتهى بتوافق حول نقاط الخلاف الجوهرية: حول كمية اليورانيوم المسموح لإيران بتخصيبها في روسيا، وبرنامج رفع العقوبات وصلت إلى اتفاق مشترك. وقال السفير الإيراني في مسقط علي أكبر سيبويه لنطبق المثل العربي الذي يقول (ختامها مسك) في إشارة إلى توصل المفاوضات إلى مرحلة توافق.
وينتهي في 24 نوفمبر الجاري الموعد المحدد للوصول إلى الاتفاق النووي النهائي بين إيران ومجموعة (5+1) حسب وكالات الأنباء ( 5 ) .                
من جهة أخرى وبعد وصول المجتمع الدولي إلى طريق مسدود في إيجاد حل سياسي للمحنة السورية عن طريق مؤتمر جنيف 2 - عن قصد وتخطيط - تصاعد العمل العسكري في كل المناطق، وكثف حلف الشر من جرائمه بإمطار المناطق السورية بالبراميل المتفجرة، والقصف بالطائرات الحربية بقذائفها الخارقة؛ ليجعل النظام الروسي من الشعب السوري حقلاً لتجارب أسلحته الجديـدة، كما كثف ملالي إيران من إجرامهم وضخوا المزيد من أسلحتهم ومرتزقتهم ليقولوا للشعب السوري: إما القبول بالتبعية لحكم الولي الفقيه تحت غطاء وكيله السفاح  أو المزيد من القتل والتشريد، وكأن هناك سراً يعمل الجميع  بموجبه؛ لتفريغ سورية من مسلميها، وتحويلها لولاية من ولايات الملالي، وهذا واضح من تطابق مصالح محور الشر الإيراني الصهيوني - الأمريكي بحشد الجيوش والميليشيات الشيعة والكردية، بحماية الطيران الأمريكي ، وارتكابهم أفظع الجرائـم بحق المسلمين في كل من العراق، وسورية تحت غطاء مكافحة تنظيم الـدولة ، وكذلك الحملة الإعلامية العالمية الهائلة التي تصور تنظيم الـدولة وكأنه قوة عظمى سوف تغزو العالم، فبسطت قوات البشمركة سيطرتها على مناطق متنازع عليها مع بغداد، متجاهلة المادة 140 من الدستور العراقي، مدعية أن تلك المناطق جزء تاريخي من كردستان العراق
وكان من أهم تلك المناطق كركوك التي تطوي أراضيها رابع أكبر حقل نفطي في العراق، وقام البرزاني حاكم إقليم كردستان بتحويل أنابيب النفط الخاصة بكركوك عبر ربطها بخطوط النفط الخاضعة لسيطرة إقليم كردستان  
 وكان البرزاني قـد أعلن في مطلع يوليو 2014 م أنه لن يتراجع عن بسط السيطرة على المناطق المتنازع عليها بما فيها كركوك ، كما اقترح في خطابه الأخير بالبرلمان المحلي للإقليم المصادقة على قانون تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإقليم كردستان توطئة لإجراء استفتاء حول حق تقريرالمصير ، كما أنه قد جمع القوى الكردية السورية المتناحرة في الفترة الأخيرة ؛ للتوافق فيما بينهم ، ما يهيئ لإجراءات انفصالية شاملة في خضم الفوضى التي خلقها تنظيم الدولة في المنطقة ، وهنا يبدي نتنياهو ترحيبه بإعلان استقلال كردستان العراق ، حيث دعا لإضفاء الطابع الرسمي على السيادة الكردية، ووصف مسؤولان إسرائيليان بارزان في اجتماعات مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري وجود دولة كردية في شمال العراق بأنه "أمر واقع محل ترحيب " ولا يعدو هذا الموقف الإسرائيلي أن يكون محاولة للبناء على علاقات عسكرية ، واستخبارية ، واقتصادية سرية مع الأكراد ترجع لستينيات القرن الماضي في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى كسر العزلة من خلال التقارب مع الدوائر غير العربية في المنطقة ، فضلا عن تعزيز فرص تل أبيب في نيل حصة معقولة من نفط وغاز العراق بشكل عام، وكردستان بشكل خاص، وتمهيد السبيل لسيطرة شيعية جائرة ومتحالفة مع إيران على أهل السنة في العراق انطلاقاً من تصور مفاده أن التطرف الشيعي أقل خطرا على أمن ومصالح واشنطن وتل أبيب من نظيره السني .
يحصل هذا بالتزامن مع تجفيف الدعم للثوار السوريين، واتهام الكثير من فصائلهم بالإرهاب وقصفهم بالطيران وقتلهم مع المدنيين، وتدمير ما تبقى من بنية تحتية، ومصافي النفط في هذه المناطق، وحرمان الناس من أبسط مقومات الحياة، مع التركيز الإعلامي الهائل على معركة عين العرب كوباني – وهي بلدة صغيرة نسبيا ً– مع تجاهل المجرم ليقصف باقي أنحاء سورية بالأسلحة الفتاكة دون رقيب، ومع أن الجيش الحر يقاتل تنظيم الدولة في كوباني لم يُعرهُ التحالف أي اهتمام يذكر.
إن تقاعس المجتمع الدولي عن نصرة الشعب السوري، وتحركاته المنقوصة جنبًا إلى جنب مع الطبيعة الطائفية للنظامين العراقي والسوري مع وحشية جرائمهما بحق الشعبين خلق حجة لتنظيم الدولة الإسلامية لإثبات وجوده في شرق سورية وغرب العراق، ما سمح له باكتساب المزيد من الزخم، ومع الحملة الغربية الشرسة عليه أتاح له المزيد من المؤيدين الجهاديين الشباب من المنطقة، ومن مسلمي الغرب الذين يرون بأن هناك عدواناً على إخوانهم المسلمين.
يقول [ إيان بلاك ] محرر شؤون الشرق الأوسط في الغارديان: حول الحرب التي تشنها الولايات المتحدة على تنظيم الدولة، جعلت هذه الحرب بشار يشعر بالارتياح، وخاصة أنه تلقى تأكيدات من واشنطن بأن الضربات الأميركية لن تطال قواته، عن طريق سفيره الجعفري لدى الأمم المتحدة، وعن طريق الإيرانيين: وبأن باراك أوباما سيركز على التهديد الجهادي أولاً، وأنـه لا ينوي مساعدة الثوار الآخرين الذيـن يقاتلون من أجل الإطاحة بنظام بشار. ويلفت بلاك إلى أن ضربات التحالف الجوية تسببت بضحايا مدنيين كثر، بينما تركت الأسد يرتكب الجرائم دون خوف من العقاب، فهو يقوم بإسقاط البراميل المتفجرة على شعبه بوتيرة أكبر من ذي قبل، وفي مناطق قريبة من مناطق استهداف الولايات المتحدة لـتنظيم الدولة.                                                                                               
ويجد الكاتب أن المناشدات لفرض منطقة حظر طيران لا تلقى آذانا صاغية، وتنقل الصحيفة عن المحلل فيصل عيتاني قوله إن الولايات المتحدة تريد من حلفائها في سورية أن يقاتلوا عدوها وليس عدوهم، ولم تمدهم بالدعم العسكري الكافي للقيام حتى بهذه المهمة بنجاح ( 6 ) .                            
بالتناقض مع ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف: لا نريد بأي طريقة أن نضع أنفسنا في نفس الصفحة مع نظام الأسد، نظام بشار سمح لـتنظيم الدولة بأن ينمو ليصبح ما هو عليه الآن، وربما يكون النظام يقصفهم بيده اليمين، وباليد اليسرى يترك لهم المجال ليفعلوا ما يسمح لهم بالانتشار والتمدد ( 7 ).            
  
   ولكن يا ترى من هو الإرهابي الشرير؟ 
هل الشرير من شاهد المجرم يغتال شعباً برجاله ونسائه وأطفاله، ويدمر عمرانه، فأمدَّه وأعانه وسانده، أو وقف يتفرج عليه، هؤلاء - الضالون، الزائغون، الإرهابيون - هم الذين لم تحتمل قلوبهم وضمائرهم صورة الأطفال من ضحـايا السارين في غوطة دمشق فنفروا، بينما أخلـد إلى الأرض الآخرون، جاؤوا يحاولـون مقاومة الظلم فخبطوا واضطربوا وأساءوا ولم يكن كل ذلك من قصدهم ولا من إرادتهم ولا من عزمهم. هؤلاء نفروا تُحركهم بواعثهم الإنسانية الطبيعية، فوجدوا قوى الشر قـد رصدت لهم قيادات سوء اجتالتهم عن قصدهم، وحرفتهم عن مسارهم، ووظفتهم في التي لا تحسن ولا تسر، ولا تحقق هدفا، ولا تنجز غاية ...
   أنقتلهم ؟؟!! وكان الأولى بالعالم كل العالم أن يتحالف على إطفاء النار التي استنفرتهم، ووقف شلال الدم الذي استفزهم، والأخذ على يد السفاح المجرم الذي أخرجهم من أوطانهم، وانتزعهم من بين أسرهم، ومن مدارسهم وجامعاتهم، وأعمالهم ...
   أنقتلهم ؟! أليس بعد أن نكف يد المجرم الإرهابي المنصب على شعوب هذه الأمة في العراق وسورية ولبنان وأخيرًاً اليمن، وبعد أن نطفئ نار البغي التي أوقدها وكيله السفاح، وصمت عنها الصامتون ثم نرى الرأي فيهم.
بدل تناسي المجرم السفاح - بل قاموا بالتنسيق معه – الذي هو أصل الإرهاب، وسببه في المنطقة . ولكن في خضم الجريمة يبرز إصرار الرئيس التركي على ضرورة إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية بالقرب من الحدود التركية؛ لنقل اللاجئين السوريين في بلاده إليها مع فرض حظر الطيران العسكري فوق هذه المنطقة؛ لتأمين الحماية لهم في ديارهم، مع إسقاط نظام بشار؛ لأنه وراء استدراج الإرهاب إلى هـذه المنطقة  شرط ٌ للموافقة على دخول بلاده في التحالف لحرب تنظيم الدولة، ما دفع الولايات المتحدة لمماحكته، والانفتاح التدريجي على حزب الاتحاد الديمقراطي واللقاء الذي أجراه المسؤول الأميركي المكلف بالملف السوري السفير " دانيال روبنشتاين " مع مسؤولين من الحزب في باريس، وقبله اللقاء الذي جرى بين جنرال أميركي وقياديين من الحزب المذكور في منطقة سنجار بالعراق، قبل أن تقوم الطائرات الأميركية بنقل أسلحة وذخائر من إقليم كردستان إلى ميليشيات هذا الحزب في عين العرب كوباني في معركة متبادلة الفوائـد، بالرغم من أن مثل هـذه العلاقة ستشكل تحدياً للتعاون الأميركي التركي في الحرب ضد تنظيم الدولة، بل لمستقبل العلاقة بين البلدين لأسباب لها علاقة بالقضية الكردية والموقف منها.                                                                           
 لكن الثابت أيضاً أن التطلع الكردي في شأن العلاقـة مع الإدارة الأميركية يتجاوز التنسيق والتعاون العسكريين ضد تنظيم الدولة إلى دعم قضيتهم سياسياً، فمشروع الإدارة الذاتية التي أعلنها صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الـديمقراطي قبل أكثر من سنة يحتاج إلى الـدعم والاعتراف، بما أن الكرد في نظر الـولايات المتحدة يشكلون عنصراً بشرياً أمنياً يمكن اللجوء إليه كلما استدعت الحاجة، في منطقة حيوية تتجاذبها الصراعات: القومية، والدينية، والنفطية.
كما أن شروط الرئيس التركي سابقة الذكر دفعت نظام الملالي إلى اتهام تركيا بـ  " السعي نحو فكرة العثمانية الجديدة في المنطقة "، وكأنهم لا يسعون إلى إحياء أمجاد الإمبراطورية الفارسية القديمة ! أو لا يعتبرون أنفسهم امتدادًا للدولة الصفوية !! وكأنهم لم يقرنوا الأفعال بالأقوال بالاحتلال الاستخباري والعسكري والسياسي للعراق وسورية ولبنان وحديثاً اليمن والتدخل بشئون الدول العربية الداخلية، وكأنهم لم يخترقوا السيادة التركية بتجنيدهم أربعة آلاف نصيري تركي للقتال ضد الثورة السورية دفاعاً عن نظام بشار، وأن هؤلاء وغيرهم سيتحولون إلى ثورة مضادة داخل الدولة التركية لاحقاً حسب أوامر الملالي.
وربما يتم كل ذلك في إطار سايكس بيكو جديـدة للمنطقة وإلا كيف نفسر الدعم الهائل لحزب الاتحاد الديمقراطي   (PYD)  المتعاون مع المخابرات الإيرانية ومع نظام بشار السفاح منذ بداية الثورة - وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني -  المصنف أنه منظمة إرهابية، وهذا الـدعم الدولي الهائل لميليشيات البشمرجة، وتسليحهـا بالأسلحة الغربية والإيرانية الثقيلة؛ لاحتلال المناطق المتنازع عليها في العراق، ثم إرسالها لاحتلال مدينة عين العرب كوباني السورية، وتأمين الغطاء الجوي لهم باسم قتال تنظيم الدولة .ولم نسمع من نظام الممانعة أن هذا اعتداء على السيادة السورية !!!
والخارطة أدناه تبين أماكن قصف التحالف المتركز على أراضي المسلمين في كل من العراق وسورية، وتهجير سكانها، وتحويلهم إلى لاجئين تحت ذريعة مكافحة تنظيم الدولة، وكأن الميليشيات الشيعية التي ترتكب المجازر المروعة كل يوم بحق المسلمين السنة ليست إرهابية !!  فهي تستغل الحرب ضد مقاتلي الدولة الإسلامية كغطاء لحملة مروعة من القتل والتهجير الطائفي الذي يستهدف المجتمعات العربية السنية. وقد غضت حكومة العبادي الطرف عن جرائم هذه الميليشيات، كما تجاهلت الحكومات الغربية أيضاً جرائمها ضد العرب السنة؛ لمواصلة معونتها العسكرية ضد تنظيم الدولة ( 8 ) .
وإذا دققنا في هذه المنطقة المستهدفة بالعدوان من أراض عراقية وسورية، وعلمنا أنها مناطق المسلمين السنة أدركنا الهدف النهائي لهذا العدوان، وأنه خدمة للمشروع الفارسي – الصهيو أمريكي. كما يرى ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن سايكس- بيكو جديدة سوف تنقذ واشنطن من تداعيات ورطتها المتفاقمة في العراق وترددها المرعب في سورية، مؤكدا أن الشرق الأوسط القديم سوف يتفكك، وأن المسألة مسألة وقت وقد يتأخر الإعلان عن سايكس- بيكو الجديدة عدة سنوات، كما جرى مع الأولى التي أبرمت سرًا ثم أعلنت.
   
                                                                            
    
   سادساً - مبررات الحل السياسي :
vوقف المحنة السورية؛ للحفاظ على ما تبقى من سورية شعباً ومقدرات.
vوقف قتل السوريين من الطرفين، ففي النهاية هم أبناء وطن واحد.
vوقف التلاعب بالوحدة الوطنية؛ لتحقيق مصالح خارجية معادية للشعب السوري.
vالعمل على رأب الشرخ الاجتماعي بين فئات الشعب السوري المذهبية والإثنية التي تأثرت بالتحريض الداخلي والخارجي، بعد أن اندمجت وتعايشت بوئام عبر قرون.
vوقف الفرز الطائفي، الذي يعمل النظام عليه، وخاصة في حمص ودمشق باستقدام عناصر طائفية خارجية؛ محاولاً تغيير بنية البلاد الديمغرافية.
vإعادة القضية السورية لأيدي السوريين بعد أن جرى التلاعب بمصير البلاد فترة طويلة؛ لأهداف لا تخدم إلا مصالح القوى الإقليمية والدولية.
vالحفاظ على الوحدة الجغرافية للبلاد، ووقف محاولات التفتيت والتقسيم.
vرد الحقوق لأصحابها، وإنصاف المظلومين.
vإعادة المهجرين والنازحين إلى ديارهم ولم شعث السوريين الذي يجري سرقة شبابهم وأطفالهم باسم الإنسانية – والذين هم مستقبل سورية –
vوقف عمليات خطف النساء لدفع الناس للهجرة وخاصة في منطقة الساحل بعد فقدان السيطرة على الميليشيات. 
  
   سابعاً - مقومات نجاح الحل السياسي :  
vتقديم كلا الطرفين المتصارعين مصلحة سورية العليا على مصالحهما في تغلب كل منهما على الآخر.                                                       
vقبول الطرفين المتصارعين بحلول وسط.
vضغط حلفاء الطرفين كل على حليفه.
vاتفاق القوى الدولية والإقليمية على رؤية واحدة للحل.                                                                    
vإدراك القوى العالمية والإقليمية أن سورية ديمقراطية تساهم في استقرار المنطقة، وتحفظ مصالح الجميع.
الحوار الوطني طريق مجدٍ في حال توافر الشروط المناسبة والبيئة الملائمة له، إضافة إلى الإقرار بأن الأزمة فريدة من نوعها في تاريخ سورية الحديث، وتتطلب تضافر جهود جميع السوريين وإشراكهم الفعلي والعملي في تحديد حاضر ومستقبل ومصير بلدهم، وفي تحديد ممكنات الانتقال إلى دولة مدنية، ديمقراطية وتعددية، تتسع لجميع أفراد الشعب السوري، بمختلف مكوناته باستثناء مرتكبي المجازر الوحشية.
وممكنات الحل تتمثل بوقف استخدام الأمن والجيش في معركته مع الشعب، والإفراج عن جميع الموقوفين منذ انطلاق الثورة، وعن جميع المعتقلين السياسيين القابعين في السجون منذ عشرات السنين، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن القتل، والرفع الفعلي للأحكام العرفية؛ ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة وفتح الطرقات أمام الناس دون خوف الملاحقة، حتى يمكن إيجاد مناخ صحي للخلاص من المحنة بفترة انتقالية تداوي جراح السوريين.

   ثامناً - كيف ينظر نظام بشار للحل السياسي : 
قال فيصل المقداد نائب وزير خارجية النظام: إن الأزمة السورية لم تعد أزمة محلية بيد السوريين، بل أصبحت أزمة متعددة الأطراف، وباتت معقدة، لتشعب التدخل فيها إقليماً ودولياً، ولكن حدوث التوافق الدولي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الأخيرة من السنة الثالثة للأزمة تم استبعاد التدخل العسكري الأجنبي وأفسح المجال أمام الحل السياسي بعد إدراك الجميع أن الحل السياسي هو الحل الأوحد لها ( 9 ) .
وأكد المقداد في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء (شينخوا الصينية) أن الحكومة السورية تريد حل الأزمة السورية حلاً سياسياً الأمس قبل اليوم، واليوم قبل غد. وأضاف لقد صمدت سورية خلال السنوات الثلاث الماضية وهي تعمل من أجل دحر هذه المؤامرة عليها، مؤكدا أن سيادة سورية وحدة، وأرض، وشعب هي الفكرة التي مازلنا نعمل من أجل ترسيخها!!. 
وبدوره أكد علي حيدر وزير المصالحة الوطنية في سورية أيضاً: أن العمل العسكري والسياسي، والدعم المالي للمسلحين يؤخر الحل السياسي، وهذا بإرادة الدول التي تدعم، وليس بالإرادة السورية التي تريد حلاً سياسياً (10)  
فالحلّ الذي يتصورّه النظام، ويسعى إلى تسويقه ينطلق من ذهنية الناجي من المأزق، والمنتصر في المعركة وبالتالي الساعي إلى فرض شروط الهزيمة على الثورة التي يُطلَب إليها الخضوع لشرعية بقائه مقابل إشراكها وتمثيلها في مستوى القرار الجزئي التي تتخصّص به الحكومة المقترحة، كحكومة شراكة يتقاسمها النظام مع المعارضة المشتّتة، والمتفرّعة إلى داخلية وخارجية. وقد عبّر النظام عن هذا الاتّجاه من خلال تصريح وزير خارجيته حينما أعلن أنّ نظامه يذهب إلى جنيف 2 لتقاسم السلطة لا لتسليمها.
لهذا فإن نظام بشار ينظر للحل السياسي في سورية على أنه إصلاحات داخلية، يقوم بها النظام نفسه مع إشراك بعض ملحقاته في الوزارة على أنهم المعارضة الوطنية الشريفة، وفي إطار هذا الحل اتخذ الخطوات التالية: 
1-إصدار بعض القوانين والمراسيم التشريعية:
في 24 مارس 2011 قالت بثينة شعبان أن القيادة القطرية لحزب البعث اجتمعت وقررت محاربة الفساد وإنهاء حالة الطوارئ وإصدار قانون للأحزاب وآخر للإعلام؛ كما قررت القيادة في الاجتماع الذي ترأسه بشار زيادة رواتب العاملين في الدولة، وتحسين وضع الضمان الصحي، ومعالجة أسرع للعاطلين عن العمل.               
 وفي جميع الخطابات اللاحقة، قـدّم بشار أفكارًا حول الإصلاحات؛ ففي 7 إبريل أصدر مرسومًا تشريعيًا بمنح الجنسية لعشرات الآلاف من الأكراد في محافظة الحسكة المسجلين كأجانب في الدولة منذ 1961 م.
وفي 21 إبريل أصدر مرسومًا بإيقاف العمل بحالة الطوارئ في سورية لكنه أبقى على قانون الطوارئ موجودًا وقابلاً لإعادة التفعيل، كما أصدر مرسومًا بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا.                                                 ومرسومًا تشريعيًا يضمن حق التظاهر السلمي للمواطنين، رغم رفض وزارة الداخلية لترخيص عدد كبير من طلبات ترخيص المظاهرات.
في 4 أغسطس أصدر قانون الأحزاب الذي يتيح التعددية السياسيّة في البلاد، وفي اليوم نفسه صدر قانون جديد للانتخابات العامة غير أنه ظل الأساس الانتخابي كالقانون السابق الصادر عام 1971من ناحية الأغلبية البسيطة في الانتخاب وكون المحافظة دائرة انتخابية، ولعلّ أكبر فرق بين هذا القانون والسابق ضمان الإشراف القضائي على الانتخابات.  كما صدر في 28 أغسطس قانون الإعلام الذي يتيح التعددية الإعلاميّة، ويخفف القيود على إنشاء المجلات والصحف وغيرها.                                                                                          في 15 أكتوبر 2011 م شكل بشار لجنة لإعادة كتابة الدستور محددًا مهلة عملها بأربعة أشهر. وفي 26 فبراير2012 م تمت المصادقة عليه باستفتاء شعبي ونشر في اليوم التالي بمرسوم رغم أنه لاقى الكثير من النقد خصوصًا حول فصل السلطات والصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية حتى اعتبر تنقيحًا لدستور أبيه عام  1971 أكثر من كونه دستورًا جديدًا.                                                                                            وهناك قرارات أخرى صدرت من وزراء، كقرار وزير التربية السوري في 6 إبريل القاضي برفع الحظر عن النقاب في المدارس السوريّة، وفي اليوم نفسه أغلق أكبر نادي قمار في دمشق.
2-العفو العام:
في 24 مارس أصدر بشار قرارًا بإخلاء جميع الموقوفين على خلفية أحداث درعا وحدها، وفي 26 مارس أفرج عن 260 معتقلاً سياسيًا أغلبهم من الإسلاميين، وفي 6 إبريل تم إطلاق سراح 48 معتقلاً سياسيًا كرديًا اعتقلوا على خلفية أحداث عيد النيروز عام 2010م،  وفي 14 إبريل قرر إطلاق سراح المعتقلين بسبب المظاهرات، واستثنى من ارتكبوا أعمالاً (إجرامية)؛ أما أول عفو عام أصدرته السلطة كان في31 مايو وشمل جميع الموقوفين على خلفية انتمائهم لتيارات سياسية، وأرفقه بعفو عام آخر في 21 يونيو.
لكن منظمات حقوقيّة عالميّة مثل منظمة العفو الدولية اتهمته بعدم تطبيق هذين العفوين، وأن عشرات الآلاف ما يزالون يقبعون في السجون رغم ما سمي بالعفـو. والحقيقة أنه أفرج عن أصحاب السوابق والمجرمين؛ ليعملوا كشبيحة ضد الثوار.
3-التغييرات الإدارية:
في 29 مارس استقالت حكومة ناجي عطري بعد ثماني سنوات من مكوثه في رئاسة الوزارة ، وفي 3 إبريل تم تعيين عادل سفر وزير الزراعة السابق، وعضو حزب البعث رئيسًا للوزراء سيرًا على النمط العام في تشكيل الحكومات بأن تكون حكومات ذات أغلبية بعثية، وبرئاسة شخصية من القيادة القطرية . وفي 31 مارس شكل بشار لجنة مستقلة للتحقيق في مقتل المدنيين، غير أنها حتى مارس 2012 م لم تقدم نتائج أعمالها.
وفي 7 إبريل  أقال محافظ حمص إياد غزال، وهو أحد مطالب متظاهري المدينة، وخلفه غسان عبد العال؛ تلا ذلك في 20 إبريل إقالة مدير الأمن السياسي في بانياس على خلفية المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن في قرية البيضا، وكان قد سبقهما فيصل كلثوم محافظ درعا بناءً على طلب المتظاهرين فيها؛ لضلوعه في القمع الأمني للمتظاهرين، وتلاه في 2 يوليو إقالة محافظ حماه أحمد عبد العزيز، بعد مظاهرات ساحة العاصي الحاشدة التي قدر عدد المشاركين فيها بنصف مليون؛ وفي 24 يوليو تم نقل حسين عرنوس محافظ دير الزور إلى محافظة القنيطرة، وتعيين سمير عثمان الشيخ محافظًا للدير وفي 15 أغسطس أعفي محافظ حلب من مهمته وتم تعيين موفق خلوف خلفًا له؛ وبعدها بشهرين في 23 أكتوبر غدا بدر الشوفي محافظًا لإدلب وحسين مخلوف محافظًا لريف دمشق. أي أنه يدور أزلامه من موقع لآخر.
4 – المصالحات الداخلية:
وتنص المصالحات على وقف إطلاق النار، وتسليم الثوار أسلحتهم الثقيـلة، مقابل رفع الحصار الخانق الـذي تفرضه قوات بشار على المناطق التي يسيطر عليها الثوار، والسماح بدخول المواد الغذائية إليها، ووضع حاجز مشترك عند مدخل البلدة، ورفع علم النظام على مؤسسات الدولة في هذه المناطق، كما تسمح بعض الاتفاقات للثوار بالاستمرار في السيطرة على مناطقهم من الداخل، كما حدث مع بلدة (ببيلا) بريف دمشق حيث حوصرت عشرة أشهر، وقصفت بالمدفعية، وراجمات الصواريخ، والطيران الحربي. كما قطعت عنها الموارد الغذائية والطبية والخدمية من ماء وكهرباء، مما يعني أن المصالحة مع المقاتلين الموجودين في البلدة جاءت بعد استخدام جميع وسائل الضغط العسكرية والإنسانية.
وكذلك الحال مع: يلدا، وقدسيا، ومعضمية الشام، وبيت سحم، ومخيم اليرموك. وكما حصل في حمص القديمة من تهجير أهلها باسم المصالحات، ثم القبض على الكثير من الثوار والغدر بهم بعد إعطائهم الأمان، ولم يعرف مصيرهم حتى الآن. ومعلوم بداهة أن الصلح تحت الإكراه باطل بكل المواثيق.
إذن هكذا يرى الدكتاتور الحل السياسي في سورية إجراءات جزئية بإشرافه، متجاهلاً الملايين من المتظاهرين الذين نزلوا للساحات والشوارع يطالبون بإسقاطه، كما تجاهل مئات آلاف القتلى الذين قتلوا بأوامره.                                            
هذا هو الحل الذي تؤمن به الفئة المتحكمة في الاقتصاد والأمن والسياسة لأنها تعرف أنّ الوضع الذي هي فيه لا يمكن فكفكته أو تغييره، لأنّ ذلك سيقود إلى نهايتها. ذلك ما جعلها تقاتل منذ اللحظة الأولى بكل عنف، وتستمر في ذلك، وتطرح مثل هذه الحلول الهزيلة.
من آخر أوراق بشار الطائفية تسليح مئات من شباب الدروز من صحنايا وأشرفية صحنايا وجرمانا وجبل الشيخ باسم اللجان الشعبية يدفعهم لمهاجمة قرى: بيت تيما، وكفر حور، وحسينو المسلمة في الجولان مع تأمين غطاء جوي لهم، فلما عجزوا عن اقتحام هذه القرى انسحبت طائرات بشار وتركتهم لحتفهم فأسقط الثوار منهم أربعين قتيلاً، ثم ادعت أبواق النظام بأن جبهة النصرة تقتل الدروز(11).   

   تاسعاً - الحل السياسي كما يراه معارضو الداخل :
قال رئيس هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي منذر خدام في صفحته على فيسبوك: أمام السوريين خياران واقعيان؛ الأول: هو المضي في الصراع المسلح إلى النهاية، رغم أن نتائجه سواء لجهة انتصار المعارضة المسلحة وإسقاط النظام، أو لجهة انتصار النظام وإسقاط المعارضة المسلحة غير مؤكدة، بل المؤكد هو دمار سورية وشعبها.... وهذا الخيار جار على الأرض.                                                                           أما الخيار الثاني فهو: القبول بحل سياسي يقوم على أساس القبول بوقف العنف بقرار ملزم من مجلس الأمن، وإنجاز دستور ديمقراطي لنظام جمهوري برلماني، وقوانين ديمقراطية مكملة لـه، وإجراء انتخابات على أساسها تحت رقابة دولية... وهذا الخيار يتطلب قبول جميع الأطراف لبعضها البعض في العملية الديمقراطية. 
وقال: نتائج هذا الخيار مؤكدة من ناحيتين:
الأولى: لناحية هزيمة النظام المؤكدة. 
والثانية: إنقاذ ما تبقى من سورية وشعبها. وهـذا الخيار لا يزال في إطار الممكن النظري، وهو يتطلب عقـولاً سياسية وليس حربية... وأعتقد أنه سوف يكون ممرًا إلزامياً في نهاية المطاف لأن المتحكمين بالشأن السوري لا يريدون للخيار العسكري أن يكون حاسماً لهذا الطرف أو ذاك ( 12)  
وقال قدري جميل في صفحته على الفيسبوك بتاريخ 11 مارس 2013 م: ما مصير المناطق المائية بحوران ووادي اليرموك بعد انسحاب الجيش السوري من تلك المناطق؟ يبدو واضحاً أن خلق مناطق خالية عسكرياً على تخوم الجولان في مناطق حوران والقنيطرة يهدف بوعي المنفذين أم بعدمه، إلى إيجاد جيوب أمنية، ومناطق عازلة تفيد المحتل الإسرائيلي لزيادة أمنه حالياً، ولاستخدامها كورقة جغرافية سياسية بعد خروج سورية من أزمتها الراهنة، بل إن مجمل لعبة الحدود الجديدة تهدف إلى عرقلة هذا الخروج.
إن الرد على احتمالات نجاح هذه «اللعبة» في الوصول إلى أهدافها مرتبط بإسراع السوريين، موالاة ومعارضة ومسلحين سوريين، إلى الحوار السياسي جدياً وبإخلاص، وكل ضمن ما يراه من أهداف، بوصفه الأداة الرئيسية للتأسيس للمخرج الآمن من الأزمة المستعصية في البلاد، وقطع الطريق على محاولات تعقيد المشهدين السوري والإقليمي من جانب المتضررين محليـاً، وإقليميـاً، ودوليـاً من انعكاسات التوازن الدولي والمحلي الجديد لجهة فرضه تحولات إلزامية على مواقف كل الأطراف التي كانت تعاند، وترفض التوجه نحو الحل السياسي للوضع السوري
   عاشراً - مبررات معارضي الحل السياسي :
عدم توفر مقومات نجاح الحل بسبب العامل الخارجي السلبي المتمثل بفشل مشروع الشراكة بين أوباما وبوتين الذي كان وراء توليد بيان جنيف1، وعقد جنيف 2، وهو فشلٌ شامل يتعدى للملف الأوكراني.        
 العامل الثاني، فشل معادلة الإدارة الأميركية المُعلنة بأن: لا حل إلا الحل السياسي وأن لا أحد يستطيع الحسم عسكرياً .- وهي ملتبسة في أصلها - لأنها لعبت دور غطاء للتفريط بمكاسب الثورة؛ ولإرغام الطرفين على التخلي عن خيار الحرب الشاملة، وقبول التفاوض الفعلي حول الحل السياسي، إذ أنها امتنعت عن مسانـدة الجيش الحر لحظة تحقيقه نجاحات نسبية مهمة في عدد كبير من المدن، والمناطق خلال ٢٠١٢ م، والجزء الأول من العام 2013 حتى سقوط باب عمرو في بداية مارس 2013، ثم القصير بعد أشهر ثلاثة، وحمص القديمة لاحقاً ما قوى الفصائل الإسلامية، فاتخذت ذريعة للآخرين لخذلان الثورة من الأصدقاء الافتراضيين وخاصة الولايات المتحدة فوضعت الشروط الذرائعية ضد التمويل والتسليح، مع غض الطرف عن الانغماس الإيراني، وملحقاته الطائفية في دعم نظام الشبيحة، وصولاً للحرب الشاملة على الدولة الإسلامية، ونسيان وحشية النظام ضد الشعب، ولم يكن ذلك نتيجة سهو، أو عدم معرفة، أو خطأ في الحسابات، بل عن وعي وتخطيط لمصالحها الإقليمية بالتعاون مع إيـران، والتخلي عن الحلفـاء التقليـديين على الجهة الأخرى، بما يناسب استراتيجيتها العالمية في السيطرة على مصادر الطاقة، وتكريس هيمنتهـا العالمية، وتأمين إسرائيل وأن أفضل من يحقق ذلك إيران وميليشياتها الشيعية،علماً أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها أميركا أنها مع سياسة معينة لتكون في الحقيقة مع نتائج وأهدافٍ مختلفة عنها، أي سياسة التقية كما تفعل دولة الملالي. 
العامل الثالث، تردي وضعف شروط القيادة التنظيمية والسياسية للثورة السورية، وهيئاتها التي انطلقت من فرضية بسيطة وصحيحة قوامها أن العنصر الأساس في ميزان القوى الذي يمكن أن يكون لمصلحتها هو: حماسة أكثرية السوريين الساحقة لإسقاط نظام الشبيحة، وهو الذي أدى إلى انشقاقات في الجيش، وتكوين الجيش الحر. يضاف لذلك مهادنة النظام لتنظيم الدولة ضمن خطته، وشركائه لصناعة «العدو المناسب» بممارساته الإرهابية؛ منتجة لموقف دولي ساحق يضع القضاء على التنظيم أولى من إسقاط نظام بشار، كما يخفف من أثر سياسات نظام الشبيحة في الإبادة الجماعية، والتجويع والتدمير؛ لإعادة السيطرة على سورية الحيوية؛ بغية إعادة شرعنته أمام مجتمع دولي متردد راهَن أصلاً على إصلاح النظام لا تغييره، بما يحمله من مجهولات لإسرائيل والغرب، ومن إضرارٍ جوهري بالنفوذ والسياسات الروسية، والإيرانية. وإذا كان الأمران لعبـا دوراً في تآكل الجيش الحر تنظيماً ونفوذاً، فـإن هيئات الثورة الـرسمية تناقصت قدراتها على التصحيح.
قصارى القول إن العوامل المذكورة، وأهمها الأميركي، سمحت بتغيير سلبي خفّض إمكانية الحل السياسي إلى درجة سمحت للإبراهيمي اعتبار مفاوضات حمص مع المحاصرين لشهور طويلة نموذجاً يُحتذى في مفاوضات أخرى – مع أنها جرت تحت الإكراه - ما يساوي تمكين النظام من انتصارات جزئية، وإطالة معاناة السوريين كما أن خلفه مستورا كرر نفس الكلام، وهي في الأساس فكرة النظام في المصالحات. 
لهذا فإن باب الحل السياسي مغلق بسبب غياب إرادة أممية حازمة تجبر النظام على ترك الحرب والالتفات نحو المعالجات السلمية الذي لا يزال يعتقد بإمكانية تحقيقه الانتصار، ويخوض معركته كمعركة وجود وإفناء للآخر.
أمّا المعارضة، فلا تكمن معضلتها في رفضها لمبدأ تقاسم السلطة، وإنّما في إدراكها أنّ طبيعة هذا النظام غير قابلة للتشارك والتقاسم الحقيقي للسلطة، وأنّ النظام قد اختار بحكم بنيته وطبيعته لا بحكم رغبته فحسب الاستئثار بالسلطة والاستماتة في التمسّك بها حتى النهاية أيّاً كان الثمن وأيّاً كانت النتائج، ولذلك تشترط المعارضة رحيل النظام كأساسٍ لأيّ حلّ سياسيّ وتفاوضي.
وحتى يقتنعَ نظامٌ ما بالتفاوض على رحيله لا بدّ أن يكون قد وصل إلى مرحلة يكون رحيله هو الخيار الوحيد المتاح له، وهذا ليس حال النظام السوري حتى هذه اللحظة.
لهذا تبدو ممكنات الحلّ السياسي غير متاحة في الأفق المنظور، وبانتظار تلك اللحظة سيستمر النظام في حملته طالما يُدرك أنّه يُحقّق على الأرض ما يُحسّن وضعه التفاوضي، وستستمر المعارضة في معركتها طالما تُدرِك أن بقاءها في معادلة الصراع المسلّح شرطٌ من شروط الحلّ السياسيّ في نهاية المطاف. 
وهناك تواطؤ خفي أو تقاسم للأدوار بين الأطراف الدولية الفاعلة لتطويع الثورة السورية، أي ما يصح اعتباره توافقاً موضوعياً بينها جوهره عدم تعجيل حسم الصراع وإدارته بالنقاط لا بالضربة القاضية من دون اعتبار لما يخلفه من ضحايا ودمار وآلام، وعليه لن تسمح روسيا وإيران بهزيمة النظام، كما لن يسمح الغرب بانتصاره.
الحل السياسي في نظر رافضيه هو تزوير للمعنى الحقيقي، وهو عدم انتصار الغالبية الثائرة على أفسد حكم في الوطن العربي ...  وهو يعني عدم السماح بانتصار إرادة الغالبية العظمى من السوريين بغض النظر تماما عن وحشية وفساد بشار وعائلته، ومن هو مربوط عضويًا معهم.
الحل السياسي يعني عدم الثقة مطلقا بقدرة الغالبية السورية السنّة بإقامة دولة عادلة غير طائفية عقلانية لن تحول سورية إلى لون واحد (سنّية داعشية متوحشة) !!!
الحل السياسي يعني دوام الحال على هذا الحال والسماح باستمرار نظام فاسد بكل مفاصله، يعتمد على الوحشية المطلقة لكبت أحلام الغالبية من حكم الأقلية، بحكم عدم أهلية الأكثرية لحكم حضانة للأطفال عداك أن تقود وطنا متعدد الألوان والأطياف.

   حادي عشر- الحل الإيراني:
تحدث الابراهيمي خلال الإحاطة التي قدَّمها إلى مجلس الأمن عن «خطة إيرانية» من أربع نقاط، هي: وقف إطلاق النار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، مراجعة دستورية من شأنها أن تحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
لكنها باستبعادها الإشارة إلى وجوب عدم ترشُح بشار، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية، تعادل إعادة التدوير لمقترحات قديمة هدفها عرقلة أي تغييرٍ محتمل في الوضع السوريوقد قال حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيرانية: إن أية ممارسات شيطانية تحت ذريعة مواجهة تنظيم الدولة تؤدي إلى تغيير جذري في سورية، سيكون لها تداعيات صعبة على التحالف، وأمريكا، وإسرائيل.
وكشف عبد اللهيان: أن طهران أبلغت الامريكيين أنه في حال تم تغيير النظام في سورية عبر مواجهة الإرهاب عندها لن يبقى الكيان الصهيوني في مأمن.
وأضاف عبد اللهيان: أن ما يحصل في المنطقة يتعلق مباشرة بالأمن القومي الإيراني لذا فإن طهران ترصد ما يحصل في المنطقة بشكل جاد، ولن تسمح للاعبين الإقليميين والدوليين عبر الإرهاب أن يهددوا الأمن العراقي والسوري وبالتالي الأمن القومي الإيراني.
وتعزيزًا لهذا أرسلت إيران 2000 عنصرًا إضافياً من الحرس الثوري إلى سورية، وقامت روسيا بتزويد نظام بشار بأصناف جديدة من الأسلحة يجري استخدامها خارج روسيا لأول مرة (13).                                ويظهر النفوذ الإيراني العسكري والسياسي في العراق وسورية، بحيث صار الجنرال قاسم سليماني نجم الحملة الميدانية على تنظيم الدولة، يلتقط صوراً لنفسه على الجبهات محاطًاً بالضباط العراقيين، وأن له الكلمة الفصل.

   ثاني عشر– الحل الدولي:                                                                                                                         
قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عاموس يدلين: في مقال نشرته صحيفة اندبندنت إن تصميم الغرب على استخدام نفوذه خارج الإدانات الضعيفة، والمؤتمرات العلنية والمبادرات غير الفعّالة من المرجح أن يستمر (14).
وقد اشتكى الإبراهيمي، الذي تسلّم منصبه في سبتمبر 2012 خلفاً لكوفي أنان، من الانقسامات في مجلس الأمن الدولي والمنطقة التي تسبّبت بعرقلة مساعيه الديبلوماسية دعماً لانتقال سياسي في سورية. وقال في هذا السياق: المشكلة هي أنه سرعان ما ساد الاستقطاب والانقسام في الملف السوري. فمن جهة كان هناك من يعتبرون أنه لا مكان لبشار في التسوية، في حين قال الجانب الآخر إنه لا يمكن أن يكون هناك حل من دون بشار. هذه هي الحلقة المفرغة التي حاول الجميع كسرها، لكنهم فشلوا في ذلك، ولا تزال إلى درجة معيّنة المسألة الأساسية التي يجب معالجتها (15).
الخطة التي قدَّمها خلفه دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي إلى مجلس الأمن تقضي بتجميد القتال في بعض المناطق للسماح بنقل مساعدات إنسانية، والتمهيد لمفاوضات سلام.
وجاء اقتراح دي ميستورا إلى مجلس الأمن بعد زيارتين قام بهما إلى روسيا وإيران، سبقتهما زيارة إلى دمشق وكان في وقت سابق خلال لقائه مع نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية قد شدد على أهمية التركيز خلال الفترة الحالية على تلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين السوريين، كما قال يجب مواجهة المجموعات الإرهابية وخاصة أن المجتمع الدولي يتحرك خطوة بخطوة نحو ذلك موضحاً أن عملية مكافحة الإرهاب متكاملة ومتبادلة وتشمل اتخاذ إجراءات أمنية أقوى، والقيام بعملية سياسية شاملة تسهم بعزل الإرهابيين عن باقي السكان (16)
وذكرت صحيفة الغارديان: أن الأسبوع الحالي شهد اهتماماً كبيرًاً باقتراح قدمته منظمة أوروبية غير حكومية تقترح فيه: تجميد الوضع على الأرض وهو ما يجري الترويج له (17).
ويوم السبت 8/11/2014، وصل ستيفان دي ميستورا إلى دمشق لبحث خطته لوقف الحرب المستمرة منذ قرابة أربع سنوات، وأجرى مباحثات مع بشار، ثم انتقل إلى حمص والتقى المحافظ ثم التقى وفـد من المحاصرين في حي الوعر وتوصل إلى اتفاق لإدخال مساعدات إنسانية للحي المحاصر، لكن الشبيحة هاجموا قافلة الأمم المتحدة وأمطروها بالقذائف لمنع إغاثة المحاصرين مما أوقف توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية.
وفي يوم الأربعاء 12/11/2014م هاجمت الشبيحة مجموعة من النازحين من ريف حمص الشمالي وقتلت أكثر من ثلاثين شخصاً في مجزرة جديدة مروعة بالقرب من السلمية في طريق نزوحهم هدية لميستورا (18).    
وكان أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الحل النهائي للأزمة في سورية هو حل سياسي يتطلب مرحلة انتقال سياسي شامل، يستجيب للطموحات الديمقراطية للشعب السوري، مشددًا على أنه لا بديل عن هذا الحل.  
وقال أوباما في كلمته أمام الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة: حان الوقت لإجراء مفاوضات أوسع داخل المنطقة حيث القوى الأساسية تعالج الخلافات بشكل مباشر وصادق وسلمي على الطاولة .. لافتا إلى أن الولايات المتحدة تتعهد بمواصلة الانخراط في المنطقة وهذه الجهود (19).  
فيما أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض هادي البحرة، أن الحل السياسي في سورية مع نظام بشار بات مستحيلاً .وقال البحرة في تصريح له على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: لا بد من إقناع نظام بشار أنه ليس هناك مجال لحل عسكري، وأنه لن يتمكن من النصر على الشعب السوري، وهذه الرسالة ستصل إلى بشار قريبًاً .وألمح البحرة إلى أن الحل السياسي قد يحتاج أولا إلى تغيير الموازين على الأرض، وأضاف ربما نقوم بعمل عسكري يستغرق من ستة أشهر إلى سنة، بعد ذلك يمكن أن نتحدث عن حل سياسي في سورية، وأعلن رفضه مبدأ ترحيل بشار إلى دولة أخرى دون ملاحقة، مطالبا بتحميله مسؤولية جميع جرائمه التي أمر قواته بتنفيذها (20) .
   لكن لم يعد خافياً على أحد أن أوباما وقف في مواجهة أركان إدارته في نهاية ولايته الأولى، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومدير الـ سي آي أي ديفيد بترايوس، ووزير دفاعه ليون بانيتا، ورئيس هيئة أركان الجيوش الاميركية مارتن دمبسي، وغيرهم الذين طالبوه بتقديم الدعم والمساعدة للمعارضة السورية، وأصر أوباما على التمسك بسياسة رفع اليد. 
ولفهم السياسة الأميركية تجاه سورية، يمكن العودة إلى مراحل سابقة لمحاولة تفسيرها. فقد رعت اميركا النظام قبل وخلال وبعد اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 وحتى عام 1990حين دخلت قواته لبنان؛ لوقف ما اعتبره تقسيم لبنان، والحفاظ على بنية الدولة، ووضع حد لفلتان الثورة الفلسطينية فيه بمباركة أمريكية وإسرائيلية برغم كل الانتهاكات، والفظاعات التي ارتكبها بحق الجماعات اللبنانية، بدءاً بالحرب على السنّة والفلسطينيين عام 1975 وبحرب صيدا عام 1976 أو بحرب طرابلس في الثمانينات، مروراً بالتصفيات في جبل لبنان، إلى حرب زحلة والأشرفية، وحرب الإلغاء والتحرير وغيرها.
وسياسة التناقض في التصريحات والمواقف هي السمة الغالبة على الاستراتيجية الأمريكية؛ ذلك لتحقيق أهدافها الكبرى المتمثلة في قضايا عدة: استمرار السيطرة على مصادر الطاقة، وحماية إسرائيل، والهيمنة العالمية، وعدم السماح لبروز قوة عظمى منافسة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
وتتمثل في التغاضي الأميركي عن التمدد الإيراني في سورية، وتمكين ميليشيا نصر الله في لبنان منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، إضافة إلى تسهيل دور القوى المشتركة الإيرانية - السورية في خطف الأجانب وقتل السفراء في لبنان في الثمانينات ، والتفجيرات التي حصلت ضد السفارة الأميركية في بيروت، كما ضد مواقع المارينز والقوة الفرنسية، وصولاً إلى الدور السوري في إجهاض اتفاق 17مايو بعدما ربطت إسرائيل انسحابها بانسحاب سورية، ما أدى إلى تعطيل الاتفاق وعودة الهيمنة السورية على لبنان، وجديد أوراقها حوثيو اليمن، مع مراعاة عوامل  عدة في هذا السياق :
أولاً: واشنطن متفقة مع إسرائيل في مواقفها، فإسرائيل ترى أن سقوط بشار قبل توافر البدائل الموثوقة ستكون له تداعيات سلبية عليها، باعتباره الحارس الأمين للحدود طيلة فترة حكمه، وحكم أبيه من قبله.
ثانياً: إن الحرب في سورية تستنزف إيران وحلفاءها، وميليشياتها الشيعية اللبنانية والعراقية والأفغانية، وكذلك الأطراف الأصولية السنّية بعدما تحولت سورية إلى ساحة حرب، ما يؤدي إلى إضعافهم جميعًاً.
ثالثاً: ربما هناك رغبة أميركية في القضاء خلال هذه الحرب على الأسلحة المتطورة التي ترسلها روسيا للنظام.   
رابعاً: استنزاف إيران لسنوات في حرب الجهاديين للتخلص منهم، وتعطيل مجرد التفكير في التأثير على أسعار النفط العالمية عبر التهديد بإغلاق الممرات المائية مثلاً، مع إبقاء حاجتها لأمريكا أمام خطر الجهاديين السنة.
لقد بدا أن النظام السوري الإيراني يؤمن مصالح قوى عدة ومختلفة، ما أدى إلى تجاهل كل الجرائم والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب السوري، على الرغم من استعماله سلاح الطيران والصواريخ البالستية، والبراميل المتفجرة وحتى السلاح الكيماوي.  
ولا بد في هذا السياق من التذكير بما قاله «مصدر أمني كبير» لصحيفة تايمز البريطانية: إن مصلحة إسرائيل هي في بقاء نظام بشار، وأن وجود نظام ضعيف ومستقر أفضل من نظام قوي وغير مستقر.
لذا من الصعب تصور خروج أمريكا عن هذه الثوابت، ولن تسمح بالمساومة على بقاء نظام بشار حتى تستكمل التخلص من الجهاديين في المنطقة وتستنزف كل الأطراف عندها تسمح بحل يزيح بشار ويبقي النظام مع بعض التحسينات المظهرية وليست الجوهرية.  
   وفي هذا الصدد تحسن الإشارة إلى تقرير صدر عن ورشة عمل في الشهر السادس من هذا العام عن مؤسسة راند البحثية الاستراتيجية المقربة من صانع القرار الأمريكي والصهيوني، نقتطف بضع توصيات منه كما يلي:
vبما أن الكفة كانت تميل للثوار نهاية العام الماضي، فالخيار الأفضل لأمريكا استمرار الحرب لا حسمها.
vمع انتشار تنظيم الدولة في العراق، وتشكيل التحالف الدولي، وانطلاق الحملة الجوية في العراق وسورية، لم تعد ثمة أولوية سوى القضاء على الجهاديين المحليين والعالميين.
vكل ما يهم واشنطن في المدى المنظور إيجاد جسم عسكري جديد مرتبط بها، وليس الاستعانة بتشكيلات قابلة للاندماج مع الجهاديين، بل مع تنظيم الدولة ذاته.
vبدأت الحملة الجوية للتحالف الدولي ضد الدولة في العراق وسورية مع نية التخلي عن كل التشكيلات الحالية لعدم كفاءتها، أو عدم القبول بها أصلاً.
vأما في مواجهة النظام، فالخيار واضح كما ذكره تقرير راند، وهو الاستنزاف البشري لقواته، وقـد برزت مؤشراته السلبية أخيرًاً في تفاقم خسائره.
vورغم أن ميليشيات إيران تحاول سدّ هذه الثغرة بمدد لا ينقطع من المقاتلين الأجانب، إلا أن هذه الإجراءات تؤخر عملية الاستنزاف، ولا تنفيها .
vإن الشام تترقب ظهور قوة جديدة من ركام التجارب السابقة، رغم ما قدمته الجماعات المقاتلة من تضحيات جسيمة. فليس هذا ترفاً بل أصبح ضرورة (21).
وللتذكير أن هذه الاستراتيجية الأمريكية ربما تكون رغبة دولية شرقية غربية، و يوافقها بعض حكام العرب، تقضي ببقاء نفوذ ما للأقلية النصيرية في الجيش والمخابرات في مرحلة ما بعد بشار، ويبدو أن كثيرين لا يقبلون بأكثر من تغيير شكلي في المنظومة الحاكمة، يقضي بأن تبقى مؤسسة الرئاسة في عهدة المسلمين السنة، وكبار رجال الدولة المدنيين، مع الإبقاء على ضمانات عسكرية وأمنية للنصيريين، وإسرائيل، تحت سلطة طغمة من العسكر مُنهَكة ومتّهمَة بارتكاب جرائم حرب ضدّ شعبها تحت طائلة إشهار هذه التهمة في أيّ لحظة تحاول فيها الطغمة الخروج على الأوامر الصادرة إليها، بما يحقق ثباتاً في الحالة التي كانت تتمتع بها إسرائيل من الهدوء المزمن على الجبهة السورية.  
      وربما نحن أمام حل بوسنوي لسورية يتلخص في وحدة هشة، ونفوذ قوي للطائفة النصيرية فيما يشبه دولة مستقلة بالساحل، وكذلك إقليم كردي، وكلاهما يحاكي بالترتيب الحالتين الصربية والكرواتية في البوسنة، حيث لم يسمح الظرف الدولي بدولتين لهما، ولكنهما تمتعتا باستقلال كبير عن الدولة المركزية مع ممارسة نفوذ على الدولة المركزية، وبالخصوص هنا الحالة النصيرية، التي تتقدم في دورها الوظيفي لحماية إسرائيل عن دور الأكراد الذين ليست لديهم حدود برية مع دولة الكيان الصهيوني لممارسة هذا الدور، مع ضمان نفوذ الروس والصينيين والإيرانيين في سورية، والعمل على تأمين علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة وتمهيد المسرح لوأد الحالة " النموذجية " للثورة السورية بحيث يتعذر تصديرها لدول عربية أخرى.  
وإذ يكتنف حل هذه ملامحه الكثير من العقبات؛ فإن الإضعاف والإخماد، وتغيير موازيين القوى على الأرض، والمماطلة في الحل السياسي، كفيلة في مجموعها بإحداث مقاربة لإيجاد صيغة ترضي اللاعبين الرئيسيين، ولا تحرم السوريين من الشعور بالانتصار، حين سيعمل الجميع على تغييب رأس النظام بطريقة ترضي طموح البعض، والتي يمكن تسويقها بغية القبول العام باستمرار أدواته في الحكم القادم، من خلال العمل على إضعاف طرفي الصراع عبر حرب الاستنزاف الطويلة، مما يدفع الطرفين إلى صيغة توافقية بين جنرالات النصيريين، ومعتدلي  الجيش الحر، والعمل على تصفية الثوار الأصوليين  كجبهة النصرة وأمثالها، وتحييد بعض الفصائل  وتشجيع أخرى على الانخراط في تسوية شاملة.
  
   ثالث عشر - رؤية الائتلاف للحل السياسي للمحنة السورية :
إن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في اجتماعاته بتاريخ 21 شباط 2013 م في القاهرة قرر تماشيا مع ما تم تحقيقه من انجازات ثورية على الأرض يرى أن محددات الحل السياسي الذي يحقق أهداف الثورة، ويضمن حقن الدماء والاستقرار، والحفاظ على مؤسسات الدولة لا بد أن يستند إلى النقاط التالية:
1)  تحقيق أهداف ثورة الشعب السوري في العدالة والحرية والكرامة، وحقن دماء السوريين، وتجنيب البلاد المزيد من الدمار والخراب والمخاطر الكثيرة التي تحدق بها، والمحافظة على وحدة سورية الجغرافية والسياسية والمجتمعية بما يحقق الانتقال إلى نظام ديمقراطي مدني تعددي، يساوي بين السوريين رجالا ونساء جميعًاً على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية، والقومية والاثنية.
2)  تنحية بشار والقيادة الأمنية – العسكرية المسؤولة عن القرارات التي أوصلت حال البلاد إلى ما هي عليه الآن، واعتبارهم خارج إطار هذه العملية السياسية، وليسوا جزءاً من أي حل سياسي في سورية، ولا بد من محاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم.
3)  إن الحل السياسي ومستقبل بلادنا المنشود يعني جميع السوريين بمن فيهم الشرفاء في أجهزة الدولة والبعثيين وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية ممن لم يتورطوا في جرائم ضد أبناء الشعب السوري.
4)  إن أي مبادرة تستند إلى هذه المحددات يجب أن يكون لها إطار زمني محدد وهدف واضح معلن.
5)  ضمانات دولية من مجلس الأمن، وبخاصة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ورعاية دولية مناسبة، وضمانات كافية لجعل هذه العملية ممكنة عبر قرار ملزم صادر عن مجلس الأمن الدولي.
6)  الالتزام باستمرار دعم الثوار بما يحقق تعديل ميزان القوى على الأرض.
7)  العمل على الحصول على الدعم اللازم من أصدقائنا وأشقائنا للحل السياسي وفق المحددات أعلاه.
8)  الهيئة العامة للائتلاف هي الجهة الوحيدة المخولة بطرح أية مبادرة سياسية باسم الائتلاف (22).                         
وتقوم الدولة السورية الجديدة على المبادئ الأساسية الآتية:
1)  سورية دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تقوم على مبدأ المواطنة والتساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات وفق أحكام الدستور والقوانين المرعية، ولا تميز بين أفراد الشعب السوري في الحقوق على أساس جنسهم، أو عرقهم، أو انتمائهم السياسي والفكري، أو أصولهم القومية والإثنية، أو عقائدهم الدينية والمذهبية.
2)  تعترف الدولة السورية رسمياً بمختلف المكونات القومية للمجتمع السوري، وتؤكد حقوقها في استخدام لغتها وتقاليدها الخاصة، وممارسة طقوسها في جو من الحرية يكفله القانون.
3)  تنتهج سورية الجديدة النظام الديمقراطي الانتخابي خياراً وحيداً لها، وتقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة، الذي يرفض العنف، ويحفظ حقوق مواطنيه، والتي تشمل حق الاعتقاد والرأي والتعبير والتحزب، والصحافة الحرة، وحق العمل، والتظاهر والإضراب، وحق الانتقال والإبداع في شتى الميادين.
4)  تعتمد سورية مبدأ الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب في مجلس النواب، الذي يمتلك سلطة تشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية، كما تعتمد الانتخاب لاختيار رئيس الجمهورية لمدة محددة لا تتجاوز الخمس سنوات، ولدورة قابلة للتجديد مرة واحدة دون تمديد أو تجديـد.
5)  تعتمد سورية الجديدة قانونا للأحزاب السياسية، وآخر للانتخابات، وللإعلام والصحافة، بما يحقق التنافس الشريف بين مختلف الأطياف السياسية، على قاعدة تكافؤ الفرص في الاستفادة من المرافق والتسهيلات العامة وفي وسائل الإعلام.
6)  تستقل السلطة القضائية تماماً عن السلطة التنفيذية وفقاً لتحقيق مبدأ سيادة القانون، دون حصانة لأحد فوق القانون، والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، بكونه مبدأ شاملا لا يستثني أحدًا. ويتم تكريس استقلال القضاء عبر إجراءات لتعيين الـقضاة، يمنع تحكم السلطة التنفيذية في مرتبات القضاة، وتمنع إقـالتهم من مناصبهم إلا في حال تورطهم في أعمال يعاقب عليها القانون.
7)  منع الاعتقالات الكيفية، أو وفق شبهات غير راجحة، وحصرها بأوامر معللة من النيابة العامة، ومنع كل وسائل التعذيب الجسدي والنفسي على المعتقلين لانتزاع المعلومات، وإشراف القضاء إشرافاً مباشراً على فترة التحقيقات للمعتقل التي يحدد القانون مدتها لتحويله إلى محاكم عادلة تتوفرفيها حقوق الدفاع وتكليف محامين عنه.
8)  إلغاء محاكم أمن الدولة والمحاكم الخاصة والاستثنائية، وحصر المحاكم العسكرية بمحاكمة العسكريين دون غيرهم. كما تلغى كافة القوانين الاستثنائية، ويحال المتهمون إلى المحاكم العادية المختصة. ويعاد النظر بقوانين العقوبات، وأنواع الجرائم السياسية، التي ابتدعها نظام الاستبداد، وتقرر قوانين تتفق والقوانين الدولية لحقوق الإنسان. وتكرس القاعدة القانونية: المتهم بريء حتى تثبت إدانته. كما يعاد النظر في حال السجون وأماكن خروج المساجين وبشكل طبيعي.
9)  الحفاظ على استقلالية التنظيمات النقابية، والمهنية للعمال والفلاحين والمهنيين والحرفيين، ونقابات خاصة للفنانين، والكتاب والصحفيين وغيرهم، ومنع تدخل السلطات في شؤونها وحياتها الداخلية، وفي مهامها وتحقيق برامجها الخاصة، وتطوير الاقتصاد الوطني بالوسائل التي يجيزها القانون، والتكفل بحياة وتقاعد العاملين فيها.
10)                    تنشيط وتأسيس هيئات المجتمع المدني والأهلي لتشمل مختلف المجالات المدنية والأهلية، والاهتمام بلجان حقوق الإنسان، والطفولة، وترقية المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات والعمل.
11)                    الجيش السوري مؤسسة وطنية جامعة، تخضع للسلطة التنفيذية، مهمتها حماية الوطن من العدوان، وتحرير أراضيه المحتلة. وينأى الجيش، ضباطا وجنودا بنفسه عن العمل السياسي والحزبي، ويمتنع عن التدخل بالشؤون السياسية والشأن العام.
12)                    الملكية الخاصة حق مدني راسخ تحفظه الدولة ضمن إطار سياسات اقتصادية تشجع المشاريع الانتاجية والانفتاح التجاري والاستثماري، وتحقق تكافؤ الفرص بين المواطنين في العمل والانتاج والاستثمار. وتعمل الدولة على تطوير سياسات لتحقيق التكافل الاجتماعي ورعاية الأسرة، وتقديم الخدمات للمعاقين والمحتاجين مباشرة وبتشجيع منظمات المجتمع المدني على تقديمها. كما تسعى الدولة إلى تطوير التعليم، وتنشيط البحث العلمي والإنتاج الأدبي والفني.
13)                    سورية جزء من جامعة الدول العربية، وتعمل على توطيد علاقات الأخوة والتعاون مع الدول العربية ودول الجوار، التي يجمعها مع الشعب السوري تاريخ طويل من التبادل الثقافي والعلمي والتعاون التجاري. وتقف سورية مع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والمشروعة في إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس.
14)                    تحترم سورية المواثيق الدولية، التي تؤسس للعدالة والسلام الدوليين، كما تحترم جميع التزاماتها، التي لا تمس بسيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها.
15)                    يلتزم الائتلاف بالثوابت الوطنية للثورة السورية، ويستند إليها في شرعيته. ومن أهم هذه الثوابت:
ü  = الحفاظ على السيادة الوطنية، واستقلالية القرار الوطني السوري.
ü  = الحفاظ على وحدة التراب الوطني السوري.
ü  = الحفاظ على وحدة الشعب السوري.
ü  = إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه، وتفكيك أجهزته الأمنية، ومحاسبة من تورط في جرائم ضد السوريين.
ü  = عدم الدخول بأي حوار أو مفاوضات مع النظام – تم تجاوزه بمفاوضات جنيف2 -
ü  = التأكيد على قيام سورية المدنية التعددية الديمقراطية (23).
وتعزيزاً لقررارات الائتلاف خرجت ورشة المجتمع المدني السوري بالتوصيات التالية:  
حدد المؤتمرون الأهداف التالية لاستراتيجية حل الأزمة:
vوقف النزيف الناجم عن الأزمة السورية.
vاعتماد أسس لعقد اجتماعي:
§      يحترم شخصية الإنسان. 
§      يضمن الحريات العامة والمدنية والفردية.
§      يقطع مع الاستبداد بكافة أشكاله.
§      يضمن العدالة في الحقوق والواجبات والفرص.
vتطبيق عدالة التصحيح لرأب الصدع الناتج عن الأزمة من خلال:
§      بناء خطة وآلية لتعويض المتضررين بشكل يكفل التضامن الوطني.
§      تطوير إدارة المساعدات الإنسانية بطريقة تضمينية.
vالتأسيس لمبادىء وقواعد وآليات وشروط بناء مؤسسات فاعلة وتشاركية وعادلة تضمن الحريات العامة وسيادة القانون، والفصل بين السلطات.
vتطوير بيئة تمكينية مؤسساتية لعمل المجتمع المدني، تضمن مشاركته الفعالة في ضمان الحريات العامة، والعملية التنموية، وصناعة السياسات العامة، والتقييم والرقابة والمساءلة.
vالتأكيد على الاستقلالية والسيادة الوطنية في كافة النواحي السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
vالتأسيس لتنمية محورها الإنسان تضمينية وشاملة وعادلة.
ستقوم فرق العمل بتطوير الآليات والبرامج للتأثير على القوى الفاعلة وتعزيز دور المجتمع المدني باتجاه الخروج من الأزمة بما يحقق الأهداف الاستراتيجية.  كما يمكن الاستئناس بالشروط الثلاثة الأساسية التي صاغها الإعلامي والسياسي الكوسوفي " فيتون سوروي" لتحقيق انتقال المجتمع إلى ما بعد مرحلة الصراع على الشكل التالي:
أولاً: الانتقال من نظام الحزب الواحد إلى نظامٍ دستوريٍ يلتزم بمبادئ الديمقراطية ودولة القانون.
ثانيًا: احترام الأكثرية الناتجة عن الانتخابات الديمقراطية، وكذلك احترام حقوق الأقليات، وهم في سورية: الأكراد، النصيريون، الدروز، الإسماعيليون، المسيحيون، الآشوريون، والأرمن.
ثالثًا: التحول من مجتمع سِمته العنف إلى مجتمع سِمته اللاعنف. والتحول من عدوٍ للغرب إلى صديقٍ له.

   رابع عشر - كيف يمكن الوصول لحل سياسي قابل للتطبيق؟
قراءة لواقع سورية اليوم تعطي نتيجة مروعة لحجم المأساة، التي تضافر على تعزيزها تحالف لم يسبق له مثيل من تكتلات دولية، وإقليمية طائفية، واجتهادات وتدخلات عربية وإسلامية زادت من الفاجعة سقط فيها أكثر من ربع مليون ضحية سوري غالبيتهم العظمى شهداء مدنيون من مناطق الثورة، وربع مليون ما بين سجين ومفقود ومليون مصاب، ونصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ، وكمٌّ هائل من المآسي والمعاناة الإنسانية البالغة لم يشهدها أي شعب منذ الحرب العالمية الثانية، إضافة لتفكك بنية المجتمع الاجتماعية، وظهورالأحقاد الطائفية.                                                                                                                   
إن مصادر من المعارضة السورية أكدت أن الرئيس السابق «للائتلاف الوطني السوري» معاذ الخطيب سلَّم طهران مشروعاً للحل في سورية، ويسعى لإقناع أطراف غربية وعربية بضرورة إشراك إيران فيه (24).  فالمحنة السورية أصبحت ذات طابع دولي، أكثر تعقيداً من أي أزمة دولية أخرى، ويحتاج حلها لموافقة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا وإيران والدول العربية وتركيا، إضافة إلى الأطراف الداخلية. وعلى ذلك فإن طحن الهواء والدوران في حلقة مفرغة هي الخيارات الوحيدة المطروحة أمام الجميع، ما لم يتم اتفاق أولي مبدئي بين هذه الأطراف جميعها على تسوية، فإن مثل هذه الإجراءات والنشاطات، والتحركات والقرارات، ليست سوى وسائل لتقطيع الوقت والدوران في الفراغ.                                                                                     
بعد ما يقرب من أربع سنوات على بداية المأساة السورية لم يعد من المقبول تردد الدول الكبرى وتعطيل إرادتها السياسة العالمية بأعذار مختلقة؛ لتبرير عدم التدخل الفعال لوقف المذبحة السورية، كما لم يعد مسوغا لممثلي الثورة السورية الاستمرار في سياسة التعويل على مساعدة الخارج، والسعي لتطوير بدائل معتمدة على القدرات الواقعية الذاتية.
إن الأزمات المعقدة، والحروب تحتاج استراتيجيات مناسبة ودقيقة من أجل تحقيق انفراجات وصناعة الحلول. وهذه تتطلب بدورها عقلانية وموضوعية؛ لفهم الواقع والتعامل معه كما هو لا كما نتمناه، أما المقاربات المبنية على الأماني والأوهام والفرضيات الخاطئة، فإنها لن تعمل إلا على إطالة أمد المأساة التي يدفع فاتورتها الشعب السوري من دماء شبابه، ومستقبل أبنائه.
لأن الصراع علاقة تصادمية بين متناقضين، يستحيل التعايش بينهما، ومحكومين بإهلاك الواحد منهما الآخر، وبالتالي فإن جمع المتناقضين على مائدة المفاوضات مباشرة لن يعمل إلا على إذكاء الصراع وليس الحل، والحوار هو أداة التواصل لصناعة تفاهم بين فريقين في ظل وجود مصالح مشتركة بينهما يشوبها سوء تفاهم، أو يعيق تحقيقها تحيزات وتصورات مسبقة؛ فالحوار في هذه الحالة أداة فعالة تساعد من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة تسمح بتحقيق تفاهمات، بخلاف الأعداء فهم يحتاجون لمفاوضات غير مباشرة أولاً لكسر حاجز العداء لأن أداة الحوار الرئيسية هي الخطاب العقلاني الذي يبني على المصالح المشتركة، والمستقبل المشترك للفرقاء لهذا فإن أي  مفاوضات تعمل على استبعاد إيران أو روسيا يمكن أن تنجح فقط في حال كانت هناك قوة عسكرية وسياسية مكافئة لإيران أو مكافئة لروسيا أو أقوى منهما تتبنى هذا الموقف وتدعم المعارضة بما يجعل أثر إيران أو روسيا في الصراع السوري مساوياً للصفر، وهو ما لم يتوفر حتى اليوم. كما أن استبعاد الإسلاميين من أي حوار أو تفاوض حول مستقبل سورية - كما يحاول أن يفعل البعض - سيكون أشبه بالتحاور مع المرآة، ومحكوماً عليه بالفشل .
يبدو الوصول لحلول حقيقية عبر التفاوض في الوقت الحالي أمراً بعيد المنال، لكن ليس المطلوب اليوم من قوى الثورة السورية الاستسلام، أو التسليم للنظام؛ لتجنيب سورية مصيراً مشابهاً لما حدث في ألمانيا بعد هزيمتها، كما يروج حلفاء النظام. وإنما المطلوب هو تغيير المقاربات السياسية التي اعتمدت التعويل على التدخل والضغط الغربيين، والمستندة للأماني والفرضيات الخاطئة، واعتماد بدلاً من ذلك مقاربات سياسية تستند إلى أطر معرفية واستراتيجيات مدروسة؛ لكيفية التعاطي مع الواقع كما هو لا كما نتمناه، وإلا فالبديل استمرار الحرب الإقليمية والدولية على الأرض السورية، وبدماء أبنائها لسنوات طويلة قادمة، حتى يتمكن أحدهم من الحسم العسكري، إلا أن الحسم سيكون عندها انتصارًا عقيماً، لا يمكن الإستفادة منه؛ نتيجة الحالة الكارثية التي ستخلفها الحرب.
قد يكون من المتعذر إيجاد حلول سياسية أو سحرية تحل المحنة في سورية بخطوة واحدة؛ لذلك فإنه من الحكمة العمل على تطوير البيئة والأدوات التي قد تسمح لنا بالوصول لحل سياسي في مرحلة لاحقة، بدل التركيز على الوصول إلى حل سياسي مباشرة.
بمعنى آخر: قـد يكون من المتعذر اليوم خلق هيئة حكم انتقالي كما نص على ذلك إعلان جينيف ١ ، وكذلك من المتعذر الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار يؤدي إلى إيقاف الحرب بين النظام وحلفائه من جهة، وبين قوى الثورة من جهة أخرى. ولكن في المقابل يجب السعي لحصر هذه الحرب على خطوط التماس من خلال إيقاف إلقاء البراميل والقنابل على المناطق الأخرى المأهولة بالسكان أو البعيدة عن خطوط التماس، بما يسمح لمعظم المناطق السورية بأن تنعم بشيء من الاستقرار.  حيث أنه لا يمكن الوصول إلى حلول سياسية مستدامة بدون وجود ممثلين حقيقيين لمصالح الشرائح الشعبية الواسعة الثائرة على النظام بكافة أشكالها وتصنيفاتها. إن ظهور هؤلاء الممثلين يحتاج إلى شيء من الاستقرار في المناطق التي خرجت عن سيطرة بشار في الشمال والجنوب، مما سيخفف أيضًا من أعباء اللجوء إلى الدول المجاورة لسورية، والدول الأوروبية. وهذا سيسمح بدوره خلق مختبر لممارسة تجربة بناء الدولة الديمقراطية في هذه المناطق، مما سيساعد الناشطين، والسياسيين على اكتساب تجارب مهمة ستساعدهم على بناء سورية الجديدة المنشودة.
كما أن هناك واجبات مترتبة على رعاة عملية الحل السياسي ممثلين في هيئة أصدقاء الشعب السوري، والأمم المتحدة بالعمل والضغط في اتجاه تحقيق هذا التطور إن كانوا جادين في صداقتهم، ولهذا الغرض يوجد لديهم عدة أدوات: تبدأ بالحوار والتفاوض المباشر مع إيران وروسيا من أجل الوصول إلى تفاهم من هذا النوع. وفي حال تعذر ذلك فهم يمتلكون العديد من الخيارات بناء على مبدأ مسؤولية الحماية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ٢٠٠٥ م على خلفيات أحداث يوغوسلافيا السابقة ورواندا والكونغو والصومال وكوسوفو وغيرها. ولا يعترف المبدأ بحق السيادة منفصلاً، وإنما يربط هذا الحق بمسؤولية الدولة عن حماية السكان، وهذا نصه:  
(إذا فشلت الدولة بشكل واضح في حماية شعبها، فيتحمل المجتمع الدولي مسؤولية الرد بشكل فوري وحاسم مستخدماً الفصل السادس، والسابع، والثامن من ميثاق الأمم المتحدة عبرمجموعة من الاجراءات السلمية، أو العسكرية، وهذه الإجراءات قد تتضمن العقوبات، الإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية، أو استخدام القوة).
 أو توسيع مظلة الناتو الصاروخية في جنوب تركيا، والتي تم إنشاؤها في ٢٠١٢ كي تغطي ٣٠ - ٤٠ كلم داخل الأراضي السورية على طول الحدود، مما سيسمح بخلق ملاذات آمنة للنازحين، كما يُمكِّن الحكومة السورية المؤقتة، ومنظمات المجتمع المدني، والهيئات الإغاثية، والسياسية أن تعمل انطلاقاً منها، وتستأنف الشركات والمعامل أعمالها في تلك المناطق ، بما يسمح بإيجاد فرص عمل للنازحين .
تنويـه: الصراعات الطائفية لا تنتهِى إلا بإحدى طرق ثلاث:
أولاهـا: بانتصار أحد الطرفين، وما يتبعهُ ذلك من مذابح مروِّعة لخصومه.
والثانية: من خلال تدخل هائل من قوة ثالثة لوقف الصراع، وتشكيل توازن قوى جديد على أرض الواقع.
وأخيرًا: إنهاء تلك الصراعات من خلال تسوية سلمية، وحتى لو حدث ذلك فإنه يتم بعد سنوات من إراقة الدماء، ذلك يؤكد أن الحل السياسي السريع لسورية شبه مستحيل، ما يدفع إلى ضرورة التفكير في حل آخر أكثر عملية.
  مع أن الحرب في سورية ليست صراعاً طائفياً في الأساس، بل عدوان من تحالف احتلالي داخلي خارجي ضد الشعب السوري أي أنه صراع مركب إلأ أن الباحث الأمريكي كنث بولاك صنَّفه صراعاً طائفياً في مقالة بعنوان: جيش لهزيمة الأسد An Army to Defeat Assad.        
ولأهميتها نثبتها فيما يلي: يقترح بولاك من خلال دراسته لحالات الدعم العسكري الأمريكي أن تقوم الولايات المتحدة بتكوين جيش سوري بالهيكل والعقيدة التقليديين، يكون قادرًا على هزيمة كل من النظام، والمتطرفين السوريين. وسيجبر الانتصار الحاسم لهذا الجيش المدعوم من الولايات المتحدة جميع الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وسيعطي الولايات المتحدة النفوذ الكافي للعب دور الوسيط في ترتيبات مشاركة القوة بين الفصائل المتناحرة.
ويؤكد الكاتب أن المحصلة النهائية لهذه الاستراتيجية هى توفير ظروف مناسبة لظهور دولة سورية جديدة سلمية تعددية، وسلطة قادرة على حكم الدولة كلها.
ولتحقيق ذلك، يشير بولاك إلى أنه لا بد من أن تُلزم الإدارة الأمريكية نفسها ببناء جيش سوري جديد يكون قادرًا ليس فقط على إنهاء الحرب، بل أيضًا على ترسيخ دعائم الاستقرار بعد انتهاء الحرب، فضلا عن ضرورة أن تدعم الولايات المتحدة ذلك الأمر بالموارد والمصداقية الكافيتين.
وإذا أيقن المجتمع الدولي أن الولايات المتحدة تسعى لتطبيق تلك الاستراتيجية، فإن الدول التي ستدعمها ستكون أكثر بكثير من الرافضين.                  
ويرتبط نجاح الاستراتيجية بتمويل أكثر لتدريب وإعداد الجنود الجدد، بالإضافة إلى المستشارين الذين سيتولون مسئولية تعليم وإعداد تلك القوة الجديدة لعمليات القتال. وعن تشكيل الجيش الذي سيحارب الأسد والمتطرفين السوريين، يشير بولاك إلى تجنيد أفراد الجيش السوري ممن لديهم الرغبة في القتال مع الجيش الجديد من السوريين - بصرف النظر عن الانتماء - الجغرافي، الديني العرقي -  فضلا عن أنهم لا بد من أن يندمجوا في إطار الهيكل التقليدي للجيش الجديد، ويتبنوا عقيدته وقواعده بالإضافة إلى أنهم يجب أن يتركوا الميليشيات التابعين لها، قبل الانضمام إلى وحدات الجيش الجديد، وأن يكون الولاء للجيش الجديد، ولرؤية دولة سورية ديمقراطية بعد انتهاء الحرب .
يرى بولاك في مقاله أن النقطة الأهم في تلك الاستراتيجية هي ضرورة تركيز الإدارة الأمريكية على ضرورة استمرار التدريب على المدى البعيد، ولا يقتصر التدريب على مجرد أسابيع يتدرب فيها أفراد الجيش الجديد على حمل السلاح والتكتيكات البسيطة، بل يجب أن يستمر على الأقل لمدة عام؛ يبدأ بالتدريب على المبادئ الأساسية للقتال، ثم يتطور إلى الخدمات اللوجيستية، والدعم الطبي، والمهارات العسكرية المتخصصة.
ويشير إلى أن هذا التدريب يحتاج لبيئة خالية من عوامل التشتت، لذا يقترح بولاك أن يتم التدريب خارج سورية ويطرح أن يتم في الأردن أو تركيا، لكون الدولتين تؤيدان الدعم الأمريكي لسورية، لكنهما من المحتمل أن تطلبا تعويضًا لاستضافتهما هذه المعسكرات الجديدة الضخمة. لذا فإنه من الممكن أن تعرض واشنطن مساعدات على الأردن مقابل تعاونه مع الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للقضاء على بشار.
  يؤكد بولاك أن الجيش السوري الجديد سيتحرك داخل سورية، ويسيطر على الأراضي السورية، إذا كان قويًا بصورة كافية قائلا: ليس من الحكمة إرسال جيش جديد في بقاع الصراع السورية، وهو لا يحتوي على الأقل، على 2 أو 3 ألوية؛ كل منها مكون من ألف إلى ألفي جندي، فضلا عن أنه يجب عدم إرسال تلك القوات إلا بعد أن تكون قد أتقنت المهارات القتالية المطلوبة لدحر قوات الأسد، وكذلك الميليشيات المنافسة. ويضيف: بعد أن يسيطر الجيش السوري الجديد على الأراضي السورية، فإنه يجب أن يعمل على تجنيد المزيد من السوريين بشكل مستمر من أجل تحقيق الغاية النهائية من تأسيسه، وهي تأمين الدولة كلها من خلال إزاحة كافة الفواعل السورية والإقليمية التي تناوئه.
وليتمكن الجنود السوريون من كسب أراضٍ سورية جديدة، فإن على قادة الجيش الجديد استعادة القانون والنظام بكل ما يتطلبه هذا الأمر. وفي حالة استطاعة الجيش السيطرة على الأراضي السورية، لا بد أن تبدأ المعارضة في تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة الأوضاع، على أن يصبح هذا الجيش هو الجيش الرسمي الشرعي لسورية. ويؤكد بولاك أن المعضلة الدائمة التي تواجه أية دولة عانت حربا أهلية هي كيفية ضمان الاستقرار، وعدم الانقلاب على السلطة. لذا يشير إلى أن هذا الجيش الجديد لا بد أن يكون قويًا ومستقلا وغير مسيس، مؤكدًا أن أفضل طريقة لضمان ذلك هى غرس تلك المبادئ في عقول أفراد الجيش منذ البداية، تجنبًا لتكرار الأخطاء التي وقعت فيها الولايات المتحدة أثناء حربها في العراق.
ويستطرد: إذا أرادت الولايات المتحدة بالفعل أن ترى دولة سورية جديدة ومتطورة ومستقرة، فيجب أن تحافظ على دعمها ورعايتها للجيش السوري الجديد لعدة سنوات.
ويشير بولاك في مقالته إلى أن تشكيل جيش سوري جديد بعد قراءة التجارب السابقة في البوسنة، وأفغانستان، والعراق، وليبيا قد يحتاج من سنة إلى سنتين لإعداد اللواءات الأولى المطلوبة، وبعد دخول الجيش السوري الجديد سورية، فإن تعزيزه بأفراد جدد وتدريبهم قد يحتاجان من سنة إلى ثلاث سنوات أخرى لهزيمة قوات بشار، والقضاء على الميليشيات الأخرى المنافسة.
ومع انتهاء الحرب وإقرار السلام، سيبدأ الجيش في إعادة تنظيم ذاته، طبقًا لمعطيات الدولة الجديدة واحتياجاتها على المدى الطويل بما فيها القضاء على العناصر الإرهابية المتبقية، وقد يتطلب هذا الأمر سنوات طويلة، لكنها لن تكون أكثر مما احتاجت لهزيمة نظام بشار، خصوصًا مع استمرار دعم الولايات المتحدة للمؤسسات السورية الجديدة، وإسهامها في إعادة بنائها السياسي والاقتصادي.
أما فيما يتعلق بحسابات التكلفة، فيتوقع الكاتب أن يتطلب تكوين جيش جديد من مليار إلى ملياري دولار في السنة، وستحتاج الولايات المتحدة إلى أن تضخ من 6 إلى 20 مليار دولار في السنة من أجل الدعم الجوي الذي سيضمن تفوق الجيش الجديد في ساحة المعركة، وربما من 1.5 إلى 3 مليارات دولار في السنة من أجل المساعدات المدنية. بعبارة أخرى ستحتاج هذه الاستراتيجية إلى ثلاثة مليارات دولار سنويًا لمدة سنتين أو ثلاث على أقل تقدير، على عكس ما تطلبه الأمر في التجارب السابقة، حيث كلَّفت حرب أفغانستان الولايات المتحدة 45 مليار دولار سنويًا من 2001 حتى 2013، والعراق نحو 100 مليار دولار سنويًا من 2003 حتى 2011.
ويشير بولاك إلى أن الميزانية المتوقعة ستنخفض في حال تمكنت الولايات المتحدة من الحصول على دعم مالي من حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط، خاصة من دول الخليج العربي التي أصرَّت لسنوات على تمويل أي جهود تسعى لإنهاء الأوضاع المضطربة في سورية، وهي بالفعل طبقًا للكاتب أنفقت مليارات الدولارات لتمويل الجماعات السورية المتنوعة.
في نهاية مقاله يؤكد بولاك أن تلك الاستراتيجية ستخدم مصالح الولايات المتحدة، ليس فقط في سورية، بل في العراق أيضًا. فبرغم أنه من المفترض أن يكون الجيش الجديد محايدًا ، فإنه بطبيعة الحال سيسيطر عليه السُنة، حيث إن انتصاراتهم على كل من نظام الأسد، والقوات الإسلامية في سورية ستجعل منهم نموذجًا يُحتذي به للقبائل العراقية السنية المعتدلة، وستكون تلك القبائل هي المفتاح لمواجهة تنظيم الدولة الذي سيطر على مناطق شاسعة من الأراضي العراقية والسورية، إذ إن دعم الولايات المتحدة لفروع العشائر العراقية في سورية من ناحية، والتزامها ببناء دولة تعددية شاملة في سورية، والتي تتمناها أيضًا القبائل السنية في العراق، من ناحية أخرى سيساعدان على تحويل جميع السُنة على طول الإقليم لأن يكونوا ضد تنظيم الدولة وأمثاله بدلا من تأييده  والاستجابة لسلوكياته (25).                                                                                                         
   خامس عشر – النتائج والتوصيات:
vإن الأزمات المعقدة، والحروب تحتاج لاستراتيجيات مناسبة ودقيقة من أجل تحقيق انفراجات، وصناعة الحلول، وهذه تتطلب بدورها عقلانية وموضوعية؛ لفهم الواقع والتعامل معه كما هو، لا كما نتمناه، أما المقاربات المبنية على الأماني والأوهام والفرضيات الخاطئة، فإنها لن تعمل إلا على إطالة أمد المأساة التي يدفع الشعب السوري فاتورتها من دماء شبابه، ومستقبل أبنائه.
vخلَّف الصراع السوري حتى الآن أكثر من ربع مليون ضحية، غالبيتهم العظمى شهداء مدنيون من مناطق الثورة، وأكثر من ربع مليون ما بين سجين ومفقود، ومليون مصاب، ونصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ، وكمّاً هائلاً من المآسي والمعاناة الإنسانية البالغة، لم يشهدها أي شعب منذ الحرب العالمية الثانية، إضافة لتفكك بنية الشعب الاجتماعية، وظهورالأحقاد الطائفية، والنزعات الانفصالية لدى بعض الإثنيات، وصدق الله القائل  ﴿ لَتُبلَونَّ في أَمْوالكُم وَأنفُسكُم ﴾  ولكن أجمل ما في البلاء أنه لا يدوم أبداً وهو إلى أجل مكتوب ﴿ سَيَجْعَلُ اللهُ بَعدَ عُسْر يُسْرَاً ﴾  فاطمئنوا أيها السوريون واستعينوا بالله، واستمروا بالمقاومة والجهاد؛ فالابتلاء بقدر؛ لأن البشر مختلفون في شدة صبرهم وقوة عزيمتهم واحتمالهم﴿ لا يُكلفُ اللهُ نَفْسَاً إلا وُسْعَهَا ﴾ وحاشاه تعالى خذلان المظلوم.
vهناك اتجاه عالمي واضح لإطالة أمد المأساة السورية؛ لتحقيق مصالح عالمية وإقليمية، ظهر ذلك من تعمد إفشال مؤتمر جينيف 2 بتعذر تشكيل هيئة حكم انتقالي، بسبب اختلاف المصالح على موقع بشار من الحل. ولا بـد من البحث عن حلول خلاقة تنهي المأساة السورية. 
vأثبتت المأساة السورية عجز ما يسمى بالمجتمع الدولي، ومجلس الأمن عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، والتضحية بمصائر الشعوب حين يتعلق الأمر بمصالح الدول الكبرى.
vإن تحالف الشر المتمثل في التحالف الصليبي الصهيوني – الباطني بكل ميليشياته الإرهابيىة العابرة للحدود اتخذ من مكافحة الإرهاب، والتصدي لتنظيم الدولة شعاراً وهمياً للعدوان على المنطقة العربية وإبقاء إخضاعها لسيطرته ونهب ثرواتها، وعدم السماح لها بالانعتاق في سورية خصوصاً، وبقية دول الثورات العربية عموماً فحرك الانقلابات ضدها، وعدم المساس بنظام السفاح مع أنه أصل الإرهاب والفوضى في المنطقة. لذا نوصي الثوار السوريين بالوحدة في جسم واحد لدفع الخطر، وعدم التورط مع التحالف بقتال تنظيم الدولة، مالم تكن الرصاصة الأولى في رأس بشار وزمرته.
vإن أمن إسرائيل، والمشروع الامبراطوري الأمريكي في المنطقة يتعارض كلياً مع حرية الشعب السوري، كتعارض مصالح كل من روسيا وإيران، لهذا فليس من المتوقع تقديم أي مساعدة دولية للشعب السوري؛ لتحقيق طموحه في التحرر والخلاص من نظامه القمعي الطائفي بمساعدة خارجية، وهذا يخدم نظام السفاح.   
vمع تشكيل التحالف الدولي، وانطلاق الحملة الجوية في العراق وسورية، لم تعد ثمة أولوية سوى القضاء على الجهاديين المحليين والعالميين، وكل ما يهم واشنطن في المدى المنظور إيجاد جسم عسكري جديد مرتبط بها، والتخلي عن كل التشكيلات لعدم القبول بها أصلاً؛ لقابليتها الاندماج مع الجهاديين. وصدق الله تعالى:﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ﴾أما في مواجهة النظام فالخيار واضح كما ذكره تقرير راند وهو الاستنزاف البشري لقواته، وقد بدا هذا واضحاً في تفاقم خسائره أخيراً.

vالحل السياسي غير وارد حالياً من جميع الأطراف لحين الانتهاء من القضاء على تنظيم الدولة، والجهاديين السوريين، والأوربيين حتى لا يعودوا لبلدانهم. عندها ربما نكون أمام سايكس بيكو جديدة للعراق وسورية تحاك خيوطها على نار هادئة، أو في أحسن صورها حل على النمط البوسنوي لسورية يتلخص في وحدة هشة، ونفوذ قوي للطائفة النصيرية فيما يشبه دولة مستقلة بالساحل، وكذلك إقليم كردي، وكلاهما يحاكي بالترتيب الحالتين الصربية والكرواتية في البوسنة، حيث لم يسمح الظرف الدولي بدولتين لهما، ولكنهما تمتعتا باستقلال كبيرعن الدولة المركزية مع ممارسة نفوذ على الدولة، والحالة النصيرية هنا تتقدم في دورها الوظيفي؛ لحماية إسرائيل بسبب العلاقة التاريخية بينهم وبين كل من إسرائيل وأمريكا. مع ضمان نفوذ الروس والصينيين والإيرانيين في سورية، والعمل على تأمين علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة على نمط العلاقة العراقية، وتمهيد المسرح لوأد الحالة "النموذجية" للثورة السورية بحيث يتعذر تصديرها لدول عربية أخرى.
vمع الخصومة العالمية للثورة السورية، لم يبق أمام السوريين سوى ( تقليع شوكهم بأيديهم ) ابتداء بالكتائب الإسلامية بوحدتها جميعاً في جسم واحد، مع تخلي جبهة النصرة عن اسمها، والاندماج مع بقية الكتائب للخلاص من الحظر الدولي عليها، ثم التعاون والتنسيق مع الكتائب الوطنية الأخرى، والاعتماد على الله، ثم على قواهم الذاتية؛لإثبات قوتهم في الميدان من أجل تغيير المعادلة لصالح الشعب، فالله تعالى يأمركم بذلك: ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفلاقوا ﴾، ولم يكلفكم أكثر من طاقتكم ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴾.    
vعلى أثرياء العالم الإسلامي تقديم العون المادي للسوريين ثورة ولاجئين، فهو واجب شرعي عليهم، وليس تضامناً إنسانياً، ولا صدقـة ذاتية أو إحسانأ﴿ إنما المؤمنون إخوة ﴾، و" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " كما أنه ضمان لمستقبلهم بانتصار الثورة السورية من أن تطالهم يـد الغدر االباطني الصهيوني. 

المصادر:
[ 01 ] حسب قاعدة بيانات الثورة .  
[ 02 ] حسب وكالات الأنباء .
[ 03 ] كما صرح بذلك المجلس الوطني السوري .
[ 04 ] نقلتها محطة فرانس24 : 07/11/2014 م .
[ 05 ] نقله التلفزيون العماني الرسمي بوم الاثنين : 10/11/2014 م .
[ 06 ] نقلته صحيفة وطن تغرد يوم 7 / 10 / 2014 عن صحيفة الغارديان بتاريخ : 6 / 10 / ٢٠١4 م .
[ 07 ] موقع الآن 24 أغسطس 2014 م .  
[ 08 ] كما كتبت مجلة فورين بوليسي بتاريخ : 4 /11/ 2014 م .                   
[ 09 ] حسب ما أعلنه التلفزيون السوري .
[ 10 ] تصريحاته لوكالة أنباء شينخوا الصينية .
[ 11 ] وكالات الأنباء : 6 /11/2014 م .
[ 12 ] دي برس يوم الخميس : ١١/٧/٢٠١٣م .
[ 13 ] شام برس 7/ 9/2012 م .   
[ 14 ] حسب ما ورد في موقع الوطن تغرد خارج السرب في 1 أكتوبر 2014 م .
[ 15 ] صحيفة المونيتور 18مايو 2014 م .  
[ 16 ] قناة العربية ، عن وكالات الأنباء . 
[ 17 ] نشرته الغارديان بتاريخ : 6 / 10 / ٢٠١4 م .
[ 18 ] وكالات الأنباء نقلاً عن الائتلاف الوطني السوري م .  
[ 19 ] وكالات الأنباء 24/9/ 2014 م .
[ 20 ] الشرق الأوسط : 27 /9/ 2014 م .
[ 21 ] تقرير صدر عن مؤسسة راند الأمريكية شهر يونيو 2014 م
[ 22 ] الموقع الرسمي للائتلاف الوطني السوري .
[ 23 ] المصدر السابق .
[ 24 ] وكالة الأنباء الكويتية نقلاً عن صحيفة الأخبار اللبنانية بتاريخ : 29/9/ 2014 م .
[ 25 ] مجلة الشئون الخارجية (Foreign Affairs)  في عددها عن شهري سبتمبر وأكتوبر 2014م .
          كينيث بولاك ، خبير استرلتيجي في الشئون السياسية والعسكرية لمنطقة الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز
                                     







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق