قال
تعالى:" يا أيها الذين آمنوا ؛ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودُها الناسُ
والحجارَةُ عليها ملائكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ ،لا يعصون اللهَ ما أمرهُمْ ، ويفعلون ما
يُؤمَرون" سورة التحريم الآية 6
يقول
المثل العربي : درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج. والوقاية من النار بالتأديب
والتعليم والعمل بطاعة الله واتقاء المعاصي وبذكر الله المتواصل لساناً وقلباً ، ومساعدتهم على ذلك ، ويعلم أهله وقرابته وما
له عليه دالَّةٌ ما فرض المولى سبحانه وما
نهى.
وقد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا
بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " رواه ابو داود وقال الترمذي هذا حديث حسن يؤمر
بهذا تدريباً و تمرينا له على العبادة لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة
ومجانبة المعاصي وترك المنكر.
إنها
النار التي تصهر كلَّ ما يلقى فيها ووقودها الكفار من البشر وأصنامُهم وما كانوا
يعبدون من دون الله : " إنكم وما
تعبدون من دون الله حصب جهنم " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاية وفي
اصحابه شيخ يسأله: يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا ؟ فقال النبي صلي الله
عليه وسلم " والذي نفسي بيده لصخرةٌ من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها
" قال فوقع الشيخ مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده
فإذا هو حي فناداه قال " يا شيخ قل لا إله إلا الله " فقالها ، فبشره
بالجنة قال : فقال أصحابه يا رسول الله أمن بيننا ؟ قال " نعم يقول الله تعالى
" ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد " هذا حديث مرسل غريب .
أما
الملائكة الغلاظ الشدادُ فطباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله وتركيبهم
في غاية الشدة والمنظر المخيف. قال عكرمة : إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا
على الباب أربعَ مئة ألف من خزنة جهنم سودٌ وجوهُهم كالحة أنيابُهم ،قد نزع الله
من قلوبهم الرحمة ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة ،لو طار الطير من منكب
أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثم يجدون على الباب التسعةَ عشرَ، عرضُ
صدر أحدهم سبعون خريفا ثم يهوون من باب إلى بابٍ خمسَ مئة سنة ،ثم يجدون على كل
باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها هؤلاء" لا يعصون
الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " يبادرون إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين وهم
قادرون على فعله ،ليس بهم عجز عنه . وهؤلاء هم الزبانية – لا مفرّ للكافر منهم،
نعوذ بالله أن نكون من أهل النار . ولن يُقبل من الكافر اعتذارُه ولن يُرحم
بكاؤُه، نسأل الله العافية وحُسْنَ الختام.
وقد
مدح الله تعالى سيدنا إسماعيل إذ ربَّى أهله على الأخلاق الحميدة ،وتابعهم في
توجههم إلى الله فوصفه بصدق الوعد ومتابعة صلاة أهله ،وتأديبِهم على مكارم الأخلاق
ودفع الزكاة ، ومساعدة المحتاجين ، فكان عند ربه في مكانة رضيّة " واذكر في
الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً ، وكان يأمر أهله بالصلاة
والزكاة ، وكان عند ربِّه مَرضيّاً " سورة مريم 54-55.
ثم
قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا "والتوبةُ
النصوح هي الصادقة التي تمحو ما قبلها من السيئات ومن شروطها
1-
(أن يتوب من الذنب، ثمّ لا يعود فيه)
2-
ويندم على ما سلف منه في الماضي .ويبغض الذنبَ كما أحبَّه من قبل.
3-
ويعزم على أن لا يفعل في المستقبل ما كان يفعله قبل أن يتوب.ويستغفر منه كلما ذكره.
4-
وفي حق الآدمي لا بد من إعادة الحق إليه وكشف الظلامة عنه. ،
عبد
الله بن مسعود أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " الندم توبة "
عن
أبي بن كعب قال : قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمة عند اقتراب الساعة .
1-
منها نكاح الرجل امرأته أو أمته في دبرها وذلك مما حرم الله ورسولُه ويمقت اللهُ
عليه ورسوله 2- ومنها نكاح الرجل الرجلَ وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه
ورسوله .
3-
ومنها نكاح المرأة المرأة وذلك مما حرم الله ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله .
وليس
لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحا قال زر : فقلت لأبيِّ
بنِ كعب فما التوبة النصوح ؟ فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال
" هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ثم
لا تعود إليه أبدا " .
والإسلام
يجُبُّ ما قبله ، فيعود التائب كأنه لم يكن فعل شيئاً ، وبما أن الإنسان خطّاء
وخير الخطّائين التوابون ، فقد يعود المرء إلى الوقوع في الذنب فعليه أن يستغفر
الله ويسأل اللهَ سبحانه العفو والمغفرة ، روى ابو هريرة عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فيما يحكي عن ربِّه
عزَّ وجلَّ قال " أذنَب عبدٌ ذنبًا . فقال : اللهمَّ ! اغفِرْ لي ذنبي . فقال
تبارك وتعالى : أذنَب عبدي ذنبًا ، فعلم أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ، ويأخذ
بالذَّنبِ . ثم عاد فأذنب . فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى :
عبدي أذنب ذنبًا . فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذُ بالذنبِ . ثم عاد
فأذنب فقال : أي ربِّ ! اغفرْ لي ذنبي . فقال تبارك وتعالى : أذنبَ عبدي ذنبًا .
فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ ، ويأخذ بالذنبِ . اعملْ ما شئت فقد غفرتُ لك
" . قال عبدُالأعلى : لا أدري أقال في الثالثةِ أو الرابعةِ " اعملْ ما
شئت "رواه مسلم .
من فوائد التوبة:
1- تكفير
السيئات ، ومن كُفّرت سيئاته وبقيت حسناته ناد منادٍ أن سعد فلان بن فلان سعادة لا
شقاء بعدها.ولعلنا بفضل الله نكون من هؤلاء.
2- ومن ذابت
سيئاته وانقلبت حسنات بفضل المليك وعفوه استحق الجنة ، وصار من أهلها إنها جنات
عدن أو جنة المأوى أو الفردوس الأعلى أو غيرها، والله كريم يهب عباده الصالحين ما
لا يخطر على البال.
3- ويحشر مع
النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن كان صاحب الحبيب في المحشر لا يُخزيه الله أبداً .
4- نور المؤمنين يملأ الوديان والبطاح ويسير
أمامهم يضيء لهم ماهم فيه يومَ لا شمس ولا قمر.
يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نورَ المنافقين قد طفئ،
فعن أبي ذر وأبي
الدرداء قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا أول من يؤذن له في
السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له برفع رأسه فأنظر بين يدي فأعرف أمتي من بين
الأمم وأنظر عن يميني فأعرف أمتي من بين الأمم وأنظر عن شمالي فأعرف أمتي من بين
الأمم " فقال رجل يا رسول الله وكيف تعرف أمتك من بين الأمم ؟ قال" غُرٌّ
محجَّلون من آثار الطهور ولا يكون أحد من الأمم كذلك غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم
بأيمانهم وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم
"
هذه أمة الحبيب
المصطفى صلى الله عليه وسلم يكرمها الله تعالى بالنور الكامل يوم القيامة ..
إن الله تعالى
ينادينا ليجعلنا من المقرّبين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق