الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-08-19

إلى أي مدرسة ينتسب البوطي؟ - الشيخ/ محمد أبو الهدى اليعقوبي


كتب أحد الإخوة إلينا معلقا على بعض ما كتبناه في الدكتور سعيد رمضان البوطي يقول: "أين انت ياشيخ حسن حبنكة، ألم يرث حكمتك الا البوطي ؟ منهج الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى هو منهج السلف الصالح في الفتن وهو اليوم منهج كل علماء الشام المعتبرين ، وما شذ عن هذا المنهج منهم الا دعاة التجديد ولا حول ولا قوة الا بالله."

ونقل نقولا من كتاب ابنه في ترجمته، فيها أن الشيخ أسكت بعض العامة لما أرادوا الصياح في مسجده والتظاهر، وكيف أنه لم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة لما جاءت المخابرات لاعتقاله".


وقال: "والشيخ كريم راجح حاول جهده ان يوصل رسالة الحكمة هذه ولكن الامر كان اكبر منه ، فقد نهى عن التظاهر في اول الاحداث بلهجة صارمة"
وختم كلامه بالقول: "الشيخ البوطي هو الوريث الشجاع الوحيد لمدرسة السلف فإلى اي مدرسة ينتسب الشتامون؟"

وقد أحببنا أن نجيب على هذا الكلام وما فه من شبه وتحريف لسيرة واحد من أعلام العلم والجهاد كان عالما رباني وإماما مجاهدا، وهو الشيخ حسن حبنكة، رحمه الله وجزاه عن الأمة خير الجزاء.

لقد جالسنا الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى وعرفناه، كان فارسا مغوارا وبطلا صنديدا، إذا غضب لله لا يقوم لغضبه شيئ. جاهد في سبيل الله بالكلمة، وجاهد في سبيل الله بالسلاح.

نعم فقد حمل السلاح وانضم إلى المجاهدين في ريعان شبابه لتحرير البلاد من الاحتلال الفرنسي، رغم وجود حكومة محلية من أبناء الشعب، ورغم أن المجاهدين كانوا يعدون في نظر الحكومة ونظر فرنسا خارجين عن القانون، بل كانوا ملاحقين من الدرك أي من أبناء البلد، والمخبرون من المتعاونين مع فرنسا يتسقطون أخبار الثوار، والمشايخ المتعاونون مع فرنسا يصدرون الفتاوى. وانجلى الغبار وانتصر المجاهدون واستقلت سورية، وخرج المستعمر وأعيدت كتابة التاريخ، ولفظ التاريخ أولئك المتعاونين مع المحتل.

والذين يحكمون اليوم أشد كفرا وضررا من الفرنسيين. وهم محتلون للبلاد، جاؤوا من الجبال وتغلغلوا في كيان الدولة شيئا فشيئا كالسرطان حى تمكنوا. وقد كان والدي العلامة الكبير الشيخ إبراهيم اليعقوبي وهو أحد أكابر الأولياء في زمانه يحذرنا من الانخداع بهذا النظام، ويقول: سيأتي يوم ينصب فيه هؤلاء النصيرية المدافع على جبل قاسيون لدك الشام. وها قد رأأينا هذا يحدث.

أما أن الشيخ حسن حبنكة أسكت الغوغاء الذين أرادوا التكبير والخروج في مظاهرة، فهو صواب، ولم تفهم مراد الشيخ حسن حبنكة ونحن أعرف بمنهاج هؤلاء الأئمة.

والسبب الأول أنه كان وضع منهاجا للتحرك وهذا ما يفعله السياسي المحنك، وكذلك كان الشيخ حسن رحمه الله، يبدأ بتقديم الطلبات ثم بالمفاوضات وخلال ذلك يقدم أوراق الضغط الواحدة تلو الأخرى ولا ينتقل إلى وسيلة إلا بعد استنفاذ التي قبلها. هذا ما تقتضيه الحكمة والسياسة.

والسبب الثاني: أن الشيخ لم يكن يريد تحركا تقوده الجماهير وإنما تحركا يقوده العلماء، وهذا ما سعينا إليه، فهو لا يريد أن يقاد وإنما أن يقود. وكان العلامة البوطي أمل الأمة في قيادة هذه الثورة، وتجنيب الناس هذه المعاناة. واللبيب هو الذي ينظر في أحوال الناس فإذا رأى الاستعداد تحفز للثورة، والشيخ لم ير الاستعداد في ذلك الوقت، ولكن الناس اليوم على أتم الاستعداد لنصرة الدين وتحرير البلاد من الطواغيت، وهم ينادون: على الجنة رايحين شهداء بالملايين. وهم يبايعوننا ولله الحمد ويستمعون إلى نصحنا ويأتمرون بما نأمر، ويريدون للعلماء أن يكونوا على رأس هذه الثورة.

هذا هو منهج الشيخ حسن حبنكة رحمه الله ... منهج نصرة الحق ... منهج الجهاد ... منهج قيادة الأمة ... منهج التضحية بالنفس والمال والولد ... منهج البعد عن النفاق للحكام ... منهج الصدع  بالحق لا يخاف في الله لومة لائم ...
إنك تجني على الشيخ حسن حبنكة وتجني على التاريخ وتجني على العلم وأهله إذ تنسب موقف البوطي هذا إلى مدرسة الشيخ حسن حبنكة، وهو بريئ منه.

عليك أن تعلم أن الشيخ حسن حبنكة هجر تلميذه شيخ القراء الشيخ كريم راجح مدة سنتين هجره في الله تعالى لأنه مال إلى الرئيس حافظ الأسد وصار يخطب بين يديه بعض الوقت في مطلع السبعينات، كما أخبرنا شيخ القراء بنفسه حفظه الله وأمتع به. إلى أن رجع الشيخ عن ذلك فرجع الشيخ إلي ما كان عليه من الود له.

وكان الشيخ حسن حبنكة رحمه الله قد نفض يديه من حافظ الأسد وكشف كذبه وخداعه بعد بضع لقاءات.

وأتشرف بأن أقول بأني حضرت أول لقاء للشيخ حسن رحمه الله تعالى بالرئيس حافظ الأسد بعد الانقلاب مطلع السبعينات. إذ مر الشيخ رحمه الله تعالى ومعه أخوه الشيخ صادق والشيخ هاشم السيد رحمه الله مفتي الحنابلة بسيارة يقودها أحد المقريبين من الشيخ على جامع الدرويشية لاصطحابه، وكنت في خدمة سيدنا الوالد رحمه الله تعالى ملازما له كظله، وكنت آنذاك غلاما في نحو الثامنة، فأخذني في صحبته، وتوجه الوفد إلى قصر الضيافة وهناك استقبل الرئيس الوفد وحضرت اللقاء وكان في القاعة التي خلف الشرفة في الطابق الأول. وكانت الغاية من اللقاء تقديم مطالب الشعب للرئيس. وكان الرئيس  يحسب للشيخ ألف حساب. واكتشف الشيخ رحمه الله ما عند الرئيس من المراوغة، ولذلك كان أخوه الشيخ صادق رحمه الله يأبى اللقاء به إلا إذا نفذ ما كان وعد به في اللقاءات السابقة.

أترانا لا نعرف ذلك التاريخ وقد عشناه، ليأتي ابن لبون لما ينبت عذاره بعد ليتحدث عن البلد وأعلام الجهاد فيه. إن موقف البوطي سبة في جبين العلم والعلماء، وعار على الشام وأهل الشام، والشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى بريء منه ومن هذا النفاق.

ترى أينتسب إلى د. مصطفي السباعي رحمه الله،  والسباعي كان أبعد ما يكون عن هذا المنهج بلا خلاف، أم ينتسب إلى والده العالم الرباني ملا رمضان وهو الذي كان يأبى اللقاء بالحكام فضلا عن تقديم ايات المدح والثناء.

نحن ننتسب إلى مدرسة سعيد بن المسيب ومدرسة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل ومدرسة العز بن عبد السلام ومدرسة الشيخ بدر الدين الحسني والشيخ شريف اليعقوبي والسيد المكي الكتاني والشيخ أبي اليسر عابدين. ولم يكن  في مدارس هؤلاء الوقوف على أبواب الحكام ولا المدح أو الثناء فضلا عن تأييد الظلمة وإعانة الكفرة الفجرة. فإلى أي مدرسة ينتسب البوطي، أفيدونا أفادكم الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق