في
سورة الرعد آيات سبقت هذه الاية الكريمة تؤكد أن الله تعالى ربُّ السماوات والأرض
وأن الآلهة المزعومة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرّاً ، فلا تستحق العبادة.والعاقل
الذكي يعلم بديع صنع الله وقدرتَه ،وأن شرع الله هو الحق الذي يفيد الناس ،وأن ما
عداه زبدٌ يعلو،فيظنه الجاهل خيراً،ثم ينكشف هباء ويبقى الحقُّ قوياً ثابتاً
متمكناً في الارض ينفعها بناءً ورفعة.
إن
العاقل ذا اللب يستجيب إلى نداء ربه فيكرمه خالداً في الجنان منعَّماً، أما
الكافر الذي يأبى الهداية فمأواه جهنم وبئس المصير ، يخسر كل شيء نفسَه وماله
واهله ، لاينجو من العذاب (يودُّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته
وأخيه وفصيلته التي تُؤويه ومن في الأرض ثم ينجيه، كلا ، إنها لظى ..)
المعارج(11-16) ثم نجد الآية الكريمة التي نحن بصددها
أَفَمَن
يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (19) الرعد
توضح
أنّ العالِمَ بما أنزله الله على نبيّه ،العاملَ بشرع الله طالبَ هداهُ،وملتزًمَ
أمره لا يستوي ومن غاب عن الحقيقة فتاه في الضلالة ،وخاب في مسعاه،إن من لا يرى
الضياء حوله أعمى ولو كانت له عينان ، لا يهتدي إلى خير ولا يفهمه ولو فهمه ما
انقاد له ولا صدقه ولا اتبعه كقوله تعالى " لا يستوي أصحاب النار وأصحاب
الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون" ، فالعمى الحقيقي عمى القلب .
إنَّ
أولي الألباب في هذه السورة يتسمون بصفات الكمال :
1-
يتذكرون ، وما يتذكر إلا أصحاب القلوب الناصعة والأفئدة السليمة والعقول الواعية.
2-
يوفون بعهد الله الذي أخذه عليهم يوم كانت البشرية في عالم الغيب " وإذ أخذ
ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيَّتهم ، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟ قالوا
بلى ، شهدنا أن تقولوا يوم القيامة : إنا كنّا عن هذا غافلين" الأعراف (
172).هذه هي الفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها.
3-
ثابتون على عهدهم لا ينقضونه، وهل ينقض العاقل ذو اللبِّ عهدَ ربِّه.
4-
يصلون الرحم ويبرون الاباء، ويعينون جيرانهم وأهل مدينتهم ومجتمعهم..
5-
يخافون الله،غضبَه وعذابَه،والخشيةُ ( خوف وحبّ) بآن.هكذا ينبغي أن نكون مع الله
تعالى.
6-
أهل شفافية،وحساسية تجعلهم يحسبون ليوم الدين حسابه،نسأل الله تعالى حين يعرض
علينا أعمالنا أن يرحمنا ويقينا سوء الحساب.
7-
يصبرون على الحياة بحلوها ومُرِّها ويرضون بما كتب الله ابتغاء مرضاته سبحانه.
8-
يتقربون إلى الله بالصلاة فيقيمونها على الوجه الصحيح ،فهي لقاء رائع بين الخالق
والمخلوق،إن الصلاة صِلة ،فلتَكنْ هذه الصلة طيبة على الوجه الذي يرضي من نتصل به
ونقف بين يديه راغبين راجين.
9-
ذو اللبِّ سخيٌّ وكريم يؤدي حق العباد في أمواله- بل هي رزق الله ساقه إلينا بفضله
ومنّه- ويتقرب إلى مولاه بالصدقات ، فالصدقة تطفئ غضب الربِّ ، وهي من أسباب
الشفاء( داووا مرضاكم بالصدقة). يستحسنُ أن تكون الصدقة سراً ،كما أن صدقة العلن
تشجع الآخرين على الصدقة.
10-
ضعف الإنسان يجعله يصيب ويخطئ لأنه خُلقَ من عجل، و(كل ابن آدم خطّاء وخير
الخطّائين التوّابون) وذوو الألباب يعلمون ما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم (
وأتْبِع السيئة الحسنةَ تمحُها ) يصلحون أخطاءهم بالتوبة والعمل الصالح.
ثواب
أولو الألباب النجاحُ والخلود في جنات عدنٍ ..(يدخلونها
ومن صلح من :
آبائهم وازواجهم ، وذرِّياتهم
والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتُم ، فنعم
عقبى الدار)الرعد
22
......جعلنا
الله تعالى منهم .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق