بكلمات قليلة
نطق بها قاض حاقد منحرف غيرت مصر من دولة كانت معروفة بــ (مصر هبة النيل) إلى
(مصر هبة الشر).
حدث ذلك يوم
السبت 29 تشرين الثاني، عندما اسقطت المحكمة عن مبارك (الرئيس المصري
الذي خلعته جماهير ثورة يناير 2011) تهمة التآمر للقتل التي كانت موجهة اليه بعد
مقتل مئات المتظاهرين خلال تلك الثورة العظيمة التي قادها شباب مصر بكل أطيافهم
وألوانهم ومشاربهم وتجاوبت معها الجماهير المصرية وخرجت بملايينها من شمال مصر حتى
جنوبها تهتف لمبارك وحزيه الوطني الفاسد: (ارحل.. ارحل).
لقد برأ هذا القاضي المنحرف والحاقد مبارك
من تهم الفساد وخصوصاً في إطار بيع غاز طبيعي مصري لإسرائيل بأسعار أقل من السوق.
في آب من عام 2011 دخل حسني مبارك قفص
الاتهام ممداً على محفة طبية متهماً بالتآمر لقتل متظاهرين مناهضين له وبالفساد،
لكنه يوم أمس خرج من نفس القفص منتصراً ومبتسماً بعد أن أسقط عنه ذلك القاضي
المنحرف الحاقد تهم القتل وبرأه من تهم الفساد.
لم يكن مبارك
يحتاج إلى أدلة إثبات أو شهود أو دفوع ومرافعات من محامين كبار لأن الحقائق على
الأرض تثبت كل هذه التهم، وقديماً قالوا: "الشمس لا تحتاج إلى دليل"،
وقيل: "الشمس لا تحجب بغربال".
أيا ما كان الأمر، وبغض النظر عن
الحقائق الغائبة في "قضية الثورة" ووقائع السنوات الأربع، يبقى على هامش
قرار المحكمة بالأمس (أيا كان) عدد من النقاط علينا أن نأخذها في الاعتبار:
١ـ القاضي هنا يحاكم أفراداً لا نظاماً.
ويحكم في "وقائع" بعينها أُسندت إليهم في قرار الاتهام، وبموجب ما
يتضمنه ملف القضية من أدلة ثبوت أو نفى.
٢ـ ولكل متهم الحق في محاكمةٍ عادلة، (وإن
كان لا قيمة لذلك في أمر مبارك، إلا أن المبدأ يجب أن يكون مطلقاً ومجرداً وعاماً،
وأن تكون العدالة تكفل الحق للجميع بلا تمييز).
٣ـ إن القضية في حد ذاتها لم تتحرك، كما لم
تصل إلى ساحة المحكمة إلا بعد ضغط "ميدان التحرير" وحشود الجماهير التي
احتشدت فيه وفي معظم ميادين المدن والبلدات والنجوع المصرية.
٤ـ إن قرار الاتهام، غاب عنه كل ما له علاقة بإفساد الحكم والحياة السياسية وكذا الفساد الاقتصادي (تزوير
الانتخابات، استغلال النفوذ، إهدار المال العام، بيع ممتلكات الدولة... الخ).
٧ـ ثم إن المشكلة
الحقيقية هنا ليست في قرار الاتهام، ولا في "توصيف" التهمة. بل في التوصيف السياسي والتاريخي لما جرى: ثورة يستحق القائمون بها
ممن ضحوا بحياتهم أوسمة البطولة والفخار وإقامة نصب تذكارية لكل الشهداء الذين
سقطوا على دربها.
مصر هبة النيل التي اعتقدنا أن ثورتها
ستجعل مصر حقيقة "أم الدنيا" وقائدة العالم العربي ومحط آمال الشعوب
العربية نجدها تحولت بفعل قاض منحرف حاقد إلى "مصر هبة الشر" لأن ما حدث
فيها تأثرت به كل المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط، وكان من تداعيات ذلك كل
الذي يجري في سورية والعراق وليبيا واليمن وفلسطين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق