كانت
ليلة مظلمة من ليالي المدينة، غابت عنها نجومها، وغاب عنها قمرها، لكن الصحابة
الأجلاء كانوا يقبسون الأنوار من قمر الهداية، وكوكب العناية الربانية، مَن اصطفاه
ربه فأعلى مقامه، وجعله نوراً يهدى به البشرية إلى يوم القيامة.
سمعوا
آيات الله تتلى من فم مَن عليه نزل القرآن الكريم، فملأ قلوبهم نوراً وعيونهم
ضياءً، وسمعوا كذلك من المصطفى دعاءه: ((اللهم اجعل من أمامي نوراً، ومن خلفي
نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، اللهم
اجعلني نوراً))، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فلما أرادوا العودة إلى بيوتهم
كانت الأنوار تحفهم من كل جانب، وكأنهم في رابعة النهار.
هذا
أُسيد بن حضير وعبادة بن بشر رضي الله عنهما يخرجان من حضرة النبي (الضياء) عليه
الصلاة والسلام، وأمامهما مثل المصباح ينير دربهما .. ما كانا يغنيَّان، ولا
يتمايلان تمايل السكارى.. ولم يكن حديثهما مما يندى له الجبين، إنما كانا ملكين
يمشيان على الأرض، ذكرُ الله في قلبيهما ولسانيهما، يحمدانه على نعمة الإسلام،
ونور الإيمان.
كان
هذا المصباح يشق طريقهما فترتاحُ نفساهما إلى ما هما عليه من دين عظيم كريم يقرب
إلى الله تعالى.
فلما
افترقا كلُّ إلى أهله انقسم هذا النور نورين، والمصباح مصباحين.
أرأيت
أخي الحبيب ما يفعل الإيمان والإسلام في حياة أتباعه؟ جعلنا الله من أهل الأنوار
في الدنيا والآخرة.
رياض
الصالحين
باب
كرامات الأولياء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق