مع تصاعد وتيرة القمع الممنهج من قوات
النظام السوري وعصاباته وشبيحته وأحلافه الإقليميين، تنطلق تصريحات هنا وهناك تقدم
وعودا سخية لنصرة الشعب السوري لإيقاف آلة القتل والعنف المتوحش الذي تقوم به
عصابات الأسد أو لكبحها على الأقل، سواء كانت تلك الوعود تتحدث عن دعم مادي أو طبي
أو إغاثي، أو تعد بتطبيق عقوبات صارمة على الأسد وحاشيته وكبار مسؤولية المتورطين
في المجازر والمذابح والانتهاكات ضد الشعب السوري، أو وعود أكثر جرأة تضرب على
الوتر الحساس وتمس أصل المشكلة فتتوعد
بإسقاط نظام الأسد، أو تقديم دعم ومساعدات عسكرية تسهم في الدفاع عن النفس كحق
عالمي مشروع في جميع الأعراف والأديان والشرائع والقوانين الأرضية
والسماوية، لدعم
الجيش الحر والمجلس العسكري ومن في حكمهم وتقوم بتسليحهم، مما يساعدهم في التصدي للعصابات
الأسدية ومنعها من الاستمرار في سعارها الحيواني وأعمالها السادية المتوحشة ضد
المواطنين العزل من قتل وقمع وسفك واغتصاب، وحرق ونهب وقصف ودك للمدن والقرى
وتهديمها فوق رؤوس ساكنيها العزل، أو تصريحات أعلى مستوى تمثل منظمات عالمية أو
أحلافا إقليمية أو تكتلات دولية، تنادي بحظر جوي أو إنشاء منطقة عازلة تنضوي وتأوي
إليها ألوية الجيش الحر بمجلسه العسكري وكتائبه وأنصارهم، تتحدث عن تلك المنطقة العازلة
بإسهاب مع تحديد مواقعها وعمقها ورسم خرائطها ومحاورها، كأن الخطة مرسومة بدقة
ودراية محكمة من قوى خارجية ضاربة وأحلاف دولية وتكتلات عالمية، قد أوثقت خطتها وأعدت
عدتها وعزمت أمرها وهي جاهزة للتنفيذ الليلة قبل الصباح !.
هذه الوعود المعسولة والتصريحات النارية
التي لم تترجم في غالبيتها إن لم تكن جميعها إلى أعمال على أرض الواقع، ليس في
اليوم التالي .... بل بعد شهور طويلة، وبعد أن تضاعفت مجازر النظام وجرائمه عشرات
المرات من بعد اطلاق تلك التصريحات والإعلان عنها أوالوعود بها.
لن أناقش سبب عدم تنفيذ هذه التصريحات
والوعود المعسولة للشعب السوري الأعزل المنكوب، أو الوعيد والتهديد لقوات الأسد
وأحلافه بإزالتهم وإنهاء حكمهم واستبدادهم، أو سبب بقاء هذه التصريحات والتهديدات والوعود هوائية معلقة لا تسمن ولا تغني من جوع،
فلكل تصريح من وعد أو وعيد أسبابه المختلفة عن الآخر، سواء ما كان منها بنية سوء
مبيتة أو توجيه رسالة للنظام الأسدي وعصاباته بشكل غير مباشر، تهدف إلى إثارته
وتهييجه ليتخذ تدابيره اللازمة من التوحش والسادية ورفع درجة سعاره ليزيد إمعانا في القتل والقمع،
وبين ما كان منها رغبات وآمالا حقيقة من جهات صادقة تهدف إلى مساعدة الشعب السوري
للخروج من أزمته وإيقاف آلة القتل والقمع الأسدية المتوحشة، إلا أن هذه الرغبات الصادقة،
قد اصطدمت بصخور عاتية وقوى خفية، فكبتت هذه الآمال وأخمدت جذوتها وحالت دون
تنفيذها.
إلا أن الأهم في الأمر هو مدى انعكاس هذه
التصريحات الاستدراجية حينا والمغرضة أحيانا، أو الغير مدروسة بشكل منطقي، إذ لم
تحبك خطتها أو تستوفي شروطها أو متطلباتها لتعد بشكل صحيح قابل للتطبيق.
إن هذه التصريحات قد ارتدت سلبا على أبناء
الشعب السوري سواء كان ذلك من الناحية النفسية
أو المعنوية أو زيادة الخسائر
والتضحيات على الأرض داخل صفوف الشباب الحر الثائر والجيش الحر البطل، بسبب ذلك
الإحباط الذي أصابهم بعد تلك الأحلام المعسولة
والآمال الوردية الفارغة من الجهة التي وعدته بالعون وبثت في نفسه الأمل، فبادر
وشمر وانطلق يناطح المستحيل ويتحدى الصعاب ليصحو على سراب من وعود واهمة واهية، عدا ما كان
بعضها من فخ منصوب وشرك خفي، كما أن هذه التصريحات النارية من جهة أخرى قد حقنت
حاشية النظام وقاداته وعصاباته وحلفائه الإقليميين والطائفيين بسعار حيواني، واستكلاب
على السلطة، واستحمار في طريقة التعامل مع الشعب الأعزل، تمخض ذلك عن مذابح أليمة
ومجازر مروعة طالت الكثير من المدن والقرى السورية، استخدمت فيها عصابات الأسد شتى
أنواع الأسلحة من مدافع ودبابات وطائرات، فقمعت الشعب وقصفت المنشآت ودكت البيوت
فوق رؤوس ساكنيها من المواطنين العزل بهمجية لم ينفذها حاكم مستبد في التاريخ ضد
شعبه، ففاقت جرائم هذا النظام المستبد القاتل تترية هولاكو وأحقاد الصرب وإجرام
نيرون ونازية هتلر.
أخيرا
وللإنصاف لا بد من ذكر الإيجابيات التي استفاد منها الشعب السوري وثواره
بسبب هذه التصريحات الهوائية التي أحبطت الكثير من أبناء الشعب السوري المصابر
وخذلته، رغم فداحة الأمر ومرارة هذه التصريحات والوعود الخلبية وآثارها السلبية الفادحة على الشعب السوري فإن
لها إيجابيات جعلت الشعب السوري يعتمد على نفسه، مستمدا قوته وعزيمته من ربه الذي
لا ينسى عباده ولا يخذل أولياءه.
لم يعد الشعب السوري يثق في شرق أو عرب أو
غرب، فلقد خذله الجميع وأدرك أنه هو المعني الوحيد بإزالة هذا النظام وأن ما يدار
عليه هو مؤامرة أرضية كونية، وما عليه إلا أن يعتمد على نفسه ويطور إمكانياته واثقا
من وعد ربه، مع قناعاته بوقوف جميع الشرفاء والأحرار من الشعوب، في الشرق والغرب
وأمة العرب والمسلمين، في صفه يناصرون قضيته العادلة ويدعمون حقوقه المشروعة في
الحرية والعدالة والكرامة .... متوكلا على الله وحده، الذي توعد الظالمين بسوء الخاتمة والمصير مهما
أمهلهم وأملى لهم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم.... إن أخذه أليم شديد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق