ونحن في
هذه الأيام الطيبات، أيام عيد الأضحى المبارك، أيام الزيارة والصلة، ولقاء الأحبة،
في هذه الأيام حيث يلبس الناس الجديد،
ويأكلون مما لذ وطاب، ويسرحون ويمرحون، ويروحون عن النفس بما أباح الله وأحل، ففي
العيد كل شيء مضيء، والناس تنحر الذبائح قربى إلى الله تعالى، كواجب شرعي على مذهب
جماعة من العلماء، أو على سبيل السنة المؤكدة، على رأي جماعة أخرى من علمائنا
ومجتهدينا، وفي زحمة الفرحة والغبطة، والرحمة والتوسعة على النفس والعيال، والفقير
والقريب، وتواصل الأرحام، وتناثر الخير، حتى أنه لا يجد من يأخذه، في بعض البلدان
التي وسع الله تعالى على أصحابها، في الرزق، ونسأل الله أن لا يريهم مكروهاً، وفي
اليوم الذي لا يفرح فيه المرء بالعيد، فمتى يفرح؟ .
نفاجأ
بفتوى بعض العلماء، فتوى مؤلمة محزنة جارحة للنفس، منغصة للعيش، وردتنا من ريف
دمشق، يفتون للناس، بجواز أكل لحوم الحمر والقطط والكلاب والجيف !!! حتى لا يموتوا
جوعاً، ومن أجل أن يسدوا الرمق الذي يقيهم من الموت، ويدفع عنهم غائلة السوء.
ذلك أن
بعض مناطق دمشق وريفها، تعاني من حصار شديد، وحبس محكم أليم، مع الخوف والرعب،
ورائحة الدم في كل زاوية، والتهديد المستمر بانتهاك الأعراض، أصدر العلماء فتواهم
هذه.
****************************
كنا نرى
مشاهد وصور لبعض المسلمين، في بلدان معروفة، وقد ظهرت عليهم علائم البؤس، حتى
صاروا من الضعف وفقدان الوزن، كأنهم أشباح، وكنا نستغرب من هذا، ونقول أين العرب؟
أين المسلمون؟ أين أحرار العالم؟ أين المنظمات التي تهتم بشأن الطفولة، وتدافع عن
حقوق الإنسان، بل يزعمون الدفاع عن حقوق الحيوان، ولا عجب ففي زمن التناقضات كل
شيء وارد، حيث شعب كامل يحرق، لم تهتز لهم شعرة، ولم نسمع لهم صوتاً، أما فنانة
الملايين، ترفع شكوى إلى أعلى مستويات تقديم الشكوى، على المسلمين، الذين يذبحون (
الضحايا) في يوم العيد، لم تعد تطيق صبراً، ولم تقدر الاستمرار ساكتة على هذا
المصاب الأليم؟؟؟!!!.
أي كارثة
هذه؟ أي عصر هذا الذي نعيش فيه، لنرى ونسمع، مثل هذا الهراء، ونشاهد هذا التناقض
المريع، والقلب للحقائق، بكل مستوياتها، وهذه
صورة، وإن ظهرت ساذجة، ولكنها تعكس حقيقة الذي يجري.
**************************
ها نحن
نرى هذا في بلاد الشام، الصورة نفسها، وإن اختلف السبب، لكن النتيجة قد اتحدت،
ومرتسمات المعاناة هي الأصل، ولواعج الألم هي الفصل، الذي قبله فصول، ولا ندري ما
بعده، والله يستر.
إن الذي
يقرأ الفتوى، بعمقها المأساوي، وبعدها الإنساني، وينعم النظر ليحلل ما في بطنها من
حزم الكارثة، وعظم المصاب، يدرك تمام الإدراك، أنه أمام جريمة منظمة، ترتكب في حق
هذا الشعب السوري الأبي البطل، الذي ضرب أروع الأمثلة في الصبر والفداء والتضحية.
الوضع في
بعض المناطق السورية، يحتاج إلى مشروع عاجل، مشروع فك الحصار، عن بعض المدن، وبعض
المناطق، ولا بد من تكاتف الجهود، والتعاون المثمر، حتى تتحقق هذه المهمة، وهذا
واجب الأمة، لتشمر عن ساعد الجد، لتقوم بهذا العمل، والله تبارك تعالى، أمرنا بهذا
فقال: ( وتعاونوا على البر والتقوى) والنبي- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- يقول:
انصر أخاك.
من هنا
أدعوا المؤسسات الإغاثية، ومنها جمعية عطاء، للمبادرة بتقديم مشروع، لفك الحصار،
وتقديم ما يحتاجه أصحاب المناطق المحاصرة، من إغاثة وغذاء وكسوة ودواء...... ولا
يجوز للمسلمين، أن يقفوا مكتوفي الأيدي، أمام هذه المجزرة الرهيبة، التي ترتكب من
قبل العصابة المجرمة، المتسلطة على رقاب أبناء الشعب السوري، الحر البطل.
والعالم
المتحضر!!! كله يتفرج على هذه المجزرة الصامتة المحزنة، فهل يجوز لنا أن نسكت؟ وهل
يجوز لنا أن نهدأ قبل أن ننصر إخواننا هؤلاء؟؟!!.
( وسيعلم
الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق