الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-10-06

وقف نشاط الجماعة بمصر، دلالات ودروس – بقلم: الدكتور عامر البو سلامة.

قرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الذي يقضي بمنع نشاط جماعة الإخوان المسلمين بمصر، على طول مصر وعرضها، مع التحفظ على ممتلكات الجماعة، يؤشر إلى شيء مؤسف، ومثير للدهشة، وبنفس الوقت، يدق ناقوس الخطر، عن طبيعة ميلاد جديد قديم، للتعامل مع الخالف، وصاحب الرؤية الثانية،  في عالم يكثر فيه الحديث عن حقوق الإنسان، وعن الحريات و (الديمقراطية)، ليؤكد هذا السلوك، على أن لا حرية، إلا إذا كانت صنيعتي، وخرجت من قميصي، وأصحاب الرأي الآخر الذين لم يتماهوا مع مراداتي ومناهجي، ويذوبوا في حوض مقاصدي، سوف يقصون ويبعدون، ويهمشون ويحاربون، بل ليس لهم إلا السجن والتنكيل، ومنع الأنشطة، وحجز الأموال، وأمامهم جيش من الشائعات، التي سيحاربون بها، لياً لأيديهم حتى يخضعوا، لمراد الآخر، ومحاولة لإعادتهم إلى حوض الذوبان،  برهاناً واضحاً، بل دليل وقح، على فجاجة الأمر، وسوء الإخراج، وفلتان الأعصاب، ليقولوا للناس في عالمنا إياكم أن تصدقوا هذه الكذبة التي تسمى حرية، وديمقراطية، وانتخابات نزيهة، وحقوق الإنسان.

وتكون  كلمة صريحة، من واحد محسوب على المفكرين، ومن عشاق الديمقراطية ؟؟؟!! حيث قال: الديمقراطية التي تأتي بالإسلاميين، لا نعرفها ولا نؤمن بها؟؟!!!
ويأتي هذا الانقلاب على إرادة الشعب، وعلى نتائج صناديق الإقتراع، وعلى الشرعية، بمفهومها الشرعي، ودلالتها السياسية، ترجمة عملية على صدق هذه الحقيقة المرة، التي خطط لها الماكرون، ونسج خيوط فتنتها الكائدون، الذين يظنون أن العنف والقسوة، وإرهاب الدولة، وإعادة لغة البوليس، ونظام الرعب، وزوار الفجر، والمنفردات، والمحاكم الاستثنائية، وتكميم الأفواه، وحبس الأنفاس، وتكسير الأقلام الحرة، والتفنن بتعذيب أصحاب النهى، هو السبيل، لتحقيق الهدف الذي صنعه تلامذة الشر، على مقاعد الدراسة، مع أحلاس الرذيلة.
                             ********************
الشعوب شبت عن الطوق، ولغة الخمسينيات، في الخطاب السياسي، ما عاد ينطلي فسادها حتى على العامة والغوغاء، وصار القاصي والداني، والصغير والكبير، والمثقف وغير المثقف، والرزين والمصفق، يدرك أسرار اللعبة، وما يبيته العدو الغاشم، من كيد ومكر، تجاه هذه الأمة، لتكون جملة من الفواضح، التي تكشف المستور، لكل ذي عينين، وشيء من بصيرة، والحدث السوري، وما حمل في بطنه من معالم ومعان تصب في هذا المجال، وتؤكد على نفس الفضيحة، التي صارت معلنة في مصر، وكلها في مدى واحد، بين التخاذل الذي يقود نحو التآمر، أو التآمر الذي يقابل بالتخاذل، كل ذلك على( عينك يا تاجر) كما يقال في المثل العامي، مع تساوق مذهل، وتناغم يحكي ذات القصة، وإن اختلفت بعض المؤشرات، وتباينت بعض الصفات، وأحاطت بكل حدث جملة من الشبهات.

من ظن أن الجماهير غافلة عن الذي يجري، وليست مستوعبة للحدث بوصفه الدقيق، فهو واهم، ولا يجيد قراءة الواقع، أو أن العماوة التي تصيب الطغاة كعادتهم، في النظر إلى الأمور بواقعها ونواتجها، وتكون الدنيا قد خربت، وانقلب عاليها سافلها، وهو يرى الحياة طيبة رغدة، العدو على الأسوار، وهو يبشر بحياة وردية قادمة، السكين على الرقبة، وهو يرى الملايين تصفق له، وتفديه بالروح وبالدم، فهذا جزء من المصاب،....( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
                        ************************
أما الجديد القديم في الأمر، فظهور طبقة النفعيين والمصلحيين، الذين لا هم لهم سوى أنفسهم، وتلبية داعي الشهوة في مكنون قلوبهم، وتحصيل لذة من ملاذ هذه الدنيا الزائلة الفانية، والجري وراء لعاعة من لعاعاتها، مع التصاق بوحلها وطينها، واللهث وراء عفوناتها وخيبتها، وترك لكل قيم السماء والأرض، وراء الظهور، فلا شك، أنها طبقة مؤذية، ولكنها أيضاً صارت نفعيتها بارزة للعيان، وخاب وخسر من ظن، أنه يمكن أن يصنع هؤلاء، على عين الطاغية، حتى يؤدوا الدور الذي أدوه، في فترة من الفترات من إضلال الناس، وخلط الأوراق، والتعمية على الحقيقة، لصالح الطاغوت، وكما قلنا: الجماهير شبت عن الطوق، والأمة في حال صحوة، وهؤلاء النفعيون، إلى  مزابل التاريخ......( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
                  ****************************
لا شك أنها محنة، ومحنة قاسية، تمر بها الجماعة بمصر، بل هي مؤلمة محزنة، بكل المقاييس، والتداعيات كافة......( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون).....ولكن طبيعة المحنة – مهما عظمت- تحمل في طياتها المنح، فتصقل الصف وتصفيه وتنقيه، والضربة التي لا تقصم الظهر تقويه، وأنى لهم – وإن مكروا وكادوا- أن يقصموا ظهر هذه الحركة الربانية، ربانية المصدر، ربانية الوجهة، ربانية الهدف والقصد، ربانية المنهج والسيرة، ومن عادة كل محنة، أن الجماعة تخرج منها، أقوى إيماناً، وأصلب عوداً، لتستأنف المشوار، مشوار البناء والإصلاح، والخير والرقي، على قيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان، من خلال مشروعها الحضاري، المستنبط من تعاليم الإسلام.

   كناطح صخرة يوماً ليوهنها******فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
فتكون الجماعة في دائرة النور والبهاء، التي – بإذن الله- لا ينطفيء وهج خيرها، حتى وهم في السجون، فالمسلم منير، وبه الغير يستنير، والأخ المسلم شأنه شأن المصباح، أينما وضع أضاء، ومثله كمثل الغيث، أينما وقع نفع.
مع لملمة الجراح، وصناعة لغة الصمود، ووضع الخطط المكافئة للحدث، وجدولة جديدة لبرامج العمل، مع مضاعفة الجهد، وثبات على الطريق، دون التفات، فمتلفت لا يصل، وهذا هو الطريق، ولا خيار سوى المضي فيه، إلى نهايته، حتى يحصل المرء على رضوان الله تعالى.


أما الانقلابيون الظلاميون، فهم حالة شرود عن نسق الحياة، المزدهر بالخير، فهؤلاء إلى زوال، كشأن أي ظاهرة عارضة، وشدة وتزول،( والظلم ظلمات).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق