قبل البدء، أرجو أن لا يساء فهمي،
فأتهم بالطائفية، ذلك لأن ثورتنا ليس من وصفها،
هذا النعت الذي أصبح أسطوانة مشروخة، يتشدق بها الذين يتسلون بالحدث السوري، ويكثرون
من الحديث عنها، ويحاولون لصقها بالثوار، لحرف العربة، أو تضييع مؤشر التكوين الذهني
للواقع، بصورة انزوائية، تخدم أعداء الشعب السوري.
علماً، أن الحقيقة الظاهرة، التي لا
تحتاج إلى كبير عناء لإثباتها، هو أن النظام المجرم، ومن معه من تيار الشر، ومنظومة
السوء، ومحور التشبيح، هم الطائفيون، في كل شيء، وعلى كل مستوى، ومفاصل الحدث السوري
وتوابعه، أصولاً وفروعاً، جميعها تؤكد صدق هذه الحقيقة، التي يكابر كثير من الناس،
فيبتعدون عن الإنصاف، في قراءة الأمر، بمنهجية علمية، لوضع الأمر في نصابه الطبيعي،
فيؤشر مؤشر الإدانة، على جهة السوء الجلية، فيداس على الأرضية الصلبة، لجعلها رخوة،
عسى أن تكون هناك خارقة، فينحرف المؤشر.
ونتيجة هذا الاختلال في ميزان الحكم، صار الجلاد
ضحية، والضحية جلاداً، فيتهم البريء، ويبرأ المتهم، لا غرابة، ففي آخر الزمان، تسمى
الأشياء بغير مسمياتها، على قاعدة قلب الحقائق، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
على كل حال هذا ليس موضوعنا.
ففي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن
الأجانب الذين في سورية، وعن القوى غير المرغوب فيها، على تعبير من يعبر عن الحالة
بهذا التعبير، حتى تحول الأمر إلى صراخ مزعج، يصك الآذان، ويبلور صورة، من صور ترديد
الكلمات الممجوجة، التي تهدف إلى صناعة ظاهرة صوتية، تكبر بفعل مكبرات الصوت، التي
اخترعتها، تكنولوجيا العصر، وطورت فنونها، حتى أصبحت على اللمس الهاديء، أو التأثير
البعيد، ويبدو أن الأمر لم يقتصر على الآلة فقط، بل تعداها إلى الإنسان، ولا أدري طريقة
التأثر والتأثير، ومن جار على من؟ لكنها الحقيقة، التي لست بصدد بسط القول فيها، أو
تفنيدها، ووضع النقاط على الحروف في مفاصل بنائها، أو تكوينات حدثها، وما لها، وما
عليها، والأسباب والنتائج، فهذا له مجال آخر.
لكن الذي يثير معنى البحث في هذا،
عدم التوازن في ذكر المسألة من كل أطرافها، والحديث عنها، من خلال حزمة بحثية واحدة،
وهذا لو كان هناك إنصاف، أو عدم تسييس للقضية، لو تصدر كرسي العدل المشهد.
واليوم!! قوى الطائفيين ( الأجانب)
في سورية، يعيثون في الأرض فساداً، أكثر من أي زمن مضى، ويشاركون في حصار بعض مناطق
دمشق ( قطع الطعام- منع الشراب- إدخال شبيحة الخوف- وحوش الرعب من منتهكي الأعراض)
بل ارتكبوا مجازر ذبحاً بالسكاكين، وفلقاً للرؤوس بالفؤوس، فما لي أرى العالم صامتاً؟
وما لي أرى الدنيا ساكنة، وكأن شيئاً لم يحدث؟!! وهؤلاء الطائفيون، ينتشرون في كثير
من المناطق السورية، ويرتكبون أبشع الجرائم، وأفظع المجازر، ولم نسمع من المحليلن السياسيين
– الا في القليل النادر- من يستنكر هذا، ويسلط الضوء عليه على أنه جريمة منكرة، وفعل
مصائبي كبير، نعم قد يتحدثون عنه بلغة ناقدة، على لغة النظر في قصيدة شعرية، أو فكرة
فلسفية، والمتكلم (على ستين مهلو) يحلل ويربط، وكأن الأمر نزهة.
لقد سئمنا، هذه المكاييل المتعددة،
في الشؤون كلها، وفي هذه المسألة نعاني منها أكثر، صراخ مزعج، وصمت مطبق، أمران متناقضان،
لا يجتمعان، ولا يرتفعان، بل لها في عالم السياسة قولان، وفيهما رأيان، وهنا مكمن العجب،
وفوارق الدهشة، وفواجع التحير.
أليس الأمر غريباً؟؟ أليس الأمر مقلقاً؟؟
البديل، هو موقف الأمة تجاه الحدث، مناصرة ومساندة، فبادروا إخوتي، بالمساهمة في رفع
الضيم عن إخوانكم، ولو بشق تمرة، أو شطر كلمة، فهي عبادة، أكرمك الله بفتح بابها، فهلم
إلى باب الخير هذا، ولك الأجر والثواب، ومن نصر أخاه، نصره الله، ومن كان في عون أخيه،
كان الله في عونه، ومن لم يخذل أخاه، لن يخذله الله، ومن وقف إلى جانب أخيه، سيرفع
الله قدره، في الدنيا، ويوم القيامة يكون من الفائزين.
ففي الحديث الصحيح، عن يَحْيَى بْن سُلَيْمِ بْنِ زَيْدٍ ، مَوْلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ بِشْرٍ
مَوْلَى ابْنِ مَغَالَةَ , يَقُولُ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَبَا
طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , يَقُولانِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي
مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ ، وَتُسْتَحَلُّ حُرْمَتُهُ ، إِلا نَصَرَهُ
اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ خَذَلَ مُسْلِمًا
فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ ، إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ
فِيهِ نُصْرَتَهُ " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق