أبسط مثال في هذا المنحى عرقلة الناس
وإذلالهم وتلك طريقة ممنهجة، علماً أن النتيجة يمكن أن تكون لصالح الناس -ولو كانت
السلطة في يد سلطة تمتهن هذا وزرعته لسنين طويلة في عقلية ومنهج الدولة- فقط إن عرف
الناس السبيل أفراداً وجماعة وتبدأ بالتطبيق الفردي.
فمثال الرشوة في دولة الفساد الدموي
حالة مرفوضة علناً رغم أنها ممنهجة التطبيق في الواقع ومشجع عليها من خلال الممارسات
العامة في دولة الفساد خاصة من خلال دعمها بطرق أخرى فوق القانون وتحت الطاولة ..
لكن ما أتعس المرء إن كان يحيا حياة
الذل والهوان مكسوراً رغم أنفه ذليلاً تحت ركام التهم وانفصام الشخصية بين ما يعلم
أولاده في المنزل وما يمارسه في حياته، مقابل أن يحيا حياة الحاجة المؤقتة في سبيل
تحرره ونيل كرامته وتحرير أرضه من بقايا الخاطفين لها.
وها هنا طريقة عملية تحتاج المهارة
فقط في تطبيقها بعد المعرفة والاطلاع على المنهجية التي يسير عليها نظام الحكم كنظام
الأسد في تحكمه بجميع مفاصل الوطن والناس قهراً وبالعنف.
السبيل الذي يحفظ الإنسان حقاً هو
:
""والحديث هنا للفرد منطلقين
منه للجماعة"" ..
ثقة بالنفس، قوة المواجهة بطريقة دقيقة
بحيث تنقر على الوتر الحساس الذي يخيفهم أو يحسبون حسابه دون مجابهة حادة لهم وتحد
لأنهم متنفذون، بينما التحدي الحقيقي يكون بطريقة المناورة التي يسلكها الشخص مع هكذا
نوع من بقايا الفساد والتسلط والقهر .. وبتوضيح آخر فعلى المستوى الفردي ونفس الأمر
ينطبق على المستوى الجماعي طريقة السلامة في مواجهة الفساد الملوث بالدم: 1- الثقة
بالنفس، 2- الثبات على المبدأ مع يقين شخصي بصلاحه، 3- ومواجهتهم بقوة تملكها.. أركان
ثلاثة وربما أربعة يضاف لها استثمار نقاط الضعف لدى الطف الآخر المتسلط .. هذه هي المفاتيح.
والأساس فيها هو "الحق مع القوة" فلا يستهينن أحد بنجاعة هذين المتلازمتين
وهما غاية ما يتطلبه هذا الزمان ليس فقط للسعادة الشخصية بل لسعادة البشرية.
كما سلف هذه الطريقة تنجح إن دعمت
بمعرفة لنقاط الصعف في الخصم المتسلط الذي يعادي ويستهين بالحقوق ويسلبها منهم، فعادة
ما يكون هذا جباناً لأن للباطل ذل يلبس صاحبه .. وأبرز نقاط ضعف السلطة الحاكمة المتسلطة
وفِراخها هي : الجبن والغباء يصحب هالتكبر غالباً.
فالتسلط على حقوق الناس يورث الجبن
والخوف، والتكبر والتجبر يورث الغباء للاستهانة بقدرات الآخرين وما لديهم ولأن المتسلط
يعتمد القوة البدنية بدل القوة العقلية في غالب الأحيان إن لم يكن مخضرماً في التسلط
متجذراً في شبكته.
المتكبر المتسلط لا يخيف أبداً بل
يخاف كالوحش حينما تشعل النار أمامه، لكن يجب أن يحسب لقوته حساب، وحينما يكون الحق
ممتزجاً مع المبدأ مدعوماً بالقوة والذكاء والحنكة في التعامل بما قد يسمى سياسة على
تلك الأسس فالنجاح نصيبها.
فمع الجبناء تكون القوة كاسراً لتكبرهم
.. أما الغباء فيواجه "بذكاء في التعامل بحيث تصحبهم من حيث ترضى وتقبل وتواجههم
من حيث لا تقبل"..
المتكبرون تكسرهم القوة والثقة بالنفس
وحيثما يكون المبدأ والحق فسيكون المنطق وما يفترض أن يكون عليه القانون السائد بداهة
وبذلك يوقف المتسلطين عند حدودهم معرفة الأساليبُ المعتمدة على النقاط السابقة وهضمها
، أما الضعفاء منهم فيضعون الطاعة لمن يكسب الرهان أو على الأقل يعيدون ترتيب أوراقهم
مرة أخرى ليثير موقف كسب الجولة نخوة حريتهم وتحررهم من الأساليب القمعية الإذلالية
والحالة اللاإنسانية التي يعيشونها ويعود لهم الشعور بإنسانيتهم إن لم تمت .. فبين
تلك المجموعات المتفقة على نطبيق سلسلة الإذلال (مافيا إذلالية) أناس مغلوبون على أمرهم
أو مضطرون أو ضعفاء في مواجهة الباطل انجرفوا معه، وحينما يجدون صاحب حق كسب الجولة
في النهاية يبهرهم هذا ويثير فطرتهم من مكمنها الذي دفنوها فيه أو ينفض عنها الغبار
على الأقل غبار السنين ذاك الذي دفنها حية .. وبذا يعيدوا النظر وتوقَظ فيهم أموراً
غابت عنهم زمناً تحت وطأة التسلط الغابرة ..
أما الرؤوس الذين يديرون الخبث ويمتهنونه
حليفاً للتسلط وتجتمع عندهم كافة الخيوط المافيوية فحينما يخضعون لمطلب الحق -مضطرين-
ينقلبون صاغرين، أما جبنهم فيمكن أن تراه عياناً "أثناء المواجهة" لا يخفى
فتراهم في البداية -بطبيعتهم- متكبرون يهددون ويتوعدون ثم وبعد إبراز بطاقة القوة في
الوقت والشكل المناسب من صاحب الحق تنقلب كلماتهم ويتوددون تودد الذئب الذي لا يمكن
له أن يصلح في يوم من الأيام ويُرجعون ذلك إلى أنك أنت الذي تستحق أن تأخذ منهم ما
يحرم إعطاؤه لغيرك رغم أنه حق!
في النهاية حينما يمسك صاحب الحق المبدأ
مع القوة (ولها معان عديدة) لا بد وأن يأتي اليوم الذي ينتصر فيه .. والسبيل السابق
ناجح بل محكوم عليه بالنجاح، فلا ييأسن من يسلك الطريق مؤمناً به حتى يكسب النهاية.
شام صافي
3-10-3013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق