المستقبل- السبت 12 تشرين الأول 2013-
العدد 4833- شؤون لبنانية - ص 4
إلى
وقت غير قصير؛ ستبقى استماتة "حزب الله" في احتلال مدينة القصير لعنةً
تلاحقه. لا يقتصر الأمر على 141 قتيلاً نعاهم الحزب خلال أقل من ثلاثة أسابيع من
القتال هناك (من 19/5- 5/6/2013)، ولا على مئات الجرحى الآخرين الذي يحمل الحزب
أعباءهم إلى اليوم، ولكن خسارة الحزب أعمق من ذلك بكثير.
ستبقى
معركة القصير محطة فارقة في تاريخ حزبٍ يزعم انتسابه لله. في تلك المعركة عاد
الحزب إلى من آواه قبل ست سنواتٍ ليقتله!. لم يكن قتاله هناك عادياً، ولا حتى
انتقامياً ممن أسماهم بعض مقاتلوه: "بني أمية" (https://www.youtube.com/watch?v=WxKmvdq3Sw) وإنما كان قتالاً مجرداً من الأخلاق
كما كان معلوماً حينها، ووفق روايات الناجين من الذبح، وحسب ما أظهر الشريط المصور
الذي انتشر أخيراً، بما يؤكد وحشيةً وحقداً لم يستثنِ الجرحى المدنيين.
لم
يظهر هذا الحزب في نظر العرب والمسلمين بهذه البشاعة من قبل. رغم قوته؛ فإن
"حزب الله" لم "ينتصر" إلا بعد أن حاصر المدينة، ومنع عن
أهلها الماء والغذاء والدواء. ورغم ضعف عتادهم؛ فإن أهل القصير ومن جاء لنجدتها لم
يخرجوا منها إلا بعد أن منع "حزب الله" إخلاء الجرحى الذين فاقوا الألف؛
يصرخون ليل نهار.
الناجون
ساروا في طريق الموت المحدد لهم حتى أكلوا أوراق الشجر. هناك دفنوا قتلاهم وتعرضوا
لمزيدٍ من النيران، ومن ضل منهم الطريق خطفه "حزب الله" وقتله. الشريط
الذي تسرب عن طريق الخطأ قبل أيام؛ أظهر عناصر للحزب يقتلون جرحى أسروهم في تلك
الفترة، وكانوا ينكلون في الجثث، ويتلذذون بالقتل. يتسابقون أيهم يحظى بالضحية قبل
الآخر، ويقول أحدهم إن ما يفعلونه تكليف باسم الله"! (http://www.youtube.com/watch?v=ZivgYbg7OKg)
في
16 آب الماضي، ورداً على اتهام الحزب بقتل المدنيين وإعدام الأسرى، قال السيد حسن
نصر الله: "نحن حيث نقاتل، نقاتل بقيمنا. نحن لم نقتل أسيراً، وأنتم تعدمون
الأسير في وضح النهار. نحن لم نقتل المدنيين، ونحن في بعض معاركنا سقط لنا المزيد
من الشهداء لنحمي المدنيين"!
في
16 أيلول الماضي اتهم تقرير صادر عن "لجنة التحقيق الدولية في أحداث القصير"،
الحزب بارتكابه جرائم ضد الإنسانية. ذكر التقرير – المُعد لعرضه على مجلس حقوق
الإنسان في الأمم المتحدة-، أن الحزب أفرط في استعمال النيران، وأنه دمر عن قصد محطات
مياه الشفة، واستهدف خزانات الماء، ومنع الدواء وعلاج المصابين.
وفي
19 أيلول الماضي نشرت The Wall Street Journal تحقيقاً تناول في جانب منه كيفية إدارة
"حزب الله" للمناطق التي احتلها في ريف حمص (نشرت "المستقبل"
ترجمته)؛ بما يؤكد منع السوريين المعارضين من العودة إلى ديارهم تحت طائلة
الاعتقال. وأمس ظهر شريط جديد يظهر طبيعة تواجد الحزب في نبل والزهراء، وتحريض
مشايخ منه على الكراهية وقتل وسرقة "الأعداء" (http://www.youtube.com/watch?v=H6CbV2DaaIg).
وخلال
الشهرين الماضي والحالي؛ ظهر أكثر من تقرير عن فظائع يرتكبها الحزب في سوريا، لا
سيما؛ حمص وريفها ودمشق وريفها، كما سرّب الحزب نفسه معلومات عن استعداد وشيك
للقيام بهجوم على جرود: عرسال-الزبداني-القلمون من الجهة السورية، بما يشبه هجومه
السابق على القصير.
يعني
ذلك كله أن الحزب ماضٍ في تورطه بالدم السوري، وما يحكى عن انسحاب وشيك له من
سوريا ليس إلا أوهاماً، وهو عملياً مجرد إعادة تموضع، لأن "نشوة" القصير
دفعت الحزب وقتها إلى التسريب بأن حلب هي التالية، في حين أظهرت الوقائع أن قوة
الحزب لا يمكن أن تشكل فرقاً في المناطق الشمالية المحررة، لوفرة المقاتلين
والسلاح والامتداد الجغرافي، الأمر الذي دفعه للانكفاء إلى مناطق أضيق وذات أهمية
أكبر بالنسبة إليه، كبعض أحياء دمشق وريفها وحمص وريفها.
ليس
أفضل من "حزب الله" في التنظير لهزيمة القوي وانتصار الضعيف. الحزب أنزل
هذه النظريات على العدو الإسرائيلي فاعتبر صمود الحزب في وجهه انتصاراً، بغض النظر
عن الخسائر والأرض التي احتلها. ما يحدث في سوريا هو ذا بالضبط، فانتصار الثوار قتالهم
صمودهم، وهزيمة الحزب قتلاه وانتصاراته!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق