الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-01-18

اللمبي من السيدة زينب إلى القصر الجمهوري، قراءة في خطاب بشار الأسد – الشاعر والناقد: إياس غالب الرشيد


القرن العشرين قرن القفزات المعرفية، حدث فيه ما حدث عبر تاريخ البشرية أجمع، وما يلفت نظري في هذا السياق؛ بروز أمرين صناعة السينما ؛ هذا الفن العملاق الذي غير الكثير في حياتنا، وظاهرة الانقلابات العسكرية التي أوصلت إلى السلطة كثيرا من الجنود، و الضباط مثل: (هتلر) و(عيدي أمين) في إفريقيا، و(القذافي )، و(حافظ الأسد)،أو المدنيين الذين قفزوا إلى السلطة بارتدائهم بزات عسكرية مثل صدام حسين.

السينما والانقلابات هي ما يهمني في هذه المقالة، وكلاهما كان لساحتنا العربية منه نصيب عظيم .

وعند حديثنا عن السينما العربية، تبرز أمامنا السينما المصرية بإنتاجها الكبير، والمستمر خلال المئة عام الماضية، هذه السينما التي شخصت كثيراً من نماذج البسطاء والهامشيين، وآخرها كانت شخصية اللمبي، التي كان لها عدة نسخ في عدة أفلام، كلها تحمل الروح نفسها، الإنسان المصري البسيط، الذي يعيش خارج الزمان في فلم ( اللي بالي بالك ) اللمبي إنسان بسيط يسكن حياً عشوائيا، ارتكب كثيرا من الجرائم جعلته مطلوبا للعدالة، وفي مفارقة سينمائية، وفي حادث مشترك للسير يموت اللمبي جسدا، ويبقى عقله حياً،وينقل هذا العقل إلى جسد الضابط الذي مات عقله لشبه في الشكل بينهما، وهنا تكمن المفارقة، التي عبر عنها الممثل حسن حسني أثناء شرحه للمبي ما جرى، أن قد تم إجراء عملية نقل جسم،حيث نقلوا له جسم الضابط هنا تبدأ الأحداث،رجل هامشي بسيط مسطح،أمضى حياته في العشوائيات،يعاني من تخلف اجتماعي، يصبح قائدا لسجن برتبة كبيرة وعليه أن يقوم بهذه المهمات الجسام .

اللمبي جاء من السيدة زينب،وهي حي شعبي، ولا نقصد هنا حي السيدة زينب الدمشقي، الذي تقطنه أغلبية من أبناء الجولان، الثائرين ضد النظام.

حي السيدة زينب بنسخته السورية، أصبح مرتعاً للمخابرات الإيرانية ومخابرات حزب الله، ويشهد مشروعاً ضخماً، لنشر المذهب الشيعي في بلاد الشام، وتدار ملفات كثيرة متعلقة بمنطقة الشرق الأوسط من هذا الحي وحوزاته العلمية المستحدثة .

أصبح اللمبي الضابط أمام استحقاق مهم، وهو استخدام خبراته الشرطية في إدارة السجن –وهو ضابط مشهود له بالكفاءة – ولكن الضابط حسن حسني وعده أن يكون معه،ويساعده في كل شيء،ويغطي هذا التزوير العظيم، الذي اقترفوه، وهذا ما أخذه على عاتقه الجهاز الأمني والسياسي المحيط ببشار الأسد، حينما وعدوا حافظ الأسد أن يظلوا كظله، ويأخذوا بيده في إدارة شؤون البلاد .

كان الضابط الصغير في الفلم ناجحاً في مساعدة اللمبي، ولكنه لم يستطع أن ينجيه، عندما جاءت منظمة حقوقية لزيارة السجن، فكان لابد للمبي أن يخطب بنفسه وتظهر حقيقته، وكانت المفارقة التي يعرفها كل من شاهد الفلم ..

هذا ما جرى مع بشار الأسد في خطاباته . لقد أرادوا أن يجعلوه رئيساً، ثم يتغيبوا هم وراءه ليساندوه ويخفوا عيوبه، ولكنه أمام الاستحقاق الحقيقي كان لابد (للمبي – بشار) أن يظهر مكشوفاً أمام الجميع، تظهر حقيقته المرة، وقد تعاطف مع المساجين الهاربين في نسخة الفلم، وتعاطف مع الشبيحة في نسخة الحياة السورية.

كان بشار بين نسختين ؛ المعدلة وهي مكتوبة على أوراق طلب منه أن يقرأها ؛ فيقول نحن مع العمل العربي،والثانية شفاهية تُظهر (اللمبي بشاراً) على حقيقته عندما يشتم العرب ويقول لهم: خسئتم .

كان اللمبي في نسخة الفلم منفصلاً عن زمانه، ولكنه كان طيباً ابن وطنه، لم يقبل في النهاية أن يسهم في تهريب المجرم الذي سرق أموال وطنه، ولكن (بشاراً اللمبي) كان منفصلا عن واقعه،وزمانه، ولكنه كان مجرماً حتى آخر لحظة،هو مجرم،ولكنه مجرم فاشل لم يستطع أن يخفي المؤامرة على سوريا التي خطط لها حافظ الأسد وأجهزته الأمنية لتوريث اللمبي، بل فضحها وفضح كل المساهمين والمتمترسين خلفه، يدفعونه للواجهة ظنا منهم أن قصة اللمبي الفلم السينمائي يمكن تطبيقها على مستوى دولة.

د. إياس غالب الرشيد

هناك تعليق واحد:

  1. د محمد عناد سليمان18‏/01‏/2012، 9:34:00 م

    نشكر الكاتب الاخ اياس الرشيد على كتاباته الثمينة والتي تشكل رافدا لروح ثورة الكرامة السورية.

    ردحذف