الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-01-27

نعم لأمن الدولة لا لدولة الأمن – بقلم: د. عامر كدرو أبو سلامة


- أنت دائماً, تنتقد, لاهمّ لك سوى هذا, وكأن البحث عن عيوب السلطة, مهمة لم تخلق لسواها.

احمرّ وجهه, إرتفع صوته قليلاً, ثمّ قال: أليس من حق أي دولة على وجه الأرض؛ أن تكون لها أجهزة أمنية, لتحافظ على أمنها القومي؟؟؟؟

- بلى هو كذلك.

- إذن لماذا, هذا الانتقاد الّلاذع لأجهزة الأمن؟

- لأن هناك فرقاً شاسعاً, وبوناً واسعاً, بين أمن الدولة, ودولة الأمن.


- إيش هذه الفلسفة.

- هذه ليست فلسفة, إنها الحقيقة المرّة, التي تنادي على نفسها بقوة, في كل زاوية من زوايا الحياة في وطني.

- تكلم بوضوح ما الفرق بينهما؟ وأرجو ألاّ تهرب من الإجابة, كعادتك عندما تحرج( وتفحم).

- نعم لأمن الدولة, لأن الأصل فيه, أن يقوم على حراسة البلد من اختراقات الأعداء, وحماية الشعب, وصيانة الأمة, والمحافظة على الهوية, والتحذير من أي خطر, قبل وقوعه, حتى يأمن الناس, ويطمئن الشعب, وبسهرهم يكون الناس آمنين, وبيقظتهم يسود الهدوء, وتنعم الحياة بهؤلاء, ويكون هذا الجهاز
محل ثقة الناس وحبهم وتعاونهم.

أمن الدولة, ذلك الجهاز الضخم الذي يضم خبراء في كل شأن من الشؤون, ليحققوا- حسب اختصاصاتهم- أمناً حقيقياً للدولة, وعلى كل المستويات, وفي سائر الجوانب.

فهناك الأمن الإقتصادي, ومثله الأخلاقي, وكذلك العسكري, والأمن النفسي, والأمن الثقافي.........إلخ

ويكون هؤلاء من أنظف الناس يداً, وأحسن الناس سيرة, وأجود الشعب خلقاً..............يحافظون على القيم .......يلتزمون بها............امتازوا بالفتوة, فلا همّ لهم إلاّ خدمة البلد, ولا شغل لهم إلاّ كيف يحموه.

نعم نريد هذا النوع من الأمن بل نرى أنه من الضروريات التي لابد منها, وإن أي دولة لايوجد فيها هكذا جهاز متحضر, ستكون على هامش الحياة, وتصير مفككة ضعيفة, يسهل اختراقها وتدميرها.

- ودولة الأمن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!

- دولة الأمن, نموذجها نظام بلدي, ذلك النظام, الذي حول الدولة إلى أمن بأجهزة متعددة, اختار لقيادة هذه الأجهزة أجرم الناس, وأكثرهم قسوة, وأفظعهم غلظة, لاتعرف الرحمة إلى قلوبهم سبيلاً, امتازوا بسوء الخلق, عرفوا بالرشوة وأكل أموال الناس بالباطل, خلعوا عنهم جلباب الحياء, فيفعلون كل ألوان الموبقات الأخلاقية, والسياسية, والإقتصادية.

دولة الأمن هي الدولة التي سخرت كل إمكاناتها, لحماية الرئيس ومن حوله من نظامه, ولا همّ لهم سوى هذا ولو خربت البلد, المهم أمن الرئيس ومن حوله, وتنفق على هذا الأموال الطائلة.

دولة الأمن, هي التي اتخذت من هذه الأجهزة, وسيلة لإخافة الشعب, وبث الرعب في صفوف المواطنين, حتى صارت تسمّى أجهزة الفزع, التي تزور الناس في الفجر, والويل كل الويل لمن يستدعى لهذه الأجهزة في يوم من الأيام.

دولة الأمن في بلدي, هي التي تسخر كل الدولة, لقمع المعارضين, ولتكميم الأفواه, وحبس الأنفاس, ولا يريدون إلاّ من يصفق.

دولة الأمن لاتسمح إلاّ بجريدة النظام, وتلفزيونه وحزبه, ومن فكر بغير هذا فالأجهزة بإنتظاره, ليجد هناك الزبانية من أراذل الناس, ليجلدوا ظهره, ويهشموا عظمه, ويقلعوا عينه, ويسيموه سوء العذاب, حتى يكاد المرء لا يصدق
 هذا الذي يحدث ويجري.

دولة الأمن!!!! هي التي إذا دخل المواطن إلى أجهزتها الأمنية, يغيب فلا يراه أحد, بل يقتل, ولا يخبرون أهله بذلك, وإلاّ............ أين آلاف الذين اعتقلوا من أكثر من ثلاثين عاماً؟؟؟؟؟

يا صديقي العزيز, أنت تعلم علم اليقين, عن أنباء اعتقال أبناء حينا, فلان وفلان وغيبوا, وأرجح الأخبار تقول:

إنهم صفوا في سجون دولة الأمن, وأنت تعلم, عن أخلاقهم وشمائهلم الشيء الكثير, فهل تستطيع أن تقول لي:

لماذا ارتكبت هذه الجريمة بحقهم, وبحق ذويهم؟؟؟  عبد الرزاق وحيد أمه,  المسكينة التي تعض على ثديها لما تتذكره..................

- كفى .....كفى.....كفى.

- إنها الحقيقة المرّة, التي لا يحب كثير من الناس سماعها.

إلتفت إلى صاحبي,- بعد سماع شهيقه- ودموع غزيرة حارة, تكاد تفلق عينيه.

هناك تعليق واحد:

  1. د.محمد درويش27‏/01‏/2012، 11:58:00 م

    جزاك الله خيرا يا دكتور عامر
    حقيقة ان المواطن العربي ليقشعر بدنه من سماع كلمة رجل الامن المطلوب من الثورات العربية وقادتها ان تعيد العلاقة والثقة الطبيعية ويشعر المواطن خلالها بالراحة والامن من تعامله مع رجل الامن والعسكر فحت ذلك الحين نقول واآسفاه على امننا ورجالهم
    ومع كل التحية والشكر

    ردحذف