الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-01-31

الثورة السورية ما بين طريقين د. حسان الحموي


لكل متابع للثورة السورية يدرك أن الثورة السورية وصلت الى مفترق طرق وعرة وخطيرة، لم تكن الدول صاحبة القرار تتصور أن الأمور قد تصل اليها.

الطريق الأول هو الطريق الدامي في مرحلة كسر العظم مابين كتائب الأسد وما بين الجيش الحر من جهة والشعب المنتفض من جهة أخرى، بحيث يقترب المشهد رويدا رويدا من المشهد الليبي وربما فاقه في بعض المناطق والمدن.

و بخاصة ما استفاق عليه السوريين اليوم من مجازر في رنكوس والرستن وحمص والحراك وسقبا وغيرها، حيث اصبحت هذه المدن منكوبة بالكامل، لم يبقى فيها شي حي سوى ارادتها في النصر.


الطريق الآخر هي المعركة الدبلوماسية التي يقودها الطاغية مع ايران وروسيا والصين  إلى حد ما من جهة ومن خلفهما اسرائيل؛ والمعارضة السورية مع الجامعة العربية والدول الغربية من جهة أخرى.

طبعا روسيا تحاول الدفاع على هيبتها كدولة فيتو في مجلس الأمن بالرغم من إدراكها أن المعركة قد تحسم على الأرض قبل ذلك، وأن الدول الغربية قد تجاوزت موقفها إلى حد ما، وهذا ما يفسره حضور وزراء خارجية الدول المعنية بالقرار في مجلس الأمن.

أما اسرائيل فهي تجد نفسها اليوم عاجزة عن الدفاع عن هذا الطاغية، وتجد صعوبة في اقناع حلفائها حتى هذه اللحظة في ضرورة بقاء بشار وعصابته على سدة الحكم، كضامن لأمن دولتها.

لن ننظر اليوم إلى الخاسر والرابح من كل ذلك فنحن جميعنا خاسرون، وليس هناك من منتصر سوى إرادة الشعب، وإرادة التغيير، أما الخاسر الحقيقي فهي ارادة الاستبداد، لأن الصراع في سورية هو صراع إرادات وليس صراع مصالح، لأنه لا أحد له مصلحة في ما حصل ويحصل في سورية.

لكن الأهم من كل شيء أن الركب يسير إلى الأمام بخُطى ثابتة، لا رجوع....لا رجوع... إلى الأمام.... إلى الأمام، وهذه ربما هي الحقيقة الوحيدة التي قالها الراحل القذافي ولكنه فهم معناها خطأً، وأنا مدرك أن الطاغية في سوريا يدركها لكن كما أدركها سابقه.

والأهم هو إدراك العالم أن حكم هذا الطاغية لم يعد قابلا للحياة في البيئة السورية الجديدة؛ مهما رواها من دماء، لأن نبتة حكمه لا تعيش على الدماء الطاهرة.

نحن نثق بقدرة رئيس الجامعة العربية على التحرك نحو القرار لما له من حكمة ودراية في العمل الدبلوماسي الشاق في أروقة مجلس الأمن، والتحرك ضمن منظومة المصالح المتضاربة بين الكتل المتناحرة على رقعة الشطرنج السورية.

 لكننا نشك في قدرة وإخلاص أمين عام الجامعة العربية في تحصيل الحقوق التي لا يؤمن بها حتى هذه اللحظة، ولن ينسى له الشعب السوري خطأه الفادح ودوره الغير أخلاقي مع رئيس لجنة المراقبين العرب في محاولة إنقاذ ما تبقى للطاغية من خلال تسويق تقرير غير متوازن يساوي بين الضحية والجلاد بعبارات فضفاضة تحاول روسيا اليوم استغلاله في مجلس الأمن .

إن إزالة القناع الأخلاقي والمنطقي عن الدبلوماسية الروسية، جعلها ربما عاجزة اليوم عن استخدام حقها في النقض ضد أي قرار يتعلق بالمسالة السورية، وهي في محاولاتها البهلوانية في مجلس الأمن إنما تحاول إظهار نفسها كمدافع عن الطاغية أمام حليفته ايران فقط. 

و ربما نهاية هذا الطاغية ستكون قريبة ومشابهة لمن سبقه، ولن أقول سيكون عبرة لغيره، لأن التجربة تقول أن زعماء الاستبداد لا يعتبرون ابدا.
الدكتور حسان الحموي   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق