الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-01-29

عصابة الحكم تجر الشعب السوري إلى طريق مجهول - بقلم: د.عبدالغني حمدو


عندما يُعرف الداء تسهل معالجته , ولكل داء دواء , وبالتالي فإن عصابة الحكم تنشر داءها في سوريا , وهذا الداء والوباء , من الواجب علينا وعلى كل عاقل في سوريا , أن يسعى لاستئصال هذا الداء قبل استفحاله , مما سيؤدي بعد زمن , سيقرأ عن دولة تاريخية كان اسمها سوريا , فبوادر ذلك ظهرت جلية وواضحة بعد الثورة السورية . فعلينا تصور الحالة المستقبلية لسوريا , والمنفذة من قبل العصابة خطوة خطوة , ونحن نسير وراء هذا مخيرين ومرغمين , مخيرين في انقسام المصالح والمنافع الوقتية , ومرغمين بسبب العواطف الداخلية , والناتجة عن قساوة الجرائم المرتكبة .


 يبدو في الأفق الآتي :
تقسيم سوريا على أسس مذهبية وعرقية , دولة للعلويين في الساحل , ودولة للدروز , ودولة للأكراد , ودولة للعرب , وقد يزيد عليها دويلات تنتمي لمحافظات معينة , ودويلات لمذاهب وقوميات أخرى .

هنا نجد أن عصابة الحكم تسعى بشتى الوسائل , لنشر وباء الحرب الطائفية والعرقية والإثنية , وذلك باستخدام عناصر متطرفة تسعى جاهدة لبث هذه الأوبئة في المجتمع السوري
وعلى الطرف المقابل نجد نفس الصورة المتطرفة , عن طريق التهديد والوعيد والإبادة للطرف الآخر , ولو تفحصت خلفية هؤلاء الداعين لذلك , لوجدت غالبيتهم تابعين لعصابة الاجرام نفسها , مع قلة متطرفة فهي لاتنظر فقط للعلويين أو باقي الطوائف نظرة تكفير ومحاسبة , وإنما كل من لاينتمي لفكرها فهو مرتد ويصف مع الآخرين حتى ولو كان سنياً عابداً متعبداً.

عندما نسأل أنفسنا السؤال الآتي :
هل ثورتنا هي ثورة دينية تنتصر لمذهب السنة ؟
إذا فرضنا جدلاً ذلك , هذا يعني أن ثمانين بالمائة من الجيش السوري عليه الوقوف مع الثورة, وبالتالي فإن الأكراد والتركمان والشركس , كلهم مع الثورة , وعلماء السنة ومثقفيها ومفكريها كلهم مع الثورة , يضاف إليها العشائر السنية , وبالتالي تبقى فئة قليلة لايمكنها الصمود أياماً معدودة مهما بلغت من قوة , فلو اتبعت هذه الطائفة فقط العصيان المدني لانهارت الدولة في يوم واحد , ففي المناطق الشرقية من البلاد شبيحة من العشائر السنية , وفي حلب وادلب لها نفس الطابع , وعدد ماشئت من المناطق في سورية كلها .

في المقابل نجد أصواتاً من الطائفة العلوية تنادي ضد هذه العصابة , ومنها البيان الذي صدر منذ عدة شهور والموقع من مشائخ الطائفة , وكذلك بيان أكثر من مائة مثقف من الطائفة ودعمهم للثورة , وهم ضد العصابة الحاكمة , وأخر بيان كان من قبل مشائخ العشائر العلوية يتبرأوون من هؤلاء المجرمين . ونجد على المقابل لهؤلاء مشائخ عشائر سنية وعلماء ومثقفين ومدن تهتف لهؤلاء المجرمين وتساندهم بالمال والرجال والاعلام .

فمن الخطأ القاتل أن يدعي أحداً ما , أن هذه الثورة دينية أو قومية أو إثنية , وإنما هي فقط ثورة شعبية عبر عنها المتظاهرون بهتاف رائع (حرية للأبد غصب عنك ياأسد ) أي ثورة ضد نظام حاكم ظالم , تحول النظام عنده لمجموعة عصابات إجرامية ترتكب كل المحرمات الانسانية , ومن أصغر جنحة لأكبر جنحة وهو القتل , إن كان يهدد مصالحها وليس وجودها فقط .

إن خطاب الطرفين وتصرفات العصابات الحاكمة الفئوية والطائفية وتغذيتها ثقافياً وواقعياً , والرد المقابل العكسي , جعل الطائفة العلوية كلها في بوتقة واحدة , المؤيدة والمعارضة والساكتة , وجعلتهم تلك التصرفات في وضع لاخلاص منه , الوقوف مع العصابة , لأنها تجد الفناء في حال سقوطها , من الخطاب الاعلامي التابع للثورة , أقصد المندسين فيها لمصلحة العصابة والمتطرفون فيها , أو من بعض من تخرج منهم ردات فعل عكسية على جرائم ارتكبت بصورة تريدها العصابة أن تظهر على هذا الشكل .

وفي معرض الحديث سؤال : الثورة ضد من ومن يقودها ؟
نجد أن الثورة ليست حزبية , ولا فئوية ولا عرقية ولا دينية  , فالجيش الحر هو في الأساس من الجيش السوري , خرج عن سيطرة النظام بسبب إجرامه بحق شعبه , الكثيرون في المعارضة وفي الثورة كانوا من أركان النظام والداعمين له بشكل من الأشكال .

هنا لابد لنا من مخاطبة الآخرين بخطاب يختلف عما نراه الآن , فنجد مثلاً الأكراد لم يشتركوا بالثورة بثقلهم الثوري , لأن الكثيرون منهم ينظرون للثورة على أنها عربية , مع أن الكثير من الشهداء الذين سقطوا في الثورة هم من الأكراد في المناطق السورية المختلفة , والعلوية يرونها سنية ويخافون على مستقبلهم بعد نجاح الثورة وكذلك بقية الأقليات .

يمكننا كسب الكثير من الداعمين لعصابات الحاكم , لأنهم يرون في وجوده خطر على الجميع, عن طريق خطاب واحد لايتغير , تعالوا لنسقط عصابات الاجرام ونبني وطناً للجميع, من خلال الدعوة لتسمية يوم الجمعة وبقية الأسبوع على سبيل المثال (ثورة شعب ضد نظام مجرم) , أو (جمعة الوحدة الوطنية لاسقاط النظام ) فمن اشترك عندها بالمظاهرات فهو ينتمي للثورة والوطن , ومن لم يشترك فيها فهو موال لعصابات الاجرام والساعي لتحقيق حرب أهلية وتفتيت سوريا لدول ودويلات ., ويسبقها حملة إعلانية على نفس الأهداف السابقة الذكر , وهو الامتحان الأخير لكل الفئات الموجودة في  المجتمع السوري .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق