الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-02

الرد على كلمة بشار الجعفري ، المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، - بقلم: طريف يوسف آغا


 تم عقد اجتماع في مجلس الأمن الدولي يوم أول أمس الثلاثاء 31 كانون الثاني، جانيوري 2012 لمناقشة طلب الجامعة العربية تحويل ملف النظام السوري إلى المجلس لمساعدتها في تطبيق خطة الحل الذي وافقت عليه دول الجامعة. وقد قام مندوب النظام السوري بشار الجعفري بالقاء كلمة بلاده حيث كال فيها، كما هو متوقع، تهم الخيانة للجامعة العربية عموماً ولقطر ودول الخليج خصوصاً، كما واتهم أمريكا وانكلترا وفرنسا، ومعهم اسرائيل بطبيعة الحال، بكافة أنواع التآمر. ولم ينس تمسيح الجوخ لروسيا والصين كي لاينسيا استعمال حق الفيتو، كما لم ينس، كالعادة أيضاً، إقحام فلسطين في الموضوع، وكأن هذه الجلسة قد عقدت لايقاف زحف جيش النظام السوري بعد أن وصل إلى أبواب القدس وفي طريقه إلى تل أبيب!


     إذاً لم يكن في هذه الكلمة (الطويلة والمملة والمليئة بالأخطاء التاريخية والجهل باللغة الديبلوماسية) ما هو غير متوقع من مندوب نظام عرف منذ زمن طويل بجزار شعبه، سوى افتتاحه لتلك الكلمة ببيت لشاعر سورية الراحل نزار قباني.

ذلك إذا علمنا أن النظام الذي يمثله الجعفري كان يعادي الشاعر ويمنعه من الدخول إلى بلده بحرية إلى أن توفي في المهجر عام 1998 فسمحوا لأهله بدفنه في دمشق وبدؤوا بالتفاخر به وبأشعاره.

وعلى كل حال فلن أقف في هذا المقال سوى عند عبارة واحدة من كلمة الجعفري وهي تلك التي (تفتق) ذهنه عنها وسمعناه يأسف بها على قرار الجامعة العربية نقل ملف مجازر نظامه إلى المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن. وقد اعتبر أن الجامعة بعملها هذا إنما (تستدعي التدخل الخارجي للاستقواء على سورية!)

     ما أريد أن أفعله هنا وقبل كل شئ هو أن أصحح للجعفري عبارته هذه. فالجامعة العربية في الحقيقة لا تستدعي اليوم التدخل الخارجي للاستقواء على (سورية)، وإنما للاستقواء على (النظام السفاح الحاكم في سورية) وهناك فرق كبير بين الاثنين. فالديكتاتور، ومن خلفه إعلامه، يصورون أن الوطن يتجسد في القائد والعكس بالعكس، وهذه دعاية رخيصة أثبت التاريخ كذبها وبطلانها ولانسمعها إلا من أصحاب الذكاء المحدود أو ممن يريدون تسويقها لمصلحتم الخاصة. ومن جهتي، فقد كنت قد كتبت قبل عدة أشهر مقالاً بعنوان (هل يختصر الوطن بحاكم؟) لفت النظر فيه إلى هذه النقطة بالذات. سورية بالتعريف هي الأرض المؤلفة من الجبال والوديان والأنهار والبحيرات والمدن والقرى الواقعة ضمن حدودها السياسية المعترف بها دولياً. كما أنها أيضاً الشعب الذي يعيش على هذه الأرض بكافة أطيافه الجميلة والمتنوعة التي تجعله فريداً بين بقية شعوب العالم، فلا يشبه منها إلا نفسه. ومن هذا التعريف لا أرى ما يدفع الجامعة العربية ولا غيرها للاستقواء بالغرب على سورية كما عرفناها. أما النظام السوري السفاح والذي هو بالتأكيد ليس سورية ولايمثلها بأي شكل من الأشكال، إنما يمثل نفسه فحسب، والجامعة العربية التي لم تستطع بامكانياتها المحدودة أن توقف مجازر هذا النظام بحق شعبه الأعزل، اضطرت أخيراً إلى استدعاء التدخل الخارجي (للاستقواء عليه) ولست أرى في ذلك أي مشكلة أو خيانة أو تآمر، بل على العكس أرى (شهامة ومروءة). وقد أصاب الجعفري وأخطأ أثناء كلمته، فهو أصاب حين قال أنه يمثل رئيس النظام السوري، ثم أخطأ حين أضاف أنه لذلك يمثل الشعب السوري، ولكن أين الثرى من الثريا؟

     هذا من جهة، ومن جهة ثانية فكيف يحلل الجعفري لنظامه استدعاء التدخل الخارجي المتمثل بإيران وروسيا للاستقواء على شعبه الأعزل بإمداده بالمقاتلين والسلاح، ويحرم على الأشقاء العرب استدعاء من هو قادر على حماية هذا الشعب من نظامه المجرم وحلفائه الأكثر إجراماً؟ إلا إذا كان يعتبر أن إيران وروسيا هما من (أهل البيت)، أو أنه يعتبر أن سورية محافظة إيرانية أو جمهورية روسية؟ وحتى لا يزعل الجعفري، فسأتفق معه ومع نظامه بأن الدول العربية التي (تستدعي التدخل الخارجي للاستقواء على سورية) ربما لا تكون دولاً لها صفات الملائكة، لا هي ولا الدول الغربية التي على وشك التدخل الفعلي لإنهاء مأساة الشعب السوري، بل وربما كانت بعض هذه الدول أقرب إلى الشياطين منها إلى الملائكة. ولكن يبدو أن حتى هذه الشياطين ما عادت قادرة على هضم أو تجاهل الوحشية والهمجية التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه الأعزل من أطفال ونساء وشيوخ منذ أكثر من عشرة أشهر.

     في خاتمة هذا المقال، أريد أن أنبه المجتمع الدولي إلى أن الحل الذي تطرحه الجامعة العربية على النظام السوري اليوم لحل الأزمة حسب (السيناريو اليمني) ليس هو الحل الوحيد الذي يراه ذلك النظام على الطاولة. فكل المؤشرات تدل على أنه قد اختار ما هو معروف (بسيناريو حماة)، خاصة أنه سبق وجربه في الماضي بنجاح دون أن يحاسبه المجتمع الدولي على جرائمه، بل على العكس لعب دور الشريك الصامت له حين اكتفى بادارة وجهه إلى الناحية الثانية متظاهراً بأنه لم ير شيئاً. فهل يظن النظام أن ذلك سيتكرر اليوم أيضاً؟ وكما بدأ الجعفري كلمته ببيت شعر، فسأختم هذا المقال بنفس الطريقة من قصيدتي (ووصل الطوفان إلى بلاد البعث):

فلنْ  تمضيَّ  أيـامٌ  إلا  ونرى   نظامَـكمْ   أيضاً
إما  قَـدْ  سَـقطَ  وإما  قد  طـارْ
والكَـرامةُ  سَـيسـتعيدُها  الشَـعبُ
على  خُطى  أحـفادِ  عُـرابي  أو أحـفادِ   المُختـارْ
***
بقلم: طريف يوسف آغا
كاتب وشاعر عربي سوري مغترب
الخميس 10 ربيع الأول 1433، 2 شباط، فيبروري 2012 (الذكرى 30 لمجزرة حماة)
هيوستن / تكساس
http://sites.google.com/site/tarifspoetry

هناك تعليقان (2):

  1. كلام جميل ومنطقي مع التحفظ على عبالرة مندوب سورية في مجلس الامن لان ( بشار الجعفري ) ليس من أصل سوري بل هو ايراني حصل على الجنسية السورية في عام 2003 بجملة الايرانيين وعلويين اللواء المتطرفين الذين دخلوا ووضعو ضباط في الجيش وفي مراز سياسية هامة فهذا النظام لا يثق حتى بالطائفة العلوية الذي يتكنى بها وهي منه براء وأقولها بجد ان الكثير من الطائفة العلوية تتعرض للاغراء أو القمع والتهديد بالتصفية لمجرد ان يشعر عصابة النظام ان هذه الشخوص قد لا تتماشى معهم وشكرا
    عزالدين سالم

    ردحذف
  2. البيت الذي باركنا حوله، و بلاد الشام زلزلت


    العراق من الكوارث إلى طريق التقسيم، سوريا تحت إرهاب دولة في ثورة مقلقة، مصر لدى أنتصار ثورتها جزءياً تتأرجح بين مجلس عسكري فاسد أم عميل و آحرار أمة، و اللبنان لم يزل على فوهة بركان، حتى بلاد النبي عليه الصلاة و السلام، الجزيرة العربية بالواقع ما هي سوى محمية أمريكية صهيونية حيث هؤلاء الفسقة كالجرز يسرحن و يمرحن في فلسطين و الأردن..
    لماذا ؟ وكيف ؟ آلت بنا آحوالنا لهذا لإنحطاط الحضاري و الثقافي، رغم ديننا العظيم و ثرواتنا التي غدت نقمة علينا عوضاً أن تكون نعمة. و شبابنا الذي يموت حسرتاً على أرضه إ ن لم يمت غرقاً مهاجراً..
    لماذا ؟ وكيف وصلنا لهذا الإنحدار المؤلم المخذي لنا و لآحفادنا، فتسلطت و تحكمت بنا آرزالنا و غدونا فريسة الأمم تحت وطأءة أشرس آعداءنا..
    ألأننا ظلمنا أنفسنا فلم نخلص لا لدين كما فعل الأولين و اللاحقين و لا لوطن كما فعل الآلمان و اليابانين. والدين و الوطن يفرضا علينا الإخلاص الحازم و الوفاء المطلق،أما نحن فأصبحنا متواكلين كسالى مزبزبين بين شبه دين بلا يقين بإيمان قليل و شبه وطن بلا هدف مشترك يؤلف ما بين القلوب. فضاع منا الدين الثمين و الوطن الكريم و أمتنا غدت وهم خيال وحلم مضى...
    مما أدى لإنعكاس مفهوم الوحدانية سلبياً على كل فرد منا أما ليسقط في الشرك والتطرف ،فيفكر و كأنه بمكانة الرب في جيبه مفتاح الجنة و مفتاح النار أما كأنه ذو السلطة العلمانية، الزعيم المطلق لدويلة، لأسرة، أو لقبيلة لا يرى و لا يحترم سوى ذاته و نفسيته المعقدة بالتناقدات،فتفاقمت عليه الهموم و الآوهام حتى هيئ له أن عقله دستور و قلمه قرآن و قلبه قصيدة رثاء..

    ردحذف