الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-08

الشبيحة في سورية: لغة واصطلاحا - بقلم: سعد العثمان


الشَّبِّيحَة لُغةً: مَأْخُوذَةٌ من الفِعْل: شَبَحَ، والشَّبَحُ، مُحَرَّكاً: الشَّخْصُ، ويُسَكَّنُ،وجَمْعُهُ: أشْباحٌ وشُبوحٌ. ورجُلٌ شَبْحُ الذِّراعَيْنِ ومَشْبوحُهُما:أي: عَريضُهُما.وشَبَّح تَشْبيحاً: كَبِر َفرأى الشَّبَحَ شَبَحَيْنِ. ( انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي: [1/226]).

ويستخدم أهل المنطقة السَّاحلية السورية صيغةَ مبالغةِ اسمِ الفَاعِلِ على وزن: " فَعّيل"، بدلاً من: " فَعّال " ويقصد بها صيغة مبالغة للمبالغة، فيقال: رسِّيم بمعنى: رسَّام ماهر، ومثلها: شَبِّيحة للجمع، ومفردها: شَبِّيح للإشارة إلى الشَّبح الخارق فوق ما يمكن تخيله، لأنَّه يستطيع القيام بكل أنواع الجريمة، تحت نظر وسمع السُّلطات الرَّسميَّة ولكنَّها لا تراه. ونظرية أخرى تقول أنَّ التَّسمية تعود إلى سيارات مرسيدس التي تلقب: بالشَّبح، ولذلك معظم الشَّبِّيحَة يستخدمون سيارات المرسيدس في تنقلاتهم. وكلمة شَبِّيحة، تعتبر مشابهة إلى حدّ ما لكلمة بلطجية، التي استخدمت لوصف جماعات موالية للنِّظام في مصر، وكلمة زُعْرَان التي استخدمت في الأردن.


الشَّبِّيحَة اصطلاحاً: هو مصطلح محلي، يطلقه أهل المنطقة السَّاحليَّة في سوريا، على مجموعة من القوات المسلحة غير النِّظاميَّة، شكَّلها ابن أخ حافظ الأسد: نمير الأسد، وهم من بقايا " سرايا الدِّفاع " التي شكَّلها رفعت الأسد – لا رفعه الله -، والتي قَتََّل، ودَمَّر بها حماة الصُّمود والإباء، في عام 1982م.

و يقدَّرُ تعداد أفرادها ما بين 9 إلى 10 آلاف عنصر، ويقودها أفراد من آل الأسد من أبرزهم: منذر الأسد، هلال الأسد، هارون الأسد، أمير الأسد، حافظ الأسد (الصَّغير)، علي الأسد، محمد الأسد الملقب بشيخ الجبل، سومر الأسد، سوار الأسد، فواز الأسد.

بداية ظهور الشَّبِّيحَة:
بدأ ظهور الشَّبِّيحَة عام 1975م، بعد دخول القوات السورية إلى لبنان، على يد مالك الأسد، وهو ابن الشَّقيق الأكبر للرئيس حافظ الأسد.

نمت الظَّاهرة من مجرد أفراد مهربين إلى عصابات مسلحة، يتم اختيار أفرادها بعناية فائقة، من أشخاص لهم عقل صغير، وثقافة معدومة، وبنية قوية، وجسم رياضي كبير الحجم، وتدريب قتالي عالي، وغالباً يتمُّ اختيارهم من مجرمين، ويطلق سراحهم بشرط أن يُكِنِّوا الولاء المطلق إلى درجة الموت، في سبيل قائد أو زعيم العصابة، وغالباً ما يستخدم الأفراد كلمة: " المعلم " للإشارة إلى زعيم العصابة، (وهو نفس التعبير المستخدم عند أفراد المخابرات عند الإشارة لرئيس الفرع)، وتَنَوَّعَ التهريبُ ليشملَ: الدُّخان، والمخدرات، والكحول، والخمور، والأسلحة، والسًيارات المهربة، والمسروقة، وقطع الغيار، والأجهزة المنزلية، والسًجاد، وكل ما يمكن بيعه في سورية، وامتدَّ التَّهريب بين سوريا وقبرص، ولبنان، وتركيا، واتَّخذوا موانئ طبيعية على السَّاحل، لتكون مراكز للتَّحميل والتفريغ، وإعادة التَّصدير، وأحيانا يستخدمون الموانئ الرَّسميَّة، ويتمُّ بقطع الكهرباء لمدة كافية للتفريغ أو التحميل، طبعاً تحت تستُّر ودعم النَّظام السُّوري.

وما لبث أن شاع المصطلح بسرعة، حيث أنَّ كلمة: " شبيحة "، أصبحت تطلق على الحراس الشَّخصيين، وعلى مجموعات يديرها أقرباء الرئيس حافظ الأسد, ورغم أنَّ الأهداف تنوعت لكل من الشَّخصيَّات، لرعاية واستخدام مجموعات الشَّبِّيحَة, إلا أنَّ الهدفَ المشترك: هو التذكير الدائم بقوة وسطوة عائلة الأسد وأقربائهم، من أمثال: آل مخلوف: " اللاذقية وريفها " وآل نجيب: " جبلة وريفها "  ويذكر أنَّ باسل الأسد، نجل الرَّئيس الهالك، بدأ بتنفيذ حملة تطهير واسعة ضد الشَّبِّيحَة، ولكنَّهم حاربوه وضايقوه، وانتهت الحملة بهلاكه، في حادث سير على طريق المطار.

استخدام الشَّبِّيحَة كأداة لقمع الشَّعب:
قبل استخدام الشَّبِّيحَة، يتمُّ شحنُ أفرادها بالكره والحقد الطائفي، ويتم تجنيدهم من قرى جبال اللاذقية وطرطوس، يتم تجنيد هؤلاء الوحوش بأعمار صغيرة، من أجل صقل الكراهية، والحقد، والوحشية في قلوبهم وعقولهم، منذ فترة المراهقة.

وقد استخدمهم حافظ الأسد سابقاً في الثمانينيات، من أجل اغتيال خصومه، ومنافسيه، أو معارضيه في سوريا، أو لبنان، والآن يستخدمهم بشار الأسد، من أجل قتل وترويع السوريين، الذين ينادون بالحرية، والعدالة، والمساواة، والديمقراطية.

يقوم الجيش الآن بحماية هذه العصابة، حيث تقوم بالعادة بالسَّير وراء المدرعات والجنود في الجيش، من أجل حمايتهم من المدنيين الغاضبين، على انتهاك أعراضهم، ومقتل أبنائهم، ويقومون بالتَّسلل وراء المظاهرات السِّلمية، ويطلقون النَّار بشكل كثيف على المتظاهرين، لقتل أكبر عدد منهم، ويهدمون المساجد، ويدمِّرون المآذن، ويقومون بقتل الجنود على بعض الحواجز، أو في أثناء المظاهرات، من أجل تحريض الجنود على قتل المدنيين، حدث هذا الأسلوب في مدينة بانياس، وفي مدينة الرستن، وفي تل كلخ، وفي درعا وريفها، وفي حمص وريفها، وفي إدلب وريفها، وحلب حاليَّاً.

ويمارس الآن أفراد هذه العصابة الجرائم بكافة أشكالها وأنواعها، بحق الشعب السوري الأعزل، حيث يلجؤون الى دخول القرى والمدن والأحياء، بعد تمشيطها بدبابات الجيش والمدفعية، وتحت حماية الجيش، يداهمون المنازل، ويقومون بقتل الأهالي، وسرقة منازلهم، ونشل جميع محتويات بيوتهم، كما حصل في منطقة تل كلخ على حدود لبنان، حيث سرق الشَّبِّيحَة جميع مقتنيات الأهالي، عندما هربوا إلى الحدود اللبنانية.

أوصافهم: ممكن أن ألخص أوصافهم بما هو آتٍ:
 لا يعرفون معروفاً، بل ينكروه، ولا ينكرون منكراً، بل يفعلوه، ولا يحرمون حراماً، بل يستبيحوه.

 يعملون في أخسِّ الأعمال وأرذلها، في المخدرات، وتجارة الأسلحة، والسَّلب والنَّهب، وقطع الطَّريق، وتهريب الممنوعات، وخطف الحرائر، وفعل كل كبيرة وموبقة.

 عبَّاد للمال وللفرج، وعبيد لآل الأسد، لا يهمهم إلا رضا معلمهم عنهم، يتكالبون على الدُّنيا، كتكالب الكلاب على الفريسة المنتنة.

 لا قلوب بشرية لديهم، ولا أحاسيس، ولا مشاعر، ولا عاطفة، ولا شئ من هذا القبيل أبداً، هدفهم: القتل، وغايتهم: التَّنكيل، ولذَّتهم: التَّعذيب، ( لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة ).

 هم، كما وصف الله أمثالهم، ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل ).

 في هذه اللَّحظة الشَّبِّيحَة يقومون بتعذيب، وتكسير أضلاع الشَّباب في زنزانات المجرم بشار، وفي هذه اللَّحظة يتجه موكب للشبيحة إلى قرية أو مدينة في مختلف أنحاء سورية، وفي هذه اللَّحظة يقوم الشَّبِّيحَة بنهب بيوت النَّاس الفَّارين منهم، وفي هذه اللَّحظة قنَّاصي الشَّبِّيحَة، يسدِّدون الرصاص الحي على شباب بأعمار الورود، وفي هذه اللَّحظة الشَّبِّيحَة يغتصبون إحدى النَّساء، وفي هذه اللَّحظة الشَّبِّيحَة يتربصون للنَّاس في شوارع المدن، أو القرى أو على الطرقات، وفي هذه اللَّحظة يمكنك مشاهدتهم، إذا أردت أن تصرخ بكلمة: " حرية " أو كلمة: " عدالة " أو كلمة: " مساواة ".

ختاماً : أقدم نصيحتي إلى كل عنصر من عناصر الشَّبِّيحَة، فأقول: كفاكم هدماً لمساجدنا، وتدميراً لمآذننا، وكفاكم قتلاً لشعبنا، وكفاكم ظُلماً لأمِّنَا سورية، وكفاكم من يتَّمْتم من أطفال شعبنا، وكفاكم من رمَّلْتم من نساء بلدنا، وكفاكم من أهنتم من شباب وطننا، عودوا إلى رشدكم، وتوبوا إلى ربكم، فالموت قادم على الجميع لا محالة، وعند الله تلتقي الخصوم، خافوا الله في بشار وماهر، ولا تخافوا بشَّاراً وماهرَ في الله، فمقدمكم على الله عسير، إن بقيتم على ظلمكم وفسادكم، وثقوا بأنَّ توبتكم وعودتكم الآن أنفع لكم في الدنيا والآخرة، وستجدون من يقدِّر لكم رجوعكم وتوبتكم، ولكن!! أعلنوا ذلك، ولا تخافوا أحداً إلا الله، لأنه من خاف الله، خافه كل أحد، ومن خاف غير الله، خاف من كل أحد.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق