الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-02-20

أيها الشعب السوريُّ العظيم: إنّما النَّصرُ صبرُ ساعة - الدكتور أبو بكر الشامي


بسم الله الرحمن الرحيم
* الصبر : هو ثبات القلوب عند موارد الاضطراب والفتن .
والتصبّر : هو تكلُّفُ الصبر .
وهو من أخلاق النفوس الفاضلة ، ومن قواها الخفيّة .

ويُقال : صبر فلانٌ عند المصيبة صبراً ، وصبّرتُه ( أي ساعدته على الصبر ).
قال تعالى في كتابه الكريم : (( واصبر نفسَك مع الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشيّ يريدونَ وجهَه )) الكهف / 28 ( أي احبس نفسك معهم ).


والصبر الجميل الوارد في قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام : ((فصبرٌ جميل )) يوسف / 18
هو الصبر الذي لا جزع فيه ولا شكوى لأحد .

والصبر يكون في النفس ، أما المصابرة فتكون مع الأعداء ، كما قال تعالى :
(( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا )) آل عمران / 200
* وللصبر أهمية عظيمة في حياة الأمة ، ولذلك فقد ذكره الله في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً .

وقرنه بالصلاة ، فقال : (( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنّها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين )) البقرة / 45
وجعل الإمامة في الدين موروثة عن الصبر فقال : (( وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون  )) السجدة / 24

ولعلّ من أهم أنواع الصبر هو الصبر على الابتلاء ، قال تعلى : (( ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وبشّر الصابرين )) البقرة / 155  ، حيث يكون الصبر والرضا هنا هما المقياس الحقيقي للإيمان الصادق .

قال ابن القيّم رحمه الله : سأل رجلٌ الشافعيّ رحمه الله فقال : يا أبا عبد الله ، أيهما أفضل للرجل أن يُمَكّن فيشكرَ الله عزّ وجل ، أو يُبتلى بالشرّ فيصبر ، فقال : لا يُمَكَّن حتى يُبتلى ، فإن الله ابتلى نوحاً وإبراهيم ومحمّداً ، صلوات الله عليهم أجمعين ، فلمّا صبروا مكّنهم .

* ومن مكارم الصابرين في القرآن الكريم:
1.  مدح الله لهم ، وثناؤه عليهم  : (( والصابرين في البأساء )) البقرة/155

2.  معيّة الله لهم : ((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إنّ الله مع الصابرين )) البقرة / 153
((واصبروا إنّ الله مع الصابرين )) الأنفال / 46
3.  أهل الصبر مع أهل العزائم : (( لتبلونَّ في أموالكم وأنفسكم ، ولتسمعُنَّ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ، ومن الذين أشركوا أذىً كثيراً ، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور )) آل عمران /186

4.  الصبر يورث صاحبه الإمامة : (( وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون  )) السجدة / 24

5.  إقتران الصبر بمقامات الإسلام والإيمان : ((يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ، واتقوا الله لعلّكم تفلحون )) آل عمران 200

6.  بشرى الله للصابرين : (( ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وبشّر الصابرين )) البقرة / 155

7.  ضمان المدد والنصر للمجاهدين الصابرين: (( بلى إن تصبروا وتتقوا ، ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربُّكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين )) آل عمران / 125

* وأما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم في مدح الصبر والصابرين فلا تكاد تُحصى ، ومنها :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :
( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة )الترمذي

2. عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( ما من مُصيبةٍ يُصابُ بها المسلمُ إلا كُفّرَ بها عنه ، حتى الشّوكةِ يُشاكُها) مسلم

3. وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدريّ رضي الله عنهما ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : ( ما يُصيب المسلمَ من نصّبٍ ولا وصبٍ ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً و لا غمٍّ ، حتى الشوكةِ يُشاكُها ، إلا كفّر الله بها من خطاياه ) البخاري ومسلم

4. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قلتُ  يا رسول الله : أيُّ النّاس أشدُّ بلاءً .!؟ قال : ( الأنبياءُ ، ثمّ الأمثلً فالأمثل ، يُبتلى الرجلُ على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابةٌ اشتدَّ بلاؤُه ، وإن كان في دينه رِقّةٌ ابتُليَ على قدر دينه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبد ، حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) الترمذي

5. وعن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : ( ما من مسلمٍ تُصيبُه مصيبةٌ فيقول ما أمره الله (إنا لله وإنّا إليه راجعون ) اللهم أْجُرني في مصيبتي وأَخلف لي  خيراً منها ، إلا أخلفَ اللهُ له خيراً منها ) مسلم

6. وعن أنس رضي الله عنه ، أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجّل له العقوبةَ في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشرَّ أمسك عنه بذنبه ، حتى يُوافى به يوم القيامة) الترمذي

7. وعنه رضي الله عنه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : ( إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاء ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قوماً ابتلاهم ، فمن رضيَ فله الرّضى ، ومن سَخِط فله السَّخَط ) الترمذي

8. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم قال لنسوةٍ من الأنصار : ( لا يموت لإحداكنّ ثلاثةٌ من الولد فتحتسبَهُ إلا دخلت الجنّة )
فقالت امرأةٌ منهنّ : أو اثنين يا رسول الله .!؟
فقال صلى الله عليه وسلّم : (أو اثنين ) البخاري ومسلم

9. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه قال :
( لا يموتُ لأحدٍ من المسلمين ثلاثةٌ من الولد فتمسَّهُ النّارُ إلا تَحِلّةَ القسم )
تَحِلّة قوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردُها)
والقسم في قوله تعالى : ( فوربّك لنحشُرَنّهم والشياطينَ ، ثمَّ لنُحضِرَنّهم حول جهنّمَ جِثِيّا ) مريم / 68

10. وأختم بحديثِ خبّابِ بن الأرتّ رضي الله عنه قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو متوسّدٌ بُردةً له في ظلّ الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا ، فقال : ( قد كان مَنْ قبلكم يُؤخذُ الرجلُ فيُحفرُ له في الأرض ، فيُجعلُ فيها ، فيُجاءُ بالمنشار ، فيُوضعُ على رأسه ، فيُجعلُ نصفين ، ويُمشطُ بأمشاط الحديد ، من دون لحمه وعظمه ، فما يصدُّه ذلك عن دينه ، والله ليَتمَّنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا اللهَ والذئبَ على غنمه ، ولكنّكم تستعجلون ) البخاري

وبعد ُ ... فيا أيها السوريون الأماجد ، و يا أيتها السوريات الماجدات .!!!
لنصبر ، ولنحتسب على ما أصابنا ، ولنستمر في ثورتنا ، ولنتعاون ونتكافل فيما بيننا ، ولننصر اللهَ في عقيدتنا ووطننا ، والله معنا ، ولن يترنا أعمالنا .
بسم الله الرحمن الرحيم
(( وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين )) صدق الله العظيم
الدكتور أبو بكر الشامي
دمشق : في السابع والعشرين من ربيع الأول / 1433 هجري
الموافق : للتاسع عشر من شباط / فبراير / 2012 ميلادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق