الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-13

المجزرة الأخيرة في حمص، خبر وتعليق – د. عبد الغني حمدو


قبل كل شيء لايسعنا إلا ان نقول : إلى رحمة الله يامن سفكت دماؤكم من رجال ونساء وأطفال غدراً وحقداً ولؤماً، وإن شاء الله لكم الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء.

عندما نضع أنفسنا في موقف مراقب لاينمتي إلى كلا الفريقين،سيسأل نفسه مباشرة السؤال التالي:

لماذا لم يخف أصحاب الفعل الشنيع معالم الجريمة، كما فعل آلاف المرات وخلال عقود عدة في إخفاء جرائمه ضد الشعب السوري؟


قبل الاجابة عن السؤال، لابد لنا من العودة لمعنى الدولة ومقومات الدولة واستقلالية القرار التابع لدولة مستقلة، نجد أن مقومات الدولة السورية قد انتهت تماماً بعد انطلاق الثورة بعدة شهور، فالسلطة الحاكمة بمفهومها العام، هي كيان لايمكن الاستغناء عنه، تقتضيه الضرورة لمجموعات من الناس تشترك فيما بينها بمقومات ثقافية واجتماعية وقد تكون عرقية أو مذهبية على قطعة من الأرض، ولكي تنتظم حياة هذه المجموعات البشرية، وجدت السلطة الحاكمة لتحقيق الأمن للمواطن وسيطرة القانون على تسيير أمور الناس للفصل بين الخلافات، وحماية الوطن من العدوان الخارجي.

وعندما يجد المجتمع أن هذه السلطة أخلت بالمسئولية التي كانت ملقاة على عاتقها، يسعى لازالة السلطة القديمة واستبدالها بسلطة أخرى، وعندما قرر المجتمع السوري بغالبيته، استبدال هذه السلطة بسلطة بديلة، لأنها أخلت بكل الشروط المتعاقد عليها، هنا السلطة حولت جميع إمكانيات الدولة التابعة للمجتمع السوري، واستخدامها ضده في أبشع أنواع الجرائم المرتكبة، وبالتالي السلطة تحولت من سلطة تمثل الشعب وتحميه إلى سلطة لقتل وتجويع وتهجير وإذلال الشعب الذي كانت تمثله، فالمنطق يقول أن هذه السلطة أصبحت سلطة احتلال وليست سلطة تمثل الشعب .

وعلى أثر ذلك،انهارت مؤسسات الدولة المدنية والخدمية، وانهارت العملة الوطنية، والجيش والأمن يتفكك ويضعف يوماً بعد يوم، وهربت الأموال إلى الخارج وأغلقت المعامل والمصانع وتحولت المستشفيات إلى معتقلات للتعذيب والقتل والتصفية، وأصبح الجميع بعيداً كل البعد عن لحظة أمان هادئة يشعر فيها بطمأنينة أكان من المؤيدين أو المعارضين .

وعلى مستوى السياسة الخارجية أصبح وزير الخارجية الروسية هو المفوض السامي الروسي الذي يفاوض ويتحدث ويعقد الصفقات بالنيابة عن السلطة السورية، لأنها أصبحت موجودة فقط بالشكل وليس بالفعل، وعلى مستوى الداخل الذي يقود عمليات القمع والاجرام، هي مجموعات لاتربطها بالدولة إلا مصالحها، وتحول الوضع لعصابات متعددة وعائلات مافياوية، وبحماية الجيش والذي يحميها .ومع الضغط الاعلامي العالمي، والحصار الاقتصادي وسقوط النظام معنوياً وشرعيا وفلتان الأمور من بين يديه، استعمل هذه الورقة الطائفية العلنية، حتى يقابله ردات فعل قوية من الطرف المقابل، كما شاهدنا من تهديدات ودعوات لابادة طائفية كاملة ، هذه الدعوات للتصفيات الطائفية، يستفيد منها عصابات المافيا، بعد شعورهم بالهزيمة، ليقولوا للعالم نحن الطائفة المحرومة والمهددين بالسحق الكامل، فلا بد أن تجدوا لنا مخرجاً، تحفظون فيه دماءنا وحياتنا، ولا يمكنكم حمايتنا إلا بكيان يحمينا كدولة لنا في المناطق التي فيها نسبة كبيرة كالدولة العلوية المقترحة في الساحل السوري.

أو سيجعل قضية الفعل المضاد، بأن يجعل نفسه هو المنقذ للشعب السوري من الحرب الطائفية، وهي الورقة الأخيرة التي يستخدمها النظام الاستبدادي في كل العصور من تخويف المجتمع من خطر محدق ينصب نفسه هو المانع لهذا الخطر، ويقنع الناس فيه، ولكن عندما يصل المجتمع لحالة اليأس ويثور ضد نظامه الفاسد يجد ذلك كان وهماً عاش فيه لعقود طويلة.

فالسبيل الوحيد لنجاح الثورة هو استمرارها على ماهي عليه، وقليل من الصبر وقليل من الوقت ستجدون هذا النظام تحت أقدامكم وقريباً جدا بإذن الله.

د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق