الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-31

حراك المعارضة السورية: خطوة متأخرة في الاتجاه الصحيح – بقلم: فاروق مشوح


لم تكن المعارضة السورية في يوم من الأيام وحتى ظهورها الآن في مستوى ثورة الشعب السوري الباسلة؛ بل كانت وما تزال، أقل بكثير من قامة هذه الثورة وأدنى من أفق تطلعاتها .. ومن هنا فإننا نرى أن المعارضة الخارجية؛ تتحمل عبئاً ثقيلاً ومسؤولية جسيمة وواجباً لازماً وملحاً تجاه هذه الثورة، وإن كل تقصير مهما كان هيناً في نظر بعض أشخاصها؛ يعد جريمةً ترتكبها هذه المعارضة وهي بذلك تساهم في آلام أهلنا داخل سورية وتزيد من معاناتهم كما تؤخر عليهم ساعات النصر المأمول وساعات الفرج المنتظر القريب ..
  
                                                               
نقول هذا المعنى ونحن نرى الانقسامات التي تبعثر الجهود، والمماحكات التي تشتت القوى، والاختلافات التي يتخذ منها العدو والصديق ذريعة للتردد بالدعم الواجب والمسؤولية المفترضة .. فلقد تحمس الغرب في الفترة الأولى لقضية الشعب السوري وكثر المنادون بدعم هذا الشعب عن طريق الشجب والاستنكار، وطالب بدعم الثورة للوقوف بوجه العنف الذي يقترفه نظام الجريمة المستبد في سورية .. لكن هذا الحماس الكلامي وهذا التجييش الدعائي الفارغ لم يخطو إلى الفعل الحقيقي على أرض الواقع خطوة واحدة، ولا قدم في سبيل التنفيذ عملاً ملموساً مهما قل، ولا رأى الناس منه تجسيداً لما يعلن عنه أو يدعيه ..
وكانت حجته الدائمة وفي كل الأحيان هي أن المعارضة منقسمة على نفسها وأنه لا يعرف يخاطب من ولا مع من يتعامل ..

هذا الأمر كله كان قبل ويوم الثلاثاء 28-3-2012، حيث عقدت المعارضة مؤتمرها في اسطنبول وخرجت بقرارات تحدث فيها كل أصحاب الاتجاهات المختلفة والتنظيمات العاملة على ساحة المعارضة بالموافقة على التوحيد والعمل بصوت واحد من أجل تمثيل الثورة السورية بشقيها المتظاهر بدون توقف والحامي لها بالنفس والسلاح ومن ثم بالدفاع عن الشعب السوري وتحقيق أمانيه ومطالبه ..

لقد صدر عن هذا المؤتمر وثيقة هامة باسم "وثيقة العهد والميثاق" شارك في إعدادها أكثر من أربعين تنظيماً واتجاهاً وشخصيات بأسمائها حيث اعترفت بالمجلس الوطني جامعاً لكل هذه الاتجاهات التي تشكل المعارضة السورية بأفقها العريض ثم دعته إلى هيكلة هذا المجلس وإعادة صياغته حتى يلبي حاجة المشاركين جميعاً .. وهي خطوة ـ بالرغم من تأخرها ـ في الاتجاه الصحيح ويمكن أن يكون لها تأثيراً إيجابياً فاعلاً لصالح ثورة الشعب في سورية الثائرة..

كان رد فعل النظام على هذه الخطوة غير معلن؛ لكن ما عبر عنه موقفه من قرارات مجلس الوزراء العرب المنعقد في بغداد تمهيداً لمؤتمر القمة العربي الذي يعقد بعد يوم من هذا التاريخ والذي جاء في بيانه الأولي .. إن على النظام أن يوقف أعمال العنف التي يمارسها بحق الشعب السوري ومن حق هذا الشعب أن يتمتع بحريته وعدالة قضيته .. جاء ذلك في مشروع قرارٍ متميزٍ ومحدد حيث يتحدث عن "إعلان بغداد" الذي اعتبره وزير الخارجية العراقية أهم وثيقة تصدر عن هذا المؤتمر قال فيها؛ من حق الشعوب العمل على التغيير وتحقيق مطالب الشعوب وتحدث عن القضية السورية والفلسطينية ثم تابع أنه لم يعد الموضوع السوري موضوعاً محلياً أو إقليمياً؛ بل هو دولي خرج عن المحلية والوطنية والإقليمية إلى التداول العالمي ..

ويمكن لنا أن نرصد ـ في هذا الشأن ـ الموقف الأمريكي الذي أعاد تصريحاته حول تنحية الأسد وهذا المعنى ليس جديداً في التصريحات الأمريكية فقد رددته الإدارة الأمريكية أكثر من مرة ولكن بلا فعل على أرض الواقع ولم يكن له أي رصيد في التطبيق العملي لكنهم أضافوا أنهم لا يثقون في وعود الأسد ولا في قبول نظامه للمبادرات الأممية أو العربية .. إنهم لا يثقون بهذا النظام وهم يريدون منه عملاً واقعياً قائماً على الأرض ..

التشكيك بالموقف السوري يحيط به من كل جانب من دول العالم ومنظماتها ما خلا تلك الدول التي شكلت حلفاً غير مقدس معه مثل إيران وروسيا والصين وفي المنطقة العربية تقف معه لبنان مكرهة والعراق تبعاً لإيران وحزب الله صاحب المنفعة والمصلحة مع النظام ..

كل ما ذكرناه من خطوات المعارضة والآمال التي ننتظرها من اجتماعاتها وبياناتها وما صدر من رودود فعل مختلفة هنا وهناك لا يفيد شيئاً ولا يجدي فتيلاً إن لم يقم ذلك على الواقع فعلاً وتتحول الأقوال عملاً في دعم هذا الشعب الذي يواجه آلة القتل المدمرة التي تتحدى العالم بجرائمها وتنشر الخراب بشراستها ..

في هذه الحالة التي نشرنا بعضاً من سطورها؛ حديثاً قديماً متجدداً عن المعارضة؛ تخرج علينا بعض الفئات التي تشترك في أعمال هذه المعارضة لتعلن انسحابها من هذا اللقاء الجامع، والذي يعتبر في مثل هذه الظروف من أهم الواجبات وأولى المهمات .. حيث يشعر كل فرد من أبناء وطننا أنه يساعد النظام بتخليه عن واجب الاجتماع وضرورة الوحدة ونبذ الخلافات وبالرغم من ذلك وفي هذه الحالات الصعبة العسيرة تطالب مجموعة من أبناء وطننا ـ الأكراد ـ بمطالب لا يقبلها شعبنا اليوم لا في توقيتها ولا في مراميها .. فالتوقيت خاطئ بل خطير وبخاصة ونحن نلملم شعثنا ونجمع طاقاتنا لنواجه هذا العدو القاتل وآلاته التدميرية الناشطة، وشعبنا يصرخ في كل مدينة وقرية داعياً إلى النجدة العادلة والغوث السريع .. في هذا المفصل المهم تقوم هذه الفئة كأنها لا ترى إلا أهدافها الأنانية المحدودة وكأنها تستعجل اللحظة الحرجة في وضع طلباتها على مستوى ضرورات اللحظة بدون أي شعور يرقى إلى مستوى التحديات أو يستعلي على مطالب الأقليات التي يمكن أن تترك بصمات مؤذية في زمن الحريق الذي يتناول الوطن من جميع أركانه .. أما في الأهداف؛ فإننا نقول إن المكون الكردي السوري أصيل في انتمائه إلى شعبنا، ويسعه ما يسع أي مواطن سوري من حيث الحقوق والواجبات، ولا يمكن للشعب بأن يرضى بتقسيم بلده أو التنازل عن وطنه أو تجزئة هذه الأرض المباركة الغالية على عدد الفئات والأقليات التي يضمها الوطن بجميع مكوناته .. بل الوطن لهم جميعاً والشعب السوري واحدٌ بلا تمييز أو تفاضل أو تفريق ..

هذه أفكار من وحي الحراك الأخير للمعارضة السورية أحببنا أن نسجلها حتى تبقى شاهداً على مجريات الأمور المتطورة ساعة بعد ساعة يوماً بعد يوم ونحن نضع على مسيرتها آمالنا التي نرجو من الله العلي القدير رؤيتها زاهرة وثمرتها دانية وحصادها قريباً بإذن الله "ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريباً"...
5/جمادى الأولى/1433هـ
  28/3/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق