الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-23

عرض موجز للقضية السورية – بقلم: فاروق مشوح

بسم الله الرحمن الرحيم                                                                 
 * سورية قبل انقلاب حزب البعث عام 1963م، عاشت حياة ديمقراطية برلمانية مدنية، كان لها برلمان منتخب، ورئيس جمهورية مدني، ودستور عام 1953م يعد مفخرة بين دساتير الدول الديمقراطية .. كل ذلك على الرغم من انقلابات عسكرية قامت منذ عام 1949م؛ الأول منها قام به حسني الزعيم، ثم كرت السلسلة حتى انقلاب البعث الحزبي الطائفي المذكور آنفًا .. سبق هذا الانقلاب عهد الوحدة بين سورية ومصر الذي انتهى بمرحلة الانفصال الذي كان فترة مضطربة في تاريخ سورية ساعدت القوى العسكرية من حزبية وعلمانية وطائفية على الظهور حتى حققت هذا الانقلاب المشؤوم ..


       * انقلاب عام 1963 كان بعثيًا، أشرك في البداية قوى ناصرية وعلمانية وطائفية، ثم انفرد بالحكم بعد انقلاب حافظ أسد، الذي خان رفاقه البعثيين، واعتمد على طائفته، وبحكم بوليسي شمولي، تفرد بالسلطة واستند إلى الطائفة النصيرية التي صعدت على ظهر الشعب السوري، وتحكمت بمقدراته، وكان ذلك منذ عام 1970م؛ حيث حكم شعب سورية بأكثر من سبعة عشر جهازًا أمنيًا، يتجسس بعضها على بعض، وتتسلط جميعًا على الشعب، معظمها بيد أبناء الطائفة التي أصبحت منذ ذلك التاريخ هي الشعب السوري كله، وهي لا تتجاوز 7_ 8% من هذا الشعب المقهور ..

       * استولت طائفة النظام على كل مرافق الحياة السياسية والأمنية والقضائية والتعليمية والثقافية؛ وقبل هذا وبعده الجيش والأمن والاقتصاد ..

       * الأمثلة على هذا الأمر كثيرة، بل هي أكثرمن أن تحصى، وهي شائعة ومعروفة لدى الشعب السوري؛ ففي مجال الجيش، كان الرتيب أو المجند العلوي مهما كانت رتبته، هو الذي يعطي الأوامر لأكبر الرتب وأعلاها الموجودة في القطعة العسكرية بكاملها ..

       * كما استخدم هذا الجيش لمصالح القادة العسكريين والمدنيين؛ أفراده وأمواله وإمكاناته .. فمن يريد أن يبني قصرًا أو دارًا أو مزرعة، يستخدم كل هذه الإمكانات، وكأنها ماله الخاص، حتى أصبحت قرى مناطق هذه الطائفة مناطق سياحية تشغلها قصور ألف ليلة وليلة، وتنتشر فيها مزارعهم، ودورهم الفارهة، سواء أكان ذلك الشاغل عسكريًا أو مدنيًا ..

       * الرشوة التي امتطى مركزها الخبيث كل متنفذ من الطائفة، أو رجل من رجالات الحكم، تفشت بشكل لم يسبق له مثيل؛ حيث جمع هؤلاء المال الحرام، بل شاركوا كل أصحاب الأموال من تجار وصناعيين في المدن السورية، وبخاصة دمشق وحلب ثرواتهم ومكاسبهم؛ حيث يستغل التاجرالمسؤول لتسيير أعماله، ويقاسم المسؤول المال والأرباح من ذلك التاجر .. إنها تجارة لصوص، يسهل المسؤول التابع للنظام كل الطرق غيرالمشروعة للمستفيدين والمنافقين والتابعين في جني المال الحرام على حساب الشعب ولقمة عيشه ..

       * هنا ظهرت طبقة من أركان النظام، وأبناءالطائفة، وحواشي هذين القطبين، وهي التي احتقبت الثروة، واستولت على السلطة، وملكت القرار .. وهذه الطبقة هي التي أذلت الشعب السوري، وأفقرت جماهيره، وسرقت حريته، ونشرت الفوضى والانحلال والفساد بين كثير من طبقاته..

       * هذه باختصار شديد بعض من الأسباب التي أدت إلى ثورة الشعب السوري، وهي التي فجرت بركانه الذي انطلق ولا يزال سلميًا مدنيًا ديمقراطيًا شعبيًا صبر عليه شعبنا قريبًا من نصف قرن.. بدأ بالأرياف والمناطق المهمشة والفقيرة، وانتقل إلى المدن المتوسطة، ثم ها هي تدخل دمشق من ميدانها التاريخي، وهذه إشارة مهمة في مسيرة الثورة، كما إن مظاهرة حماة المليونية التي ابتعد عنها الأمن، ومظاهرات دير الزور علامات كان على النظام أن يدركها، ويتصرف بموجبها، لو كان يريد لهذا الشعب خيرًا أو عدلًا أو مستقبلًا ..

       * لم يكن وراء هذه الثورة أي جهة حزبية، أو جماعة منظمة، أو زعامة سياسية، أو دولة من دول العالم وراء الحدود .. إنها ثورة أبناء الشعب السوري؛ سلمية شعبية مستمرة، لم يوقفها إعلام كاذب ولا دعاية مزيفة، ولا ادعاءات بأن جماعات إرهابية، أو عناصر مدسوسة، أو مؤامرة خارجية، أو أموال وسلاح يدخل من وراء الحدود، ذلك لأن جسم الثورة حتى الآن لا يزال كما وصفنا سلميًا مدنيًا شعبيًا مستمرًا ، وسوف يبقى كذلك بإذن الله ..

       * إن الحوادث العنيفة التي تتصدى للقتل والتدمير من قبل عناصر الأمن والجيش والميليشيات هي عناصر من أبناء الشعب السوري الذين يخدمون في الجيش، والذين تمردوا على أوامر قادته من أركان النظام، حينما رأوا هذه العناصر تقتل أهلهم وذويهم وأبناء شعبهم المدنيين، وهذا الجيش الحر نذر نفسه لحماية الثورة السلمية التي تشكل جسم ثورتنا العريض ..

       * المعارضة السورية في الخارج هم أبناء الشعب السوري الذين ذاقوا من هذا النظام على مدى حكمه الطويل ألوانًا من العذاب انتهت بالغربة والتشرد وفراق الوطن؛ فكانت هذه الثورة التي لم تكن بحسبان أحد، ولا خطرت على قلب بشر هي المتنفس الذي أزاح الهم عن صدور أبناء هذه المعارضة في الخارج، وهم خليط من اتجاهات ومكونات وطبقات شتى، التقت جميعًا على نصرة هذه الثورة المباركة .. وبسبب من اختلاف انتماءات هذه المعارضة هناك الكثير من التباينات الطبيعية التي تحدث في مثل هذه الحالة، لكنه تجمع على أمور محددة، وهي تنفيذ مطالب الشعب وثورته الناهضة، وتحاول مساندتها ودعمها بكل الوسائل المشروعة، وكل جهد تستطيع عليه .. ومن أسف أنها لم تبلغ حتى الآن المستوى الذي وصلت إليه الثورة، ولم تطاول قامتها السامقة، وعليها في هذه الحالة أن تبذل من الجهد والعمل والإخلاص ما يجعلها تلتحق بركب ثورة شعبنا السوري الحر الأبي ..

       * قامت الثورة السورية الحديثة في 15/آذار/2011 .. ضمن الربيع العربي الشامل الذي اجتاح الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة، وهي بدورها نهضت بوجه نظام دكتاتوري تسلطي بوليسي طائفي فاسد .. وذلك بواسطة أبنائها شيبًا وشبابًا ونساءً وأطفالًا، ومن كافة المكونات لهذا الشعب النبيل؛ حيث احترمت كل الأقليات، وتركت لها حريتها في معتقداتها وممارساتها الشخصية والخاصة بها ..

       * لم يضيق شعبنا بمجمله على هذه الأقليات ولا أثار فيها النعرات، كما أنها لم تشعر هي أيضًا بالغبن أو التمييز أو الإرهاب إلا في هذا العهد الأسدي الأسود ..

       * صحيح أن بعض أفراد هذه الطوائف ساير أهواء هذه السلطة المستبدة، ونافق لبعض أركانها، ولكنها بمجملها عانت المعاملة ذاتها التي ذاق مرها شعبنا بأكمله .. بالرغم من أن النظام تقرب إلى بعض الطوائف؛ مثل بقايا اليهود في تركهم يهاجرون ليصلوا في النهاية إلى إسرائيل، وهو اتفاق جرى بين النظام، وبين قوى غربية وأمريكية .. ذلك أن النظام لا يملك حسًّا وطنيًا ، ولا روحًا غيرية على الأمة؛ ومن أجل أن يبقى في السلطة فإنه يستحل كل المحرمات  ويدوس أنبل المقدسات، وينتهك أقدس الحرمات؛ من دينية أو وطنية أو اجتماعية أو ثقافية.

       * النظام السوري فوت فرصًا كثيرة بدأت في 30/3/2011 في خطاب رئيس النظام بشار؛ الذي ردد فيه كلمة الفتنة والمؤامرة والطائفة والإرهاب والجماعات المدسوسة أكثر من أي معنى آخر يعترف فيه للشعب بحق من حقوقه، أو يعيد له شيئًا من حريته، أو يساعد على تخفيف بعض من معاناته ..

       * فكانت هذه بداية الحرب الطائفية على الشعب السوري من قبل النظام، ذلك أن بنية هذا النظام الحزبية الطائفية العائلية البوليسية الميليشياوية؛ لا تسمح له بأن يعطي شعبنا أي حق من حقوقه، وقد حكمه أكثر من أربعة عقود، ولا يمشي معه في أي خطوة على طريق الإصلاح الذي طبل له وزمر ..

       * كان هذا النظام كلما قدم قرارًا، أو مرسومًا فارغًا من المحتوى، بعيدًا عن المرمى للحق والحرية والعدالة؛ كلما أمعن بالقتل للمتظاهرين، ومقابلة مسيرات هذا الشعب المظلوم بالمزيد من العنف والقسوة والإجرام ..

       * استعمل النظام من الأساليب ما لم يحدث في أظلم الأنظمة شراسة ودموية على مدى العصور .. من السجون التي لا يخرج الأسرى منها إلا جثثًا هامدة، ولا يفرج عن المعتقلين إلا معوقين أو مشوهين .. في المدن المحتجة لا يمكن أن تمر مظاهرة سلمية ترفع شعارات الثورة والاحتجاج على النظام بلا شهداء ومصابين، حتى ولو كانوا من النساء والاطفال والعجزة وكبار السن ..

       * القتل عند هذا النظام أهون على المتظاهرين من العذابات التي يلاقيها المعتقلون والمحتجزون والمطاردون من أبناء شعبنا على مختلف طبقاتهم وأجناسهم وأعمارهم ..

       * ثم هناك العقوبات الجماعية من تطويق المدن، إلى القصف العشوائي إلى الحرمان من المواد الغذائية والدوائية، ووقود التدفئة، والمحاصرة، والإجهاز على الجرحى في البيوت والشوارع والمستشفيات، ثم استعمال وسائل القتل من المدرعات والدبابات والصواريخ، وحتى الطائرات .. إلى القنص، والاعتقال حتى وصل عدد شهدائنا المسجلين، والمعروفين لدى المنظمات الدولية أكثر من ستة آلاف شهيد، والحقيقة أكبر من ذلك بكثير، ثم الآلاف التي لا تحصى من المصابين والمشردين، والخلاصة أن شعبنا السوري المقهور في سجن كبير، يتسلط عليه جلادون لا تعرف الرحمة إلى قلوبهم سبيلا ..

       هذه معاناة شعبنا باختصار، نضعها بين يدي المشككين بثورة شعبنا العادلة، وقضيته المحقة، ورسالته المعبرة إلى العالم أجمع .. وكل ما أوردناه موثق، وكثير منه معروض على الهواء بين يدي أبناء العالم أجمع ..

       ونحن نقدم الآن ذلك بالصوت والصور حتى يفتح الله بيننا بالحق وهو خيرالفاتحين .. والله حسبنا وهو نعم الوكيل ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق