الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-16

احتفال غريب بمرور عام على الثورة السورية - بقلم: عبد الغني حمدو


في عام 1980 كانت الثورة في سوريا في أوج قوتها، وفي أحد الأيام كنت أجلس مع عسكري سوري (مجند) وكان وقتها في إجازة وروى لي عن الاجتماع الصباحي في السكنة العسكرية، وبعد تقديم المراسم يأتي أعلى ضابط في المقر، ويلقي كلمة، وكانت الكلمات وقتها كنشرة إخبارية عن الاخوان المسلمين، وكلما تحدث بعبارة حماسية كذكر المجرم يصفقون ويحيون، وعقبها بجملة فلقد قامت عصابات الاخوان بعملية اجرامية راح ضحيتها عدد من المحسوبين على النظام، وأعقبها الجنود بالتصفيق، ولم ينتبه الحمار إلا بعد ان انتهوا من التصفيق، فقال لهم ياحمير لماذا تصفقون؟.



المسيرات العفوية اليوم والتي ضمت الشبيحة والأمن والجيش وبعض العاهرات، وأطفال المدارس، وحول هذا الاحتفال الكبير تساؤلات كثيرة ومنها:

هي مناسبة لمرور عام على انطلاق الثورة ضد النظام واستمرارها حتى الآن واستخدم النظام كل ماعنده من وسائل القمع والبطش والتدمير، والثورة تقوى وتمتد بينما النظام رصيده المادي والبشري بدأ يضعف وضعف كثيراً جداً، وأصبح هو وعصاباته مجرمي حرب،في نظر العالم كله وحتى من أصدقائهم، بينما الثورة بدأت تكسب ضمير العالم أجمع، ويزداد التصميم على الاستمرار حتى النصر وهو قادم وفي وقت قريب جداً .

والسؤال لماذا يحتفل المجرم ومساعديه بذكرى انطلاق الثورة ضده، والتي وضعته في خانة أسوأ المجرمين والقتلة ؟

كان العالم ينظر له ودوداً بسيطاً، وهذه الثورة أظهرته غبياً مجرماً شريراً، فالمحتفلون الشبيحة للحيوان الأسد لاينطبق عليهم إلا قول الضابط لجنوده، مع اكتمال الشتائم التي لم أذكرها أعلاه .

إن الذي حصل في سورية ويحصل الآن من سفك للدماء وتهجير وتدمير البيوت وانهيار الدولة بالكامل، وقتل الناس بعضها لبعض وتدمير المؤسسات العسكرية والمدنية، لمواقف تثير السخرية، على غباء كل من خرج في الاحتفال بمرور عام على انطلاق الثورة السورية، لأن ذلك يثبت بالدليل القاطع أن هذه الثورة مستمرة حتى اسقاط هؤلاء الحيوانات المفترسة والكلاب الشاردة والمسعورة.

وإني أسأل هل ترى شعباً يخرج تأييداً لمن دمر بلده وقتل وسفك دماء شعبه ؟
والله حتى الحيوانات لا تفعلها، فلو مر قطيع من الأبقار على مكان ذبحت فيه بقرة واشتموا رائحة دم البقرة المذبوحة، لوجدتهم في حالة غضب ويعلوا خوارهم ليعم المنطقة
والمنطق يقول هنا أن الحيوان لايملك عقلاً ولكن يملك إحساساً، بينما هؤلاء والحمد لله لا يملكون لا عقولاً ولا إحساساً.

ولو قارنا احتفالهم الحيواني هذا باحتفال أبطال الثورة بذكرى انطلاق ثورتهم لوجدت المقارنة ظالمة جداً والسبب.

لم يكن يحلم السوريون ولو في الحلم قيام ثورة في سورية، ولكن انتفض الأحرار فيها، واستمروا وسيستمرون حتى تحقيق أهداف الثورة بمشيئة الله تعالى, لأنهم اكتشفوا أن من يحكم سوريا لاينتمي للبشر أبداً وحتى لايملكون احساساً حيوانياً .

لذلك يحق للثوار أن يحتفلوا بذكرى انطلاق ثورتهم رغم المآسي والجراح والدموع، لأن الثورة أوجدت قيماً وأخلاقاً طيبة بين الشعب السوري كانت قد طمثت وتخلقت بخلق هذه المخلوقات الغريبة والتي حكمت البلاد عدة قرون، واكتشفوا بعد كل هذا الزمن ولسان حالهم يقول :
كيف استطعنا الحياة تحت حكم هؤلاء ؟

رحم الله شهداء الثورة، وأسكنهم فسيح جناته، وألهم أهلهم الصبر والسلوان وأن يعوضهم الخير الكبير في الدنيا والآخرة، وأن يشف الله الجرحى، ويهيء للأيتام والثكالى دولة راعية تهتم فيهم وتعوضهم عن جزيء مما فقدوه، والعوض الأعظم سيكون من عند الله تعالى ذو الفضل العظيم .
د.عبدالغني حمدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق