أجمعت
قلوب أبناء الأمة الإسلامية على حب شيخ الشهداء عبد القادر الصالح؛ لتحليه بالصدق
والتواضع والشجاعة والخلق الكريم وجهاده في ماله ونفسه مرضاة لله تعالى، والبعد عن
تكفير من خالفه المنهج والرأي، ودعوته لوحدة الصف، ونصرته للحق، وتلبيته لكل من
طلب منه العون، وقد استمد صالح تلك الصفات الطيبة من الإسلام الذي تربى عليه، ودعا
إليه، دين الرحمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾
ودين الوسطية: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ دينٌ يبتعد كل البعد عن الفظاظة
والغلظة: ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ بل ويدعو أتباعة إلى الأُلفة
والأُنس والتواضع: " ألا أُخبركم بأحبِّكم إليَّ وأَقْرَبِكم مني منازلَ
يومَ القيامة: أحاسِنُكم أخلاقًا ، المُوطَّئُون أكنافًا ، الذين يألَفُون
ويُؤْلَفون " وهذا هو المنهج الذي عليه غالبية الشعب السوري. ولم يعبر
محبو الشهيد القائد عن حبهم لقائدهم بهذه الصورة غير المسبوقة إلا لإيصال رسالة
جماعية لجميع القادة على أرض سورية مفادها:
(لن
يقود الشعب السوري الا من يحمل الإسلام قولاً وعملاً برحمته ووسطيته وأُنسه
وأُلفته وهو ما كان متأصلاً في شهيدنا القائد ...)
فهل يلقى هذا الإجماع على حب الشهيد القائد
لدى أمراء الدولة الإسلامية في العراق والشام صداه ؟ ليراجعوا أفكارهم التي فرضوها
على أبناء الشعب السوري الصابر بقوة السلاح، ليفكروا بمراجعة أنفسهم بعد أن تيقنوا
بأن محبة الأكثرية لصالح ما هو إلا لما كان يتحلى به من أخلاق الإسلام ووسطيته،
وعدله وإنصافه، الذي يضمن الحقوق لجميع أبناء الشعب السوري بمختلف توجهاتهم ومعتقداتهم،
ويصون ويحفظ حقوق الأقليات، ويحمي كرامة الإنسان، فلا تحاولوا أن تفرضوا أفكاركم
ووصايتكم على الشعب الصابر، لأنه لن يوافقكم عليها ولن يستجيب إلى شدتكم
ورهبانيتكم مهما قدمتم له من إغراءات، ومهما حاولتم أن ترهبوه بسلاحكم.
فحري بكم أن تسلموا ما استوليتم عليه من مدن
محررة، وتعودوا إلى دياركم إن لم يكن لكم رغبة في الجهاد تحت قيادة من يختاره
أبناء الشعب السوري. واعلموا بأن حلمكم لن يتحقق، فسورية من بلاد الشام التي هي
دعوة رسولنا الأعظم محمد عليه الصلاة والسلام بالبركة، فيها من القادة والسادة
العلماء الحق الربانيين، ولن ينتظر السوريون من ملثمين لا يعرفون للعلماء حقَّهم،
ولا لأهل الفضل قَدْرَهم، أن يعلموهم شؤون دينهم، ولابد أن تعلموا أن معظم الفصائل
مجمعة على تطبيق الشريعة الإسلامية، ويدعمهم بذلك غالبية الشعب السوري المتعطش إلى
تطبيق أحكام الإسلام ومحاسنه قولاً وعملاً، ولكن ليس بالشدة والإكراه، ولا تحت تهديد
السلاح.
حَكِّمُوا دينكم
وعقولكم وضمائركم قبل أن تقع الفتنة الكبرى، وعندها لا ينفع الندم، ولا ينفعكم
شفاعة الشافعين...
نسأل الله أن ينور بصائركم، ويرشدكم إلى طريق
الحق والصواب قبل فوات الآوان، ونسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول
فيتبعون أحسنه، وألا نكون أداة خزي وانشقاق للأمة من حيث ندري أو من حيث لا ندري، إنه
سميع عليم، وبالإجابة جدير.
ياسر عبدالله
بوركتم
ردحذف