لايخلو حديث فردي أو جماعي داخلي أو خارجي مؤيداً للثورة السورية إلا ويطلب لم شمل الثوار تحت قيادة واحدة , ولم المعارضة السياسية للنطق بلسان واحد تحت قيادة سياسية واحدة , والجميع يدعو لهذه الوحدة
هل
الوحدة المنشودة تلك وهمية أم من الممكن أن تصبح حقيقة ؟
لنبدأ من
تاريخنا وهو الذي يجيب على هذا السؤال , فالرسول صلى الله عليه وسلم وحد جزيرة
العرب بالقوة , وما أن مات الرسول عليه الصلاة والسلام إلا ودبت الفتنة بين
المسلمين وظهر بعده أنبياء مدعون , والتي تسببت بحرب الردة فهلك فيها الالاف من
الطرفين, فعادت مركزية الدولة الاسلامية وبقيادة الخليفة أبو بكر رضي الله عنه
واستمرت
مركزية الخلافة عقدين من الزمن لتظهر الفتنة من جديد بمقتل عثمان بن عفان رضي الله
عنه
استلم
الخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونتج عن توليه الخلافة ثلاث كتل متحاربة
مناصري
علي , والثانية مناصري معاوية والثالثة الخوارج والتي كفّرت كلا الفريقين
لم تستطع
جميع المحاولات أن تجمع الأطراف وتصلح بينهم , وخططت الخوارج لاغتيال من كفّرتهم ,
ونجحت في اغتيال الخليفة علي وفشلت في اغتيال والي الشام ووالي مصر
في زمن
عبد الملك بن مروان وفي ليلة واحدة وصلته اثنتا عشرة رسالة عن اثنا عشر تمرد حاصل
على بقاع الدولة الاسلامية , وكان ذلك هو السبب في تولي الحجاج لقيادة الجيش ومن
ثم القضاء على التمرد ولو كان داخل المسجد الحرام
, وعادت السلطة عندها وبالقوة إلى مركزية الدولة
صلاح
الدين الأيوبي رحمه الله لم ينطلق لمحاربة الصليبيين إلا بعد أن وحد الولايات
والأمصار وجعل مركزية الحكم بيده , وبعد ذلك استطاع تحرير بيت المقدس
ضمت
الدولة العثمانية الدول العربية تحت سلطتها بالقوة العسكرية , وخرج العرب عن
السيطرة العثمانية بالثورة ضدها
في
الخمسينيات من القرن الماضي قاد الفكر القومي جمال عبد الناصر والداعي إلى الوحدة
العربية , فكانت البداية تخلي مصر عن السودان , وظهور أنظمة ثورية عربية في
بعض الدول العربية شعارها الوحدة العربية
, ولم تصل كل المحاولات لتقريب وجهات النظر وإقامة كيان موحد بين دولتين إلا
بالوحدة المصرية السورية والتي استمرت ثلاث سنوات فقط
في اليمن
والذي تحول إلى يمنين شمالي وجنوبي لم يتوحدا إلا بالقوة العسكرية
الكل
يأمل ويدعوا إلى وحدة الصف بين الثوار , ولو درسنا الواقع فمن المستحيل أن تجد هذه
الدعوة أذناً صاغية وإن وجدت لن تجد لها واقعاً على الأرض
فالثوار
يمتلكون ايديولوجيات مختلفة , مع أن الجميع لهم صبغة ظاهرية واحدة وهي الصبغة
الاسلامية , وصار التقسيم بينهم على فرق ثلاثة
فريق
متطرف يذكرنا بموقف الخوارج , وآخر معتدل أو وسطي والثالث اسلامي شعبي وكل فريق هو
حق بالخلافة وعدو للآخر
على
الطرف الآخر النظام والمرتزقة يقاتلون على أساس طائفي , ويرون في الثوار ومن
والاهم هم العدو المشترك للجميع , ولذلك يقاتلون تحت راية واحدة
الخلافات
عند الثوار جعلت من هجمات الطرف المقابل تؤتي أكلها والثوار يتراجعون والجرائم
ترتكب بينهم ومن قبلهم , والعدو قادم إليهم وهذه الخلافات ستجعل المثل ينطبق عليهم
(أكلت عندما أكل الثور الأبيض )
مالحل ؟
لنعدل
صيغة الوحدة , فبدلاً من الوحدة نقترج صيغة اتحاد بين القوى والفصائل المختلفة ,
لمحاربة العدو من الغزو الخارجي وبالمساندة الداخلية , للتخلص من المشكلة والتي إن استمرت ستقضي على الجميع
وينتصر الاحتلال ويعود المجرم منتصراً
وبعد
التخلص من الاحتلال , فإما أن يتحول الاتحاد لوحدة منضوية تحت كيان الدولة الجديدة
ولن يحدث ذلك إلا بالقوة والقوي هو الذي من حقه أن يستلم السلطة ,والقوة هنا
لاتعني القوة العسكرية فقط وإنما الحاضنة الشعبية أيضاً وتحقيق أهداف الثورة والتي
قامت لأجلها .
د.عبدالغني
حمدو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق