الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2013-11-01

دولة العراق والشام – بقلم: مجاهد ديرانية

التغريدات التالية عن تنظيم دولة العراق والشام، وقد وسمتها باسم داعش من باب الاختصار لا من باب الاحتقار، فإن الاسم الطويل يأكل ثلث التغريدة
كتبت هذه التغريدات لأنني خشيت أن أقف بين يدي الله يوم الحساب فيسألني: لماذا كتمت ما علمتَ وقد أخذتُ العهد على من علم علماً أن يبيّنه للناس؟
كلفنا الله ببيان الحق، فمن تركه خوفاً من ألسنة الناس أو مجاملةً لبعضهم فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين. أعوذ بالله أن أكون من الخائنين


لا يسرني أن أقف بين يدي الله يوم الحساب فيسألني: لِمَ خشيت أنصار داعش ولم تخشني؟ فأقول: يا رب إنهم ذوو ألسنة حداد، فيقول: عذابي أحدُّ وأقسى
ليس أحد معصوماً عن النقد.كيف يكون مجاهدونا منزّهين عن النقد ومجاهدو الصحابة لم يتركهم الله لأخطائهم وعاتبهم ولمّا تجف دماؤهم بعد أحُد؟
لا يقُل أحد إن المناصحة بالسر فإن الخطأ العام يعالَج بالنصح العام، وليس مجاهدونا أكرم من الصحابة الذين عوتبوا بآيات تُتلى على مر الزمن 
رجال داعش يضحون بأنفسهم، صحيح، ولكن هذا وحده لا يدل على صواب المنهج.رجال حزب الله وأبي الفضل العباس يموتون في سبيل منهج باطل يعتقدون أنه حق
الإخلاص لا يعني الصواب حتماً، فرُبّ مخلص مخطئ يحتاج لنقد وتقويم ورُب صادق ساذج يأتي من قِبَله شر عظيم. إخلاص بلا صواب قد يقود إلى ضلال 
قد تدّعي جماعة تمثيل الإسلام ثم تسيء إليه وتدّعي جماعة خدمة الجهاد وهي خطر عليه، وهذا معروف مشاهَد في الماضي والحاضر، فلا عصمة لبشر 
لا يهمني ما يشاع عن اختراق داعش؛ سواء أكانت ضحية لاختراق خارجي أم لغباء داخلي فإن النتيجة واحدة: منهجها يمثل خطراً حقيقياً على جهاد الشام
يوم سُرق الجهاد في الجزائر سكتوا عنه خوف الفتنة -كما قالوا- فضاع الجهاد وضاع الناس،فلا والله لا يسكت عن أخطاء الجهاد في سوريا إلا خائن
الساكت عن الحق شيطان أخرس.اللهم إني أشهد بما علمت: إن داعش خطر على الشام وعلى جهاد أهل الشام، ومن دعمها بالمال أو الرجال أو الدعاية فهو آثم
لو كانت داعش صادقة حقاً في الجهاد لما تركت العراق -الجريح النازف الذي لا يجد من يداوي جرحه- وجاءت إلى سوريا المتخمة بالكتائب والمقاتلين
لماذا لم تحرر "دولة العراق" العراق أولاً؟ كيف تمدد نفسها إلى سوريا وتزعم أنها "دولة" فيها وهي ليس لها سلطان على قرية واحدة في العراق؟
السوريون بألف خير مقارنة بما يلقاه إخوانهم المسلمون السنّة في العراق من ظلم وعذاب وتهجير وتقتيل، وهم قلة عزل، أين أنتم منهم يا "دولة" داعش؟
إذا لم يكن هذا اختبار صدق فليكن اختبار حكمة أو اختبار مروءة: اتركوا سوريا التي لا تحتاج إليكم واذهبوا لنجدة من يستحق النجدة في العراق
خدعت داعش الناس باسمها.سموها "دولة إسلامية" وأثبتوا لصاحبهم النسب القرشي فأسروا عواطف ملايين المسلمين الذين يحنّون إلى دولة الإسلام الضائعة
والحقيقة أن داعش أقل شأناً وقوة وعدداً وأثراً من عشرات الجماعات الأخرى في الساحة السورية ولا يحق لها الاستئثار باسم الدولة وحقوقها وسلطتها
وصلت داعش لسوريا وفيها جماعات كبيرة كثيرة، فهي فرع في الجهاد الشامي وتلك الجماعات هي الأصل، فكيف تريد أن تقلب الفرع أصلاً والأصول إلى فروع؟
هل يملك أي فصيل حق احتكار السلطة وفرض نفسه على الآخرين فقط لأن اسمه دولة؟ داعش فصيل مقاتل فحسب وليست دولة لأن الأسماء لا تغير جواهر الأشياء
في سوريا جماعات كثيرة أقوى من داعش وأكبر وأكثر انتشاراً وأعظم أثراً في القتال، ولو أن الأمر بالأسماء لصارت في سوريا مئة دولة، بل مئات ومئات
الشورى أساس العمل الجهادي في سوريا ومن رفضها لا محل له معنا، فإذا وافقت عليها داعش فهي فصيل كأي فصيل وإذا رفضتها فهي خطر على الجهاد الشامي
نطالب داعش أن تعلن أنها فصيل مجاهد وأن أميرها أمير حرب فحسب. إصرارها على أنها دولة وأن الرجل أمير المؤمنين سيجرها إلى صدام حتمي مع مخالفيها
المنهج الذي تعتنقه داعش في السياسة الشرعية يعطل الشورى ويقزّم دور الأمة ويفتح باب الاستبداد،ويبلغ من خطره أنه يسوّغ القتال بين إخوة الجهاد
الأرض لا تحتمل دولتين، فمن ظن أنه هو الدولة سوف يقاتل المخالفين بذريعة أسبقية البيعة للإمام "القرشي" وذريعة أن المخالفين صحوات أو بغاة 
الشورى عند داعش غير ملزمة، إنْ شاء الأمير أخذ بها وإن شاء لم يفعل، وهذا يعني أنها "استشارة" لا "شورى" شرعية، وهي تكرس الاستبداد وحكم الفرد
الشورى والبيعة عند داعش تقتصر على "أهل حل وعقد" منها، هم عند عامة المسلمين مجاهيل لا يُعرفون، ليس منهم أكابر الأمة وعلماؤها وقادة مجاهديها
الولاية العظمى عند داعش يصحّ عقدها لمجهول لا يعرفه الناس، وهذه سابقة خطيرة في منهج أهل السنة وهي من عمل الباطنية والرافضة ولم تروَ عن السلف
بيعة المجهول لا تصح في شرعنا لأن رضا الناس شرط لانعقاد البيعة، وهي التي تسمى البيعة العامة، وقد نهى عمر عن بيعة رجل من غير مشورة من المسلمين
إن من يتبع مجهولاً لا يُعرف اسمه ولا تُعرف صورته -ونحن في زمن الإنترنت والفضائيات- ليس أحسن عقلاً ممن يتبع إماماً اختفى في السرداب
لن يقبل السوريون قائداً جباناً يخشى الإعلان عن اسمه ورسمه وهم قد كشفوا أنفسهم. كيف يخوض الجند لهب النار ويتخفى القائد وراء الأستار؟ 
الفكر التكفيري غريب في سوريا لم يعرفه السوريون من قبل، لذلك فإن الصدمة من المنهج التكفيري الذي حملته داعش إلى سوريا كانت صدمة عامة وشديدة
إذا وُكلت الدماء إلى من يملك فكر التكفير ويملك القوة والسلاح -فصار هو القاضي وهو الجلاد- تحول المجتمع إلى غابة لا أمان فيها على الحياة
عامة السوريين لا يثقون بالائتلاف والمجالس والأركان وقد يصلون إلى البراءة الكاملة منهم، لكنهم لا يحكمون عليهم بالردة وهدر الدم كما تصنع داعش
يستسهل جند داعش وأنصارها النطق بكلمة "الكفر" ولكن عامة الناس ينفرون منها ويرفضون نتائجها وتبعاتها الحتمية، وهي استرخاص الدم واستسهال القتل
لا ننكر إخلاص رجال داعش وشجاعتهم، إنما نأخذ عليهم التكفير بلا حق والاستهانة بالدم وقلة العلم الشرعي والاتباع الأعمى لأمرائهم ورفض المخالفين
أكثر أنصار داعش ينقصهم العلم بالواقع، وكثير منهم لم يقرؤوا: {أذلّة على المؤمنين}. لو كنت مكانهم لدعوت الله أن يرزقني العلم والرحمة والحكمة
من مشكلات أنصار داعش أنهم أقرب إلى "الصناديق المغلقة" التي لا تستقبل إلا "الإرسال الداخلي" من مصادرهم وأمرائهم ومنظّريهم، فكيف يحاوَرون؟
من مشكلات أنصار داعش أنها عندهم صنم معبود يحرم نقدها فمن نقدها فعليه أن يأتي بدليل أوثق من القرآن، ويبيحون لأنفسهم نقد الإنس والجن بلا دليل
أفهم رفضكم لي ولأمثالي، ولكن لماذا نبذتم الشيخ أبا بصير واتهمتموه في دينه عندما انتقد داعش؟ أليس من أعلام الجهاد ومن أهل الرأي والسابقة؟
انتقد الشيخ أبو بصير الطرطوسي منهج داعش وانتقد أتباعها لأنهم بايعون مجهولاً، فحاربوه وصار عندهم من الأعداء، فماذا يصنعون بغيره من العامة؟
ختاماً: (1) أنا لا أقرأ كتاب الغيب، ولكني أعلم من قراءة الحاضر أن ثمة شراً كبيراً وراء باب الغد إذا استمرت داعش بتقمص دور الدولة في سوريا
(2) وأعلم أن من مصلحة حاضر سوريا ومستقبلها ومن مصلحة مشروعها الجهادي والدعوي أن تتخلى داعش عن الوهم وتعلن أنها جماعة جهادية كسائر الجماعات
(3) ومن مصلحة سوريا والجهاد الشامي أن تتخلى داعش عن منهج التكفير وأن تنشغل بالحرب وتترك الإدارة والحكم وأن تخرج من المدن وترابط على الجبهات
(4) إذا لم تكن  داعش قادرة على صنع ذلك أو كانت غير راغبة به فإننا نشكرها ونقول لها: انسحبي واتركي الشام لأهله ودعينا نقاتل عدونا وظهرنا آمن

همسة أخيرة لإخواني أنصار داعش: شتمي لا يفيد فلا تتعبوا به أنفسكم.بدلا من ذلك فكروا في ما كتبت، وأمّنوا: أسأل الله أن يهديني وإياكم إلى الحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق