الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-05

سورية والتدخل الدولي - بقلم: م. محمد حسن فقيه


دأب نظام بشار ومنذ الأيام الأولى للثورة السورية يروج لدعوى المؤامرة والتدخل الأجنبي في الشأن السوري، بعد انطلاق مظاهرات التغيير والربيع العربي في جميع أرجاء  سورية للمطالبة بإصلاحات حقيقية، تتمثل في توفير الحد الأدنى من الحرية والكرامة والانسانية والعدالة الإجتماعية وحقوق المواطنة والمساواة في بلد ساده الإستبداد، وفشا في جميع نواحيه وأركانه الفساد، وحكمته عصابة فئوية وحشية، جرت الوطن الى طائفية لم تك معهودة عند أبناء الشعب السوري الواحد من قبل .


بقيت المظاهرات وأصوات الإحتجاجات تنادي بمطالب الإصلاح والتغيير الحقيقي بطريقة سلمية لفترة ليست قصيرة، إلا أن نظام العصابات الوحشي الذي لم يعامل شعبه يوما ما كمواطنين لهم حقوق بل اعتبرهم أجراء مستخدمين، لا بل أرقاء عبيد في مزرعة سماها باسمه وورثها من المجرم المؤسس أبيه ... لقد اعتبرهم أعداء وعاملهم بقسوة ووحشية وطريقة قمعية انتقامية لا يتجرأ على استخدام بعضها اليسير أمام أعدائه .
ورغم كل  القسوة والعسف التي انتهجها النظام ضد أحرار الوطن وشرفائه من الشباب الثائر كانت مطالبهم في البداية مقتصرة على إصلاحات حقيقية، تحرر المواطن من العبودية وترفعه الى درجة الانسان وبطريقة حضارية سلمية .

أصر النظام وعصاباته على طريقته الأمنية ونهجه القمعي متنكرا لمطالب الجماهير، ودسّ عناصره الإجرامية داخل المظاهرات لتقوم بالقمع والقتل ليبرر طريقته في القتل والقمع انتقاما من الحرية والمطالبين بها ومتهما لهم بالعصابات المندسة والعمالة الخارجية ... والمؤامرة الكونية على نظام المقاومة ... والممانعة، الذي باع الجولان وحرس حدودها خدمة مجانية للعدو الصهيوني ضد أي تسلل، ولم يطلق على العدو المحتل رصاصة واحدة من أربعين سنة  بل لم يرد على اعتداءات العربدة الصهيونية بغير تلك العبارات المثيرة للسخرية من الإحتفاظ بحق الرد ... ومع أننا لم نسمع شيئا عن هذا الرد حتى تاريخه ... ولن نسمع حتى زوال هذا النظام .

حاول نظام العصابة الأسدية أن يصور على طريقته التضليلية أنه نظام مستهدف وأن سورية تتعرض لمؤامرة تستهدف مقاومتها وممانعتها، لعله يستدر عطف بعض الساذجين الذين لا يعرفون حقيقة هذا النظام وجبنه أمام عدوه، وجرائمه القذرة أمام عزل شعبه .
إيران التي هللت لثورات الربيع العربي واعتبرت ثورتها المزعومة مصدر إلهامها وجذوة شعلتها، وهي ثورة المستضعفين ضد قوى الاستكبار، اندفعت مباركة لهذه الثورات في تونس ومصر محاولة ركوب الموجة، إلا أنها فضحت أمام الثورة السورية المباركة وكشفت أوراقها ولم تستطع المضي أكثر في تقيتها، لأن الأمر جلل ولا بد من التصريح في موقف قد لا يفيد معه باطنية أو تقية وتلميح، لأن البعض قد يفهم المعلومة عكس المراد والمطلوب .    

فقامت بدعم الأسد وعصاباته بشكل واسع وعلى كافة المستويات وعلى جميع الصعد والاتجاهات بالسلاح والعتاد والرجال والمال والتكنولوجيا، ومن كل ما من شأنه إخماد الثورة وقمع أحرارها وقتل شرفائها، كما أوعزت لملحقاتها وأوكارها وكونتوناتها بدعم طاغية سورية، ومعاداة الشعب والتشكيك بمطالبه وتصوير الثورة بأنها مؤامرة عالمية تستهدف المقاومة والممانعة، حتى المالكي انصاع لأوامر ولي الفقيه وتكلم بالممانعة والمقاومة وأغدق على بشار وعصاباته المليارات لقتل أبناء الشعب السوري، وهو الذي أتى على الدبابة الأمريكية وتحت أوامر بسطار جندي المارينز ... والأنكى في الأمر أن المالكي كان بالأمس القريب يتهم نظام بشار بدعم القاعدة وإرسال الإرهابيين لتنقيذ تفجيراتهم في العراق بعد تجميعهم وحشدهم وتدريبهم .

لقد أصبح تدخل إيران وأذنابها سواء من الحرس الثوري أو عناصر حزب الشيطان أو فرق الموت وميليشيات غدر والقدس  والمالكي في شؤون سورية  سافرا وسافلا ومفضوحا ... ومع ذلك استمر إعلام الأسد يعزف على السيمفونية المشروخة التي لا يصدقها حتى من يعزف  عليها.

لقد جيش الطاغية بشار ضد شعبه حلفا إقليميا بطبيعة فئوية وأهداف طائفية، بخلفية انتقامية حاقدة، تستهدف الشعب الأعزل المقهور برصاص منهمر يوجه بأصابع آثمة مجرمة على الصدور والرؤوس للأطفال والنساء والشيوخ .

لم يتوقف الأمر أمام الثورة السورية عند هذا الحشد الطائفي والدعم الإقليمي، بل تعداه إلى استقبال قواعد لروسيا ومنحها امتيازات لم تحلم بها طيلة أكثر من أربعين عاما من التحالف الشيطاني والصداقة الآثمة بينهما على حساب مقدرات الأمة وحقوقها.

ثم أتت الصين لتكمل التدخل الدولي في شأن سورية وتدعم الطغاة قتلة الأطفال وأسياد الجريمة وأرباب المذابح والمجازر، لتصوت في مجلس الأمن مستخدمة حق النقض ( الفيتو ) ضد قرار يساعد في وقف المجازر وقتل النساء والأطفال.

ومع كل هذه الجرائم مازلت المعارضة في الداخل والخارج بعيدة عن أي تدخل إقليمي أو دولي، وإن كانت تطالب بوقف العنف وإنهاء مسلسل العسف والقمع والقتل، ولا بشائر تلوح بالأفق لتدخل دولي أو إقليمي حقيقي يوقف النزيف وأنهار الدماء، ضد عصابات بشار وشبيحته وأنصاره الطائفيين الذين يشاركون جميعا في قصف القرى والمدن ودكها بالأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع وطائرات وصواريخ بشكل متواصل على مدى أسابيع، كما في بابا عمر في حمص الأبية، حتى عدت بعض الأحياء داخل المدينة أكواما من حجارة وحديد واسمنت وشظايا متناثرة، مع الجثث المبعثرة هنا وهناك لا تجد من يدفنها  تحت التراب ... كل هذا يترافق مع تحرك أسطول إيران فارس البحري الى ميناء طرطوس، وحاملة الطائرات الروسية مقابل الشواطئ السورية.

نعم إنه تدخل دولي وإقليمي وطائفي سافر في شأن سورية، ولكن بدعوة من النظام المجرم، وانتصار لعمليات قمع النظام  ومجازره ضد شرفاء سوريا وأحرارها،  لحماية نظام الاستبداد من غضبة شعبه الذي هب مطالبا بالحرية متمردا على واقع الذل والاستعباد.

نعم إنها مؤامرة كونية  تكالبت فيها عصابات بشار وفئته وشبيحته مع الباسيج وفرق الموت وميليشيات حزب الشيطان وملحقاتهم، ومن ورائهم أساطيل روسيا وحاملات طائراتها ... وفيتو الصين ضد وقف القتل والسفك وسفح الدماء والمذابح والمجازر، ضد أبناء الشعب السوري الذين خرجوا يطالبون بحريتهم المسحوقة وحقوقهم المصادرة .

نعم إنه تدخل دولي لحماية نظام مستبد مجرم، ومؤامرة كونية ضد شعب أعزل جريمته أنه أراد أن يحصل على حريته، يقتل كل يوم منه العشرات ويخطف المئات وتدك القرى والمدن فوق رؤوس النساء والشيوخ والأطفال، والعالم بأسره يتفرج كأنما هو أمام مسلسل خرافي يعرض عن مخلوقات فضائية مفترضة ... لا تمت لكوكبنا بأي صلة .
م. محمد حسن فقيه
20 / 2 / 2012  
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق