الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-07

هل أتاك حديث الغاشية ؟ - بقلم: د. محمد وليد حياني


شتان شتان بين من يستشعر أمرا غيبا لم يحدث بعد, وكأنه أمر واقع , ويتفاعل معه ويخشى عواقبه ويربأ بنفسه عنه كي لا يقع فيه , وبين من لا يستشعر أمرا حاضرا واقعا ويرى بملء سمعه وبصره , كيف تستضعف طائفة مؤمنة يقتل أبناؤها ويسامون سوء العذاب , حتى طال أمر البطش الأطفال الخدج في الحاضنات , ما دفعني لهذا القول وتلك المقارنة ما يعيشه شعبنا المصابر من إحن ومحن وشدائد وكروب  ولا مجيب , وكثير ما هم , من التباطؤ والتثاقل 


كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يمشي مرة في طرقات المدينة فسمع صوت امرأة عجوز تقرأ فواتح سورة الغاشية وتقول بسم الله الرحمن الرحيم هل أتاك حديث الغاشية؟؟ , ويتهدج صوتها ويتقطع وتجهش بالبكاء وتتوقف عن التلاوة , مستشعرة أهوال يوم القيامة ولا تتجاوز الآية الأولى إلى آيات ….. وجوه يومئذ خاشعة, عاملة ناصبة, تصلى نارا حامية , تسقى من عين آنية, ليس لهم طعام إلا من ضريع , لا يسمن ولا يغني من جوع …ثم تعاود الكرة لتقرأ مرة أخرى …وهي لا تعلم أن سيد الخلق وحبيب الحق, وخير من مشى على قدم , واقف ببابها ويستمع لها … وتجهش بالبكاء ثانية وتنقطع التلاوة …وفي الثالثة أسند رسول الله , صلى الله عليه وسلم , رأسه الشريف إلى بابها …وعندما توقفت بعد هل أتاك حديث الغاشية ؟؟؟ ! بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لقد أتاني لقد أتاني …الله أكبر … إنه أمر غيبي , هز قلب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وتلك العجوز , وكأن أحداث يوم القيامة بأهواله ماثلة أمامهما …

 ونحن في عصرنا الراهن الذي تسجل فيه كل نبسة وهمسة وكل اتصال , وتصور الأقمار الصناعية وكمرات الفضائيات والأجهزة النقالة وغيرها كل حدث بوضوح ودقة عالية , كما تعرض المشاهد وهي حية على اليوتيوب وشاشات الفضائيات آنيا , وتنقل لنا الفضائيات صورا تشيب من هولها الولدان وتقشعر لها الأبدان , ولا تتحرك ضمائر الكثيرين ممن  لم يثوروا على الطغيان وآلة قمعه وشبيحته حتى الآن , وقد مضى على عمر الثورة المباركة اثنا عشر شهرا.

هل أتاك يا ابن الشآم حديث الصاعقة ؟؟؟وأنت من أنت ابن شام الرسول , التي قال فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ) ألم تر يا ابن الشآم كيف فعل الجلادون بأخواتك الحرائــر سواء كن أخوات أو أمهات أو بنات, وكيف تغتصب الفتيات وتقترف بحقهن أفظع الجرائم من قبل جلاوذة النظام وشبيحته وشبيحاته وهن يستصرخن الضمائر الحية ولا مجيب , والناس في غفلة وخوف وتثاقل الى الأرض؟؟؟ فلا تحسب نفسك بمفازة من ذلك العذاب , طالما وصل إلى جارك , وغدا – لاسمح الله - سيحل في دارك.

هل أتاك حديث القهر والمهانة والمذلة وفيه يعتقل الأحرار في كل مكان حتى ضاقت السجون ذرعا , ففتح النظام القمعي الجرم الملاعب الرياضية لتستوعب أعدادا إضافية منهم , لا بل الأدهى والأمر أن يعتقل شيخ من المشايخ الأحرار مع ابنتيه وهوأستاذ جامعي وداعية تفتخر بلاد الشام على سعتها ورفعة قدرها وسمو كعبها أنها أنجبت رجلا عالما مثله, ولا يتحرك علماء الأمة وشرفاؤها لنصرته أوتضرب الجامعات احتجاجا على اعتقاله….  

هل أتاك حديث الفاجعة عندما يقضي أهلوك في بابا عمرو وباب الدريب والخالدية وغيرها من أحياء حمص العدية جوعا يتلمسون خشاش الأرض, حتى يبقوا أنفسهم وصغارهم على حياة , وأجهزة النظام وآلة قمعه تفرض حصارا ظالما تمنع عن تلك الأحياء الماء والغذاء ولو استطاعت الهواء , ولا تسمح لقوافل الإغاثة الوصول إليها , وأنت تقتلك البطنة والتخمة وتنام على فراش وثير وهمك سيارتك وزوجتك وبيتك ؟؟

هل أتاك حديث الكارثة عندما تحاول أم النجاة والفرار بصغارها من القصف كلبوة مكلومة عبور نهر يفصل بين بلدين متحادين – سوريا ولبنان - ورصاصات قناصي الغدر والخيانة تطالها وتطال صغارها ويجرفهم جميعا تيار الماء , وأنت تحوقل في قلبك , وأنت ترى وتسمع وترى بملء سمعك وبصرك تلك المشاهد …ولا حراك … وأنت تعلم علم اليقين … أن السمع والبصر والفؤاد كل ذلك كان عنه مسؤولا؟؟

هل أتاك حديث الطاغية ذلك المجرم الذي طغى في البلاد فأكثر فيها الفـساد وهو يستهزئ بكل ماهو مقدس لديك , ويسخر منك ومن مقدراتك ومقدرات شعبك …ولن يغادرسدة الحكم المغتصب , إلا كما غادرها نيرون روما , فيسلمها خرابا يبابا , وأنت لاتثور في وجهه ووجه زبانيته وشبيحته إلى يومنا هذا متى تثور أوتستثار؟ والمؤمن يثور ويستثار, والله عز وجل يقول في محكم كتابه :( وإنِ اسْتَنْصَروُكُمْ فِي الدّين فَعَلَيْكُمْ النَّصْـر)

والرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول  : " مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ " .

ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
د.محمد وليد حياني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق