الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-03-08

غباء ذبابة - بقلم: د. محمد وليد حياني


ضرب الله الأمثال للناس لتكون لهم عظة وعبرة، وخير الناس من اتعظ بغيره… حتى لو كان ذلك المثل كلبا إن يحمل عليه يلهث أو يترك يلهث، أو بعوضة فما فوقها، أو ذبابة يقف المرء عاجزا عن استنقاذ ما سلبته منه، أو أرضة تأكل منسأة نبي، أو فيلا يوجهه طاغية غاشم لهدم بيت الله الحرام، فيحجم ذلك المخلوق بأمر من ربه، يحبسه عن ذلك ، بينما يستمر الطاغية في بغيه وطغيانه، أو…. أو..


غباء ذبابة …هذا العنوان استهواني عندما ازعجتني ذبابة بطنينها، وأنا أكتب مقالة للثورة السورية المباركة …مسكينة تلك الذبابة، إنها تدور وتدور، وترفع من مستوى طنينها وسرعتها، ثم تتجه بكل ما أوتيت من قوة  نحو زجاج النافذة…وتحسب أنها تطير في الفضاء، وترتطم بالزجاج، وتقع على ظهرها فوق حافة النافذة السفلى … ترفع أرجلها الست، وتحركها بحركة هستيرية مع أجنحتها، محاولة استعادة وضعها الطبيعي في الوقوف مرة أخرى …تحاول ثم تحاول، وتنجح أخيرا، ثم تطير في فضاء الغرفة، وتعيد الكرة تلو الكرة مع الحائط الزجاجي، وترضخ رأسها حتى يتحطم، و بعدها… بعدها وقعت مقلوبة على ظهرها ، تحرك أرجلها حركات بطيئة متثاقلة، ثم لفظت أنفاسها …

قلت في نفسي, يا ألله، ما أشبه تلك الذبابة الضعيفة المسكينة، التي لا تملك آلية للتمييز بين ما هو شفاف ومفتوح وصلد وفضاء مفتوح … وبين الرئيس المفدى…، طبيب العيون، الذي لا يرى حجم الدمـار الذي يحدثه، ولا يميز هول المصائب والبلايا التي يكيلها لهذا الشعب الثائر، ويصــــر على أنه يميز بين فضاء وفضـــاء ويصطدم بذلك الجدار الصلــب الشفاف …. المتمثل بالشعب الثــائر ….وكأن على بصـره غشاوة … لا بل إنه أعمى بصـر وبصيرة.

إنه يقصف ويضرب ويقتل ويدمر ويهــجر ويشرد في بابا عمـــرو والخـــالدية وتلبيــسة والقصير في حمـــص العدية ودمشق ودرعا وإدلـــب وديرالزور وحلـــــب وأريافها وبلداتها ومدنها، وكأنه في سبـاق محموم مع الزمـــن … وكأنه بهذه السرعة أمـــام منجـــزات يقدمها رئيس مخلص لشعب أصيل شفاف.

إنه يقتل ويدمر ويضرب دون رحمة كثور هائج محبوس في غرفة مليئة بأواني الخزف الصيني وكلما ازداد صوت التكسير فيها علوا, ازداد هياجا ونفورا ونطحا ورفسا وتدميرا.
إنه مثل ياسيادة ….. الذي فقد الشرعية و السيادة، إنها العظة والعبرة أيها المعتوه المريض في صلفه وغروره وعسفه وتدميره …وستلقى حتفك المحتوم في مزابل التاريخ، لأن حجمك لا يتعدى حجم تلك الذبابة أمام ذلك الجدار… ولو امتلكت تلك الذبابة المسكينة بصرك وسمعـــك، لأحجمت عن معاودة الكرة تلو الكرة مع الزجاج، ولعرفت أنها أمام حارة وقرية وبلدة وناحية ومنطقة ومحافظة وعاصمة ودولة وقارة وعالم يرى ويسمع ويشاهد فيه الناس كل النــاس ما تقوم به من خزايا ورزايا وقتل وتدمير بحق ذلك الشعب الأعزل، الذي يواجه آلة قمعك وبطشك وشبيحتك بصدور عارية في ثورة لم يشهد لها التاريخ مثيلا…
د. محمد وليد حياني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق