الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-11-23

لماذا لم تعترف الولايات المتحدة بالائتلاف السوري – بقلم: عبادة قدورة


لقد ظّلت الولايات المتحدة  تعلل سبب عدم الضغط لوقف نزيف الدم في سورية بعدم وحدة المعارضة ، وبالرغم من أن المجلس الوطني  الذي كان يمثل أكثر من 70 % من المعارضة الداخلية والخارجية فقد عملوا على شّل حركته ، وليصار إلى تشكيل الائتلاف الذي يضم أكثر من 95% من المعارضه بضغط من الدول الخليجية لإرضاء الولايات المتحدة ، ثم ليتفاجأ الجميع ببرود عجيب من قبل الولايات المتحدة لتشكيله ولتعتبره "ممثلاً شرعياً للمعارضة السورية " وليس "الممثل الشرعي والوحيد" للمعارضة وأيضا ليس وحيدا للشعب السوري ، بل أكثر من ذلك عندما قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما : "أرحب بكون المعارضة السورية أسست مجموعة يمكن أن تكون متجانسة أكثر من السابق ، سنتحدث إليهم" ، لكنه استدرك قائلاً : "نحن غير مستعدين للاعتراف بهم كحكومة في المنفى ، إلا أننا نعتقد أنها مجموعة تتمتع بصفة تمثيلية" .


سأترك الآن الإئتلاف الوطني السوري لأعود بالذاكرة إلى عام 2002 عندما قرأت تعليقا للدكتور بدر الويس رئيس الحزب الاشتراكي في العراق يبرر عدم حضورة مؤتمر المعارضة العراقية الذي أقيم في لندن 17/12/2002 قائلا : «ان الاهداف الاميركية تتعارض مع مصالح الشعب العراقي ، ومع مصالح الامة العربية ، نحن نعتقد ان الاجندة الاميركية تهدف لانفصال العراق عن الامة العربية واقامة علاقات مع اسرائيل ، ونحن نهدف لتأسيس عراق ديمقراطي يدعم قضايا الامة العربية ونضال الشعب الفلسطيني ، واميركا ضد هذه الاهداف».

وبعد خروج أمريكا من العراق المهين تحت ضربات المقاومة العراقية ، كثيرا ما قرأت لكبار كتاب الصحافه العربيه والغربية  تتهم السياسة الأميريكيه ( بالغباء...؟) في التعامل مع الملف العراقي أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق ، والتي تركته طائفيا ضعيفا ولقمه سائغة بفم إيران ( الإرهابية ..!)

سأترك الغباء الأمريكي في العراق ..! قليلا لأستشرف سبب قيام أوباما بأول جولة خارجية له بعد توليه ولايته الثانية إلى آسيا الباسيفيكية التي هي أكثر المناطق المفعمة بالحيوية في العالم كما يقول المسؤولون في إدارة أوباما ، يقول توم دونيلون  مستشار الأمن في البيت الأبيض : الولايات المتحدة قوة باسيفيكية لا تنفصم مصالحها عن أمن آسيا الاقتصادي وأمن نظامها السياسي . وأضاف : نجاح أمريكا في القرن 21 مرتبط بنجاح آسيا " ، ويقول أيضا مستشار الأمن القومي الأمريكي الاسبق زبيغنيو بريجنسكي في مقالة نشرتها احدى المجلات البحثية الأمريكية في شهر يونيو ( 2012 ) « لقد خرجت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وهي تتجه شرقا نحو الصين وجنوب شرقي آسيا" .

لقد كان واضحا أن خروج الولايات المتحدة الأمريكية ( السياسي ) من منطقة الشرق الأوسط جاء على خلفية تنامي السخط الشعبي العربي والمسلم تجاه السياسة الأمريكية في فلسطين والعراق وأفغانستان ، وأيضا العبء المادي الباهظ لقاء هذه السياسات مع تنامي مشكلات الأزمة الماليه العالمية على الداخل الأمريكي وحلفائها في العالم .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة : كيف للولايات المتحدة التوازن بين أن يكون التزامها صلب كالصخر بأمن إسرائيل ؟ كما قالت كلينتون للصهاينة أثناء عدوانهم الأخير على غزة ، وبين سياسة الخروج التي بدت واضحة في الشرق الأوسط .

وأعود هنا للثورة السورية بعد أن أصبحت نتائج الربيع العربي جليه بصعود الإسلاميين المنتخبين شعبيا إلى سدّة الحكم والذين ينظرون إلى إصلاح أوطانهم المهترئه بعينهم اليمنى وعينهم اليسرى ترمق فلسطين المغتصبه شوقا إلى مسجدها الأقصى ، وهم  بطبيعتهم وأيدلوجيتهم وتاريخهم غير قابلين للتبعيه والعمالة كسابقيهم ، لذلك فإن الولايات المتحدة وإسرائيل  تعملان الآن على إيجاد أعداء آخرين للشعب العربي والمسلم  لإلهائه عن عدوه الأساسي ألا وهو الكيان الصهيوني بعد أن أزالت الشعوب عملائهم من القادة .

وبناء عليه وجدت أمريكا أن سياسة الطائفية وتقسيم منطقة الشرق الأوسط على أساس طائفي ، وإقامة كيان شيعي ( إيران ) قوي يفصل جسد الأمه شرقا وغربا ، كفيلة بتزكية الصراعات الداخليه وإلهاء الشعوب المسلمة عن امتلاكها عوامل قوتها وتوحدها ، ومن هنا فإنني أكاد أجزم أن الولايات المتحدة تحاول في سوريا تكرار تجربتها في العراق دون تدخل عسكري مكلف ، وذلك بإطالة أمد الثورة وإنهاك الجميع ، ومن ثم فرض أجندة على الائتلاف الوطني السوري في أن يكون محاورا وحيدا باسم المعارضة التي تمثل الأكثرية مع النظام الذي يمثل الأقليات السورية ( حسب ما ستروج له ) ليصار بعدها إما إلى التقسيم الجغرافي الطائفي أو إلى التقسيم السياسي ( طائف سوري ) بمباركة الخبير الطائفي الأخضر الإبراهيمي ( أليس من الغريب أن يتوافق اسم المكان (الطائف) مع طبيعة التوجه السياسي ( الطائفية / الطوائف) ؟!!!

لكن السؤال الأهم يبقى معلقاً على ذمة التحقيق : فهل ستنجح الولايات المتحدة في مخططاتها أم .. ماذا ؟
هذا ما سأتناوله إن شاء الله في مقال قادم .
كتبه في الدمام  بتاريخ  22/11/2012
عبادة قدورة

هناك 5 تعليقات:

  1. أولا إن تشكيل الإئتلاف الوطني السوري ليس لإرضاء أمريكا وإنما ضرورة وطنية لتكوين جسم سياسي جامع لأغلب القوى المعارضة لتتحاور مع الهئات الرسمية ويكون لهذه الحوارات والمفاهمات مشروعية وهذا أمر معروف دوليا، وباعتقادي أن توصيف تشكيل الإئتلاف بأنه لإرضاء أمريكا مبالغة زائدة وتخوين لا يليق.
    أما الرودة التي تلقت فيها أمريكا لتشكيل هذا الإتلاف فهي برودة تهدف لجعل هذا المكون السياسي الجديد يلهث وراء انتزاع اعتراف أمريكي لها، والهدف منه تأمين المصالح المختلفة لأمريكا وكسب أكبر قدر ممكن من التطمينات، كما أن ما تفضلت به في مقالك حول مصالح أخرى فهو أمر وارد لأن السياسة متشعبة الأهداف هذا رأيي والله أعلم

    ردحذف
    الردود
    1. عبادة قدورة24‏/11‏/2012، 7:58:00 ص

      جزاكم الله خير

      يبدو أنك فهمت الجملة بعكس الغرض الذي أردته منها ، أو ربما أنا لم أفصح أكثر لأني إختصرت العديد من الأفكار بغية عدم الإطالة ماقصدته أن الدول الخليجيه كانت منذ بداية الثورة مكبلة اليدين بسبب الحجج الأميريكية ومنها عدم وحدة المعارضة ، فقامت الدول الخليجيه سعيا وراء الإعتراف لفك الفيتو الأميركي عليها وحل عقدة السياسة الدوليه تجاه الأزمة السوريه ، أنا من أشد الداعمين للإتلاف وتشكيله ومستبشرا خيرا كثيرا من وراءه بل أكثر من ذلك إعتبرته تأييد ونصر من الله لدماء الشهداء في سوريا وخطوة كبيره باتجاه انتصار الثورة
      أخوكم عبادة

      حذف
  2. شكراً للطرح حول سياسة أمريكا .. لكني سأوضح بعض النقاط:

    1- أمريكا تعتبر الشرق الأوسط وعلى رأسه الخليج حليفاً استراتيجيا ومصدراً للطاقة والمال لايمكن التخلي عنه بسهولة متجهة إلى شرق آسيا أو غيرها .. ولكنها "كنمر منهك" تسعى إلى تنويع مصادر اقتصادياتها ومحاولة فرض هيمنتها على نطاق أوسع بعد الصورة القبيحة لها على مر 10 سنوات. وباعتقادي أن أمريكا ستبدأ بالتخلي عن إسرائيل تدريجياً للحفاظ على مكتسبات الشرق الأوسط.

    2- لم يعد لأمريكا وصاية على الشعوب العربية والتي تتحرر تدريجياً من طغاتها .. وبالتالي لن تفرض أمريكا سياستها على الثوار مالم يكن لديها عملاء في المعارضة والحكومة يساندونها، وعلينا أن نوقفهم ونردعهم.

    3- أملنا في سياية الائتلاف الوطني بشخصية قائده "الشيخ معاذ" كبير ولن نبدأ بالتشكيك أبدا .. وتصريحاته عقب تشكيل الائتلاف واضحة تجاه الغرب عموماً وأمريكا خاصة.

    أخيراً ... لعلي أرى أن نوجه دعمنا الفكري للتصحيح المستمر للحراك الثوري في الداخل ... ونحو توجيه الشعوب العربية وحكامها لدعم الشعب السوي بالمال والسلاح ..
    ولابد للقطرة في النهاية أن تقصم الصخرة مهما قست.

    جزاك الله خيراً ..

    ردحذف
    الردود
    1. عبادة قدورة27‏/11‏/2012، 4:24:00 م

      أخي عاصم
      لقد ورد قي مقال في ( الفاينينشال تايمز 21/11/2012) :توقعت وكالة الطاقة الدولية في الأسبوع الماضي أن تصل الولايات المتحدة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة في غضون عقدين من الزمان. وفي الوقت ذاته، يتجه نحو 90 في المائة من نفط الشرق الأوسط إلى آسيا، خصوصا إلى الصين. وبدأ بعضهم يتساءل، لماذا ينبغي للولايات المتحدة أن تقضي كل هذا الوقت وتنفق هذه الأموال لضمان مرور ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، بينما يجري قطع العلاقات الاقتصادية المباشرة بين واشنطن والشرق الأوسط بوتيرة متباطئة؟ ببساطة يمكن أن تكون هذه واحدة من تلك اللحظات التي تغير فيها المشهد الجيوسياسي بصورة سريعة.
      وجزاكم الله خير على ردكم

      حذف
  3. الله يحمي ثوارنا والجيش الحر

    ردحذف