الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-11-25

الأحزاب العربية ملابسات ومقترحات - بقلم: د.أحمد محمد كنعان


تقوم الممارسات السياسية الناجحة اليوم على ركنين أساسيين ، هما : وجود أحزاب ديمقراطية فاعلة ، وانتخابات حرة نزيهة ، وإن مما يؤسف له أن الأحزاب العربية قد فشلت حتى اليوم فشلاً ذريعاً في تحقيق هذه المعادلة .. فهل ينجح "الربيع العربي" في أن ينجب لنا أحزاباً عربية معاصرة تستطيع تحقيق هذه المعادلة الصعبة ؟

ولعل أول ملاحظة تسترعي الانتباه عند الحديث عن ملابسات نشأة الأحزاب العربية أن هذه الأحزاب قد تأسست على أسس غير ديمقراطية ، بل يبدو من تاريخ هذه الحزاب أن مؤسسيها تعمدوا استبعاد الديمقراطية من ممارساتهم بحجج شتى ، منها أن البلاد قد تحررت للتو من نير الاستعمار الذي تركها في حالة من الفوضى والتخلف والضعف ، فهي تحتاج إلى فترة تأهيل "مؤقتة" لكي تستقر فيها الأوضاع الاجتماعية ، وتتمرس على الديمقراطية ، إلا أن الزمن أثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الحجج الواهية لم تكن سوى جواز مرور للتمكن من السلطة ، وإحكام السيطرة على البلاد ، مما انتهى بنا إلى تأسيس دكتاتوريات مازلنا نعاني من بطشها وفسادها حتى اليوم !


أما الملاحظة الثانية حول ملابسات نشأة الأحزاب العربية فهي أن هذه الأحزاب ارتبطت منذ بداياتها بالأشخاص ، وتغافلت ـ عن سابق إصرار وسوء نية ـ عن التأسيس للممارسة الديمقراطية التي قلنا إنها شرط أساسي للحياة السياسية السليمة ، بل إن بعض الأحزاب أصبحت أشبه بمؤسسات عائلية تحكمها أسر معينة تستأثر بكل شيء ، مستخدمة لدوام سلطانها شتى وسائل القهر والظلم والفساد !

واليوم ، مع إطلالة "الربيع العربي" بدأت تلوح في الأفق أمارات تبشر بشيء من التغيير في مسيرة كثير من الأحزاب العربية ، فقد بدأت هذه الأحزاب تصرح بتبنيها للنهج الديمقراطي ، وتنص عليه في أدبياتها ، إلا أن ذلك لم يتعدا إلى الآن الطروحات النظرية كما هو ظاهر للعيان ، ولم يلمس المواطن العربي حتى اللحظة تغيراً ديمقراطياً فعلياً على أرض الواقع .. ونعتقد أنه قد آن الأوان اليوم لتصحيح المسار ووضع أسس جديدة لبناء أحزابنا بناء سليماً يقوم على عدة قواعد نذكر منها :
1.  تأسيس أحزاب ديمقراطية ، تقوم على أساس المواطنة ، وتعمل على ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص ، وتتوسل بالشفافية والنزاهة في تتنفيذ برامجها .
2.  التزام الأحزاب بنظام انتخابي دقيق وشفاف يكفل وصول ذوي الكفاءة والخبرة إلى مناصب القيادة .
3.  وضع نظام رقابة دقيق على الممارسات داخل الحزب ، ونظام محاسبة يساوي بين جميع عناصر الحزب دون تمييز .
4.  تبني الحزب مبادئ منفتحة على الجميع ، تعزز مفاهيم : القبول بالآخر ، والمواطنة ، والتسامح ، والتعددية .
5.  تبني الحزب لبرامج تنمية بشرية تعلي من قيمة العمل العام ، والإحساس بالمسؤولية ، والمشاركة السياسية .
6.  التأكيد على التنافس الحر النزيه ، والممارسات السلمية .
7.  ضرورة أن ينص النظام الداخلي للحزب على المساواة بين الأعضاء ، وحق الجميع في الوصول إلى أي منصب من المناصب القيادية ، لضمان عدم الاستحواذ على القيادة داخل الحزب من قبل شخصية أو عائلة أو طائفة .
8.  التأكيد على أن الهيئة العامة للحزب هي مصدر السلطات ، وليس أمين عام الحزب مثلاً ، مع توزيع السلطة داخل الحزب على عدة مستويات لقطع الطريق على أية محاولة للتسلط على الحزب او اختطافه من قبل شخص أو جماعة أو طائفة !
9.  وضع آليات واضحة منصوص عليها في النظام الداخلي للحزب لضمان نزاهة الانتخابات وحرية التعبير والحوار والنقد ، وضمان شفافية الممارسات داخل أروقة الحزب .
10. فصل السلطات داخل الحزب ، فلا يجوز الجمع مثلاً بين مركز تنفيذي وبين سلطة التشريع أو المشاركة بوضع لوائح الحزب .
11. تضمين النظام الداخلي للحزب مواد تنص على آليات واضحة للفصل في الخلافات التي قد تنشأ بين أعضاء الحزب ومؤسساته .
    12. الشفافية في مصادر تمويل الحزب وجهات الصرف ، والحذر من التمويل الأجنبي والتمويل المشبوه ، الذي قد يرتهن قرارات الحزب لصالح دولة أجنبية ، أو جهة معادية .

وبعد .. فإن هدفنا من هذه الوقفات مع حاضر الأحزاب العربية ومستقبلها هو الاجتهاد في محاولة تصحيح المسار ، من خلال تقديم مقترحات ـ قابلة للنقاش ـ يمكن أن تفيد في تأسيس أحزاب عربية جديدة قادرة على تحقيق ما نصبو إليه من حرية وكرامة وتقدم ، مع إيماننا العميق بأن التغيير ممكن ، وغير مستحيل ، إذا ما توافرت لدينا الإرادة الواعية للتغيير .. وقد حان الوقت للعمل .
د.أحمد محمد كنعان
Kanaan.am@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق