الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-11-10

التلاعب بالأخلاق – بقلم: د.أحمد محمد كنعان



لقد دعت الأديان السماوية قاطبة إلى الأخلاق الإنسانية النبيلة التي ترعى حقوق الإنسان ، وتصون كرامته ، وتكفل حريته ، وتحترم معتقداته ، ذلك أن أصل الأديان السماوية كلها واحد ، فهي وحي الله إلى أهل الأرض ، وهو سبحانه أعلم بمن خلق وبما يصلح حالهم ، ولهذا نجد سائر الرسالات السماوية تقوم ـ في أصلها ـ على احترام مكارم الأخلاق وتدعو إليها .


إلا أن كثيراً من الفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين أساؤوا إلى مفهوم الأخلاق وشوهوه ، من خلال أعمالهم التي تصور الأخلاق بأنها تسحق الإنسان تحت وطأة إكراهاتها ، وتخنق حريته، وتكبت مشاعره ، وتحرمه من متع الحياة ، وتقمع شخصيته وتجعله نهباً للوساوس والاضطرابات النفسية والجنسية والعاطفية !

وهذا ما نجده مثلاً في مختلف أعمال طبيب النفس "فرويد" الذي زعم أن "الغريزة الجنسية" هي التي تتحكم بأخلاق البشر وتوجِّه سلوكهم ، وانطلاقاً من هذه الفكرة الشهوانية دعا فرويد إلى إطلاق الحرية الجنسية حرصاً على الصحة النفسية للإنسان حسب زعمه ، وكذلك فعلت معظم الروايات والقصص والمسرحيات والأعمال الفنية التي حظيت بشهرة عالمية ، فقد شوه كثير منها مفهوم الأخلاق من خلال الانتقاد اللاذع للأخلاق الإنسانية النبيلة ، وتصوير من يلتزم بهذه الأخلاق بالسذاجة والسطحية وضعف الشخصية ، وتصوير من يخرج عن هذه الأخلاق ويخالفها في صورة الأبطال العظام الذين يستحقون التقدير والاحترام، وكذلك فعل كثير من الأعمال الفلسفية القديمة والمعاصرة التي دعت إلى التمرد على أخلاق المجتمع بغض النظر عن صلاح هذه الأخلاق أو فسادها !

وهكذا اكتملت المؤامرة على مفهوم الأخلاق حتى بات مفهوماً مشوهاً محصوراً في بعض الشؤون الصغيرة التي لا تتعدا غالباً العلاقات الجنسية بين الرجال والنساء ، إلا أن التطور الذي شهده عصرنا الراهن في وسائل الاتصال والإعلام ، وبعد تلك الحروب المدمرة والمآسي الاجتماعية والسياسية الرهيبة التي نتجت في الماضي عن الاتجاهات المسيئة للأخلاق ، بدأ مفهوم الأخلاق يستعيد مكانته ومعناه باعتباره مفهوماً شاملاً يتعلق بالمسائل الإنسانية الكبرى : الحرية ، حقوق الإنسان ، تقرير المصير .. وغيرها من المسائل الجوهرية التي تشكل في مجموعها مفهوم "الأخلاق" الذي نادت به الأديان السماوية قاطبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق