إن الشعب السوري بكل مكوناته
وقواه الدينية والمدنية الإسلامية والمسيحية ؛ شعب وسطي معتدل متسامح بتكوينه
وتفكيره وثقافته وسلوكه ومزاجه . يشارك هذا الشعب كل العقلاء في هذا العالم القلق
والخوف من تسلل التطرف والمتطرفين إلى حياته وإلى ساحة الثورة السورية وإلى بنية
العقل والقلب السوريين ...
إننا نعتقد أن السكوت على جرائم
حرب الإبادة التي يرتكبها بشار الأسد على مدى العامين بصورها الأكثر تطرفا في ذبح
الأطفال وانتهاك الأعراض واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا ، والتي وثقتها المنظمات
الحقوقية ، وكذا إلقاء البراميل المدمرة الحارقة عشوائيا فوق المدن والبلدات
الآهلة بالنساء والأطفال ؛ إن صمت المجتمع الدولي حتى الآن عن كل تلك
الجرائم هو الذي يشكل الجسر الذي يعبر عليه التطرف والمتطرفون – الذي
نرفضه جميعا ونأباه جميعا – ليس فقط إلى ساحة الصراع في سورية بل إلى عقول
السوريين وقلوبهم . وهو الأمر الذي استطاعت مدرسة الدعوة السورية أن تحمي المجتمع
السوري على مدى قرون متطاولة ..
إننا إذ نعلن تأييدنا لكل جهد
للحيلولة دون تسلل أي شكل من التطرف والمتطرفين إلى الساحة السورية ؛ نرى
أن من الضروري أن نؤكد أن التطرف لا هوية له . وأن التطرف هو ثقافة وموقف وسلوك .
وأن ما يمارسه بشار الأسد وعصابته من قتل وتدمير وجرائم تتجاوز كل حد هو أيضا من
التطرف الذي يجب على المجتمع الدولي ودوله الجادة في التخوف من التطرف والمتطرفين
أن يضع على رأس أولوياته أمر تطويقه والأخذ على يد منفذيه . لا نريد أن يُفهم أننا
نبرر بتطرف بشار الأسد وعصاباته أي شكل من أشكال التطرف المقابل ولكننا نريد أن
نغلق كل الذرائع في وجه شيطان الشر المخيف .
وفي الاتجاه ذاته ندعو إلى
الانتباه على حد سواء إلى أفواج المتطرفين الذين يتدفقون على الأرض السورية ،
ليشاركوا في ذبح السوريين من لبنان – حزب الله – الذين بدأت جثامينهم تعود إلى
بلداتهم هناك ، ومن العراق ومن إيران . إنه لن يكون مساعدا على التصدي
لمد التطرف ولحركة المتطرفين أن يترك الشعب السوري تحت رحمة سواطير هؤلاء القتلة
والمجرمين ثم ينظر إلى الساحة بعين واحدة ..
إن صيانة المجتمع السوري المتحاب
والمتضام والموحد من ريح التطرف الكريه يجب أن يكون هدفا مشركا ومبادرة جماعية
يعمل عليهما الجميع في الداخل والخارج على السواء ، مبادرة جماعية تأخذ بالحسبان
ما تخلفه سياسات القمع والعنف من آثار سلبية في حياة الناس ..نعتقد أنه بعد
ما يقرب من عامين على حرب الإبادة التي تشن على الشعب السوري قد آن الأوان ليقول
هذا الشعب للدول التي تعلن الانتصار للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كما تعلن
حربها على التطرف والإرهاب ، ما هو مطلوب منها أيضا . لا يمكن لدول كبرى تتحمل
مسئولية السلام والأمن في هذا العالم أن تحتكر وتكتفي بإصدار النصائح والتعليمات
..
إن الحفاظ على وسطية
المجتمع السوري وحمايته من التطرف والمتطرفين هو هدف سام ، ومصلحة وطنية ، وحقيقة
دينية وشرعية طالما عملت عليه قوى الإسلام الوسطي حتى كرسته حقيقة
تاريخية على مر القرون . ولكي نقطع الطريق على التطرف والمتطرفين اليوم والذي سيظل
هدفا لكل العاملين ؛ لا بد من إسقاط جميع دواعي التطرف وذرائع المتطرفين ..
وفي السياق نرى أنه من
الضروري أن تكون التمثيليات المعبرة عن إرادة الشعب السوري نابعة من ضمير هذا
الشعب منبثقة بجدارة عن قواه الحقيقية على الأرض . الجميل الذي يطيب لنا التأكيد
عليه في هذا المقام هو ما أشارت إليه السيدة كلينتون من ضرورة أن يكون
الصوت الأبرز في تمثيليات المعارضة هو صوت هؤلاء الشباب الذي يشق الآفاق مطالبا
بالحرية والعدل والمساواة ؛ ومرة أخرى بدون استئثار أو إقصاء ..
لندن : 16 ذو الحجة / 1433
1 / 11 / 2012
زهير سالم : مدير
مركز الشرق العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق