السياسي أشبه بالقرد الذي كلما تسلق
إلى الأعلى كلما بانت سوآته أكثر !
هل هناك أخلاق في السياسة ؟ سؤال حساس
كثيراً ما يطرح في معرض الحديث عن الممارسات السياسية من قبل الجماهير المسحوقة
تحت سطوة السياسيين وممارساتهم القمعية .. والحقيقة أن العلاقة ما بين الأخلاق والسياسة
علاقة ملتبسة ، فالأخلاقي يرى أن السياسي ينبغي أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة البريئة
من المصالح الشخصية ، ويرفض الأخلاقي بشدة أن تكون الأخلاق مادة مطّاطة تتمدد
وتنكمش حسب الطلب !
أما السياسي فهو يمارس سياسته بمنطق
المصلحة لا بمنطق الأخلاق ، ولذلك فهو لا يتورع
عن استخدام أحطّ الوسائل في سبيل تحقيق مصلحته أو مصالح حزبه ، حتى بات مصطلح "السياسي"
يطلق على الشخص الانتهازي البارع في الوصول إلى غاياته بالمكر والحيلة واللف
والدروان ، ومن أجل أن يغطي السياسي على أفعاله غير الأخلاقية نراه يتفنن في تحسين
صورته أمام الآخرين ، كما كان يفعل مثلاً الزعيم النازي "أدولف هتلر" الذي
أشاع بين أتباعه أنه ينام وتحت وسادته كتاب "الأخلاق" للفيلسوف أرسطو ،
في محاولة خبيثة من هتلر ليوهم أتباعه أن كل ما يرتكبه من جرائم هي أفعال أخلاقية
مبررة !
ويعرف كل من له علاقة بالسياسة أن معظم
السياسيين ـ إن لم نقل كلهم ـ ينامون وتحت وسائدهم ليس كتاب "الأخلاق"
لأرسطو بل كتاب "الأمير" للفيلسوف السياسي الانتهازي
"مكيافيلي" الذي تلخصه عبارته الشهيرة "الغاية تبرر الوسيلة"
وهي تعني تنكر السياسي لجميع الفضائل والأعراف الأخلاقية ، وتبرير أحطّ الوسائل
لتحقيق الغايات السياسية !
ولعل من أطرف تناقضات السياسة ـ وما
أكثرها ـ أن كل السياسيين بلا استثناء يشتمون هذا المبدأ المكيافيللي ظاهراً لكنهم
يمارسونه عملياً ليلاً ونهاراً دون أن يرفّ لهم جفن ، وربما لهذا السبب ينجح
السياسيون بتحقيق مطامعهم السياسية نجاحاً باهراً ، بينما يفشل الأخلاقيون فشلاً
ذريعاً ، وقد لخص مكيافيلي
نفسه هذه الحقيقة تلخيصاً بليغاً حين قال : "إن جميع الأنبياء المزودين
بالسلاح ينجحون ، والأنبياء العزل يخفقون" وهو بطبيعة الحال يعني السياسيين المسلحين
بسلاح المكر والحيلة والخديعة ، الذين من أول يوم يجلسون فيه على
"الكرسي" يعطون ضميرهم إجازة مفتوحة !
بس مكيافيلي لو عرف أن كلامه سوف يتبناه أمثال ساسة سوريا لتراجع عن كلامه يا أستاذ حتى ابليس لما يتكلم فقهاء الفساد في سوريا فانه يذهب في اجازة كي لايتقزز مما يسمع .
ردحذف