بعد كل الذي حدث ، ويحدث كل يوم ، وكل
ساعة ، وكل دقيقة ، من قتل وإجرام وتدمير وتشريد .. ما تزال أطراف دولية معروفة ، تصر
على أن المخرج الوحيد من الكارثة الفظيعة التي تحل بشعبنا ، هو أن تجلس جميع
الأطراف على طاولة الحوار ليتحاوروا، أو سيستمر حمام الدم .. والسؤال الذي نتمنى أن
يسأله سائل لدعاة الحوار هو : على ماذا ستتحاور كل الأطراف ؟ هل ستتحاور على:
إما أن يستمر (حمام الدم ) ، وأظل أقتلّكم
تقتيلا ، لا فرق بين طفل وشيخ ، ورجل وامرأة، وكبير وصغير وحيوان وبهيمة .. وأظل أدمر
دياركم تدميرا ، بالطائرات الحربية القاصفة المقاتلة .. (الممانعة) ، والصواريخ
المدمرة .. (المقاومة ) ، لا فرق بين منزل ومسجد ، ومدرسة ومشفى .. وأظل أشردكم
تشريدا من دياركم ، مع نسائكم وأطفالكم وبهائمكم ، فلا تجدون خيمة تؤيكم ، ولا
شجرة تظلكم ، ولا لقمة تقيم أودكم ، وأظل أخرّب بيوتكم ، فأنهبها نهبا ، وأحرقها
بالمواد الشديدة الاشتعال ، إذا تعذر هدمها ، حتى لا يبقى في البيت خرقة ، ولا
ماعونا ، وأستبيح أعراضكم ، وحرماتكم .. أو أن تقبلوا بأن أحكمكم ؟
هل يريدون من الشعب أن يحاور على هذا ، مَنْ
يسمونه رئيسا ، ويسمونها دولة ؟ وهل سمعوا – هم - عن رئيس فعل بالشعب الذي يقع تحت
حكمه ، حتى وإن كان غازيا محتلا ، مثل هذا ، أو عشر هذا ، أو شيئا من هذا ؟ لماذا
لم يذكروا واحدة من هذه الدول ؟
ثم كيف تريدون من الشعب أن يقبل أن يستمر في
حكمه مجرم الحرب هذا ، وقائد الإبادة هذا ، ومدمر البلد هذا ، وجزار المسالخ
البشرية هذا ؟ أما فيكم ذرة من حياء أو ضمير آدمي ، مادامت لكم اشكال كأشكال
الآدميين ؟
أو تريدون من الشعب أن يحاور على حجم
المكافأة التي سيقدمها له ، في مقابل وقف القتل والتدمير ؟
أو تريدون أن يكون الحوار على الاحتكام للشعب
، كما تعيدون وتكررون ، وهو المغيب منذ خمسين سنة ، وما اعترفوا بحريته وكرامته وإرادته يوما ،
والذي فعلوا به كل هذا الذي فعلوا ويفعلون ، لأنه طالب بنتفة من حرية وكرامة ؟ ليتهم يسألون هذه القوى الدولية ، التي يزعم
بعضها نصرة المستضعفين ، وإذا بهم يتحولون إلى سيف إبادة لهؤلاء المستضعفين ،
ويزعم بعضها حماية القانون الدولي ، وقد تجاوز جزارهم كل عرف وقانون ، ليتهم
يسألونهم : على ماذا سيتحاور المتحاورون ، وعلى ماذا سيتفاوض المتفاوضون ، وإلى
متى سيستمر حمام الدم الذي يهددون به ، هل سيستمر حتى إبادة شعب سورية
وتشريده كاملا ؟ أو يمكن أن يتوقف بعد
إبادة نصف الشعب ، أو أكثر أو أقل ؟
ليتهم يسألون كي نعلم - وقد علمنا – وكي
يعلموا – وهم يعلمون - أي قوم مجرمين ساقطين أنذال هم .. وأي قوم أنجاس موغلين
بدماء الأبرياء هم ، وأي وزر من دماء وأرواح وأعراض وتدمير وإبادة .. حملوه
ويحملونه هم ، وأي منقلب سينقلبون قريبا بعون الله!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق