احتلت أخبار القضية السورية صدر النشرات
الإخبارية، وتبوأت المكانة الأولى من الاهتمام السياسي، والنشاط الدبلوماسي؛ فضلا
عن الإعلامي على مدى الإعلامي على مدى السنتين الأخيرتين من هذه الحقبة التاريخية
.. وقد بقي هذا الأمر بارزًا حتى العدوان الإسرائيلي الغادر على غزة؛ فتصدرت
أخباره الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، حيث انزاحت أخبار الثورة السورية إلى
المكان الثاني، وأحيانا الثالث منها .. وهذا أمر عادي ليس فيه أي عجب أو غرابة ..
لكن بعض الغيورين على القضية وأبنائها
الذين يتنفسون معها الحدث باللحظة والدقيقة ساءهم ذلك، ولم يكونوا مرتاحين له ..
وبخاصة أن جماهير عريضة من العرب والمسلمين، بل من بلاد أجنبية كثيرة حشدوا زحوفًا
من البشر تستنكر العدوان، وتدين الطغيان الإسرائيلي، وتناصر القضية الفلسطينية؛
وهو أمر يسر كل مسلم غيور ..
فالقضية الفلسطينية هي أم القضايا الإسلامية؛
بل هي من أولى القضايا الإنسانية جميعًا .. وقد غبر عليها قرن من الزمان تجلى فيه
من الظلم والعدوان مالم يحدث في أي قضية أخرى مرت في تاريخ العالم، أو عاشها
الإنسان في مسيرته اليومية الجارية؛ بل إن الانحياز الذي يصر عليه العالم الغربي،
ودوله المختلفة، التي تمسك بتلابيب الأحداث، وتسير معظم التطورات العالمية، وتجاوز
كل حد من المعقول، وتخطى حدود الواقع الإنساني بما لا يمكن تصوره أو إقراره بحال
من الأحوال ..
إذن فتصدر القضية الفلسطينية في هذه الأيام
الصعبة لم يكن بعيدا عن الواقع؛ لكن هؤلاء الغيارى من المسلمين، وربما من غيرهم قد
استشاط غضبًا لمثل هذه الأحوال الطبيعية؛ حيث أن الأقدار بيد الله سبحانه يصرفها
بمشيئته المطلقة، وهذا من قدر الله الذي لا يرد، فلا تحسبوه شرا لكم بل هو خير..
ثم إن القضية السورية بفضل الله وقوته لها مكانها بما تفجر فيها من طاقات أبنائها
الذين وقفوا _ولمرحلة غير قليلة_ بصدورهم العارية أمام طغيان استبدادي عائلي فئوي
فاسد له امتداده الطائفي في اتجاهات عديدة .. لقد فاق هذا الاستبداد والطغيان من
النظام السوري البغي الإسرائيلي والعدوان اليهودي الحاقد، وليس هذا تهوينا من
الطغيان اليهودي أو تغاضيا عما فيه من ظلم وحقد وباطل .. لكن ما رآه الشعب السوري
من عدوان نظام الأسرة الفاسدة الخائنة تجاوز كل الحدود التي يمكن أن يجمح لها
الخيال، أو يصل إليها التصور ..
فهل قصف
الإسرائيليون بكل عدوانهم الجياع الذين ينتظرون لقمة الخبز من الأفران ؟! وهل
دمروا المشافي التي تؤوي الجرحى أو قتلوا المصابين فيها بمنهجية مرسومة ..؟؟ وهل
فجر أعداء الله والإنسان البراميل المحشوة بأنواع الذخيرة القاتلة على أوسع نطاق
بين السكان الآمنين ..؟؟ وهل قام ذلك العدوان بإعدام الناس في ميادين المدن والقرى
والشوارع، وعلى مرأى من ذويهم ..؟؟ هل كان مثل هذا القتل والدمار والتشريد واسعا
بمثل هذه المساحة من القتل والإجرام في أي مكان من العالم ؟؟
ومع كل ذلك فإن سورية الثورة تعرف واجبها
والثوار فيها أبناء بررة لقيم أمتهم عريقين في أداء الواجب، ألم يهتفوا بمظاهراتهم
السلمية وحتى الآن "يا غزة سورية معاك للموت" .. لكن ما يغيظ هي تلك
التفوهات التي تصدر من أشخاص ومواقع منحازة بلا تفكير، ذاهبة مع الهوى بلا عقلانية،
مناصرة لنظام البغي على أوسع نطاق، حتى إنها أصبحت تشمت بأهل غزة وفلسطين لأن
العدوان قد انصب عليهم من عدوهم الغادر .. إذن فمعركة سورية هي معركة غزة، وكما
بدلت مصر الوضع العربي لصالح القضية الفلسطينية، فإنها في سورية المستقبل سوف تكون
أكثر حمية، وأشد مضاء، وأمضى مناصرة وسلاحًا في خدمة القضية المقدسة في فلسطين،
وبوجه العدو المغتصب والقوة التي تقف وراءه، ونصر هذه الثورة المباركة قادم بإذن
الله، ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا ..
5/محرم/1434هـ
19/11/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق