الصفحات

تنويه

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الرابطة والمشرفين عليها.

Translate

2012-11-16

من علم المنطق والكلام (3) - د. محمد عناد سليمان



اعلم أنَّ واردات العقل من الفكر المتنقل لها طريقان متوازيان:
الأوّل: وحي وخيال، ووهم ومنام.
الثّاني: واقع حسي؛ مسموع ومرئي. ومدار الكلام على الثاني، لعدم توقّع الأول، ولا سلّم عقلاني ينبني عليه، فلا يُناقش، ولا يُهدر الوقت في سجاله؛ لأنّه مفض إلى الجدال، وإطالة الكلام، وإن كان الأوّل مشترك معه عند انعدام السلّم، والنزوع إلى التعنت والتحجّر في الرأي.

وبما أنّ الثاني واقع محسوس، ومرئي ملموس، فللسامع فيه ثلاثة مذاهب:
المذهب الأوّل: تبنيه، والأخذ به، دونما استفسار أو استفهام، وهو حينئذ شريك للمتكلم، وقرينه الأوّل، وهو ناقل ومتبنٍ في آن معًا، فينطبق عليه لفظ الـ«إمعة»، وقول الشاعر:
وما أنا إلا من غزية إن غزت


غزوت وإن رشدت غزية أرشد

المذهب الثاني: رفضه، وردّه، وعدم المساس به، والسامع حينها غير مبال، وينبغي أن يدخل في الصنف المعروف والمشهور فـ«ليصمت».

المذهب الثّالث: وقوفه موقف المحاور المناقش، مستندًا إلى مبدأي الرفض أو القبول، واعتماد الرأي والرأي الأخر، وحسبه فيهما أمران:

الأوّل: التفنيد إن اختار المبدأ الأول، ووجهته فيها الطريقة المثلى، والمؤنة العليا؛ قوله تعالى: «فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب».

الثّاني: التصديق إن اختار المبدأ الثاني، ويعوزه فيه الدّليل والبرهان، ليتقوى موقف السامع، ويصبح داعما للمتكلّم.

 أما إن ختار أحد المبدأين دون الوجهتين والطريقتين فقد دخل في نطاق المذاهب الثلاثة، لا رضي ولا أرضى، وأدخل نفسه في الموازي الأوّل، وأصبحا كسامع ومتكلم وحيًا من الخيال، وضربَا من الأوهام.

د. محمد عناد سليمان
11 / 11 / 2012م
   
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق