يلاحظ
أنه عندما وجد النظام أنه يتقهقر ويتراجع أمام عنفوان الثورة ، وتصميم الثوار غير
الآبهين بالموت والاعتقال ، صار يركز من أجل وقف امتداد الثورة ، والقضاء
عليها على عناصر الضغط الرئيسة الآتية :
1-
ارتكاب المجازر الجماعية ، والقيام بأعمال السلب والنهب والحرق والتدمير والاغتصاب
، بحق المدنيين القاطنين في مناطق امتداد الثورة ، والاستعانة بجيش رديف من
المأجورين والحاقدين والمجرمين ( الشبيحة ) ، وإضفاء مسحة طائفية على هذه الجرائم
، من أجل تفجير حرب طائفية، يصبح فيها النظام حاميا لطائفة ، وتؤدي إلى تدخل
المجتمع الدولي ، المهتم بأمر الطوائف ، واتخاذ موقف مضاد للثورة .. وقد نجح
النظام المجرم في القتل والتدمير والتهجير والتشريد والتجويع .. ولكنه أخفق في جر
الثورة إلى مستنقع الطائفية ، فقد بقي الثوار محافظين على مبادئ الثورة ، متمسكين
بأهدافها الوطنية التي رفعوها في مظاهراتهم ، والمتمثلة في إسقاط النظام الباغي
الظالم الفاسد المستبد .. والانتقال إلى حياة الحرية والكرامة والعدالة لجميع
أبناء الوطن ..
2-
اعتقال أكبر عدد ممكن من المواطنين المدنيين رهائنا ، دون تفريق بين رجل وطفل
وامرأة .. وممارسة أقسى أنواع التعذيب والعنف عليهم ، من أجل مزيد من الضغط على
الثورة والثوار ، على أمل أن يظهر من يدعو إلى محاورة النظام ، ويقبل بإيجاد (حل
وسط ) ، من أجل الإفراج عن المعتقلين ، وإنهاء معاناتهم ، وهو ما بدأت تظهر ملامحه
في التصريحات التي ظهرت مؤخرا ، من جانب أطراف في المعرضة .
3-
تدمير المدن والقرى والأحياء التي تشكل امتدادا للثورة والثوار ، وحمل سكانها على
النزوح ، وتعريضهم للمعاناة المعيشية والأمنية والإنسانية الشديدة داخل القطر، من
أجل الضغط على الثورة والثوار والمعارضة بشكل عام ، وحمل مئات الآلاف الآخرين على
النزوح خارج القطر ، من أجل إيجاد مشكلة للدول المجاورة ، في تأمين مأوى ورعاية لهؤلاء النازحين
المهجرين ، فتقوم هذه الدول بالضغط على المعارضة ، وحملها على الرضوخ لمطلب النظام في بقاء السيطرة ، والاستمرار في
الحكم ، من أجل التخلص من عبء اللاجئين والمشردين ومأساتهم ..
فهل
ستنجح خطة النظام الإجرامية ، خطة الإبادة والتدمير والتشريد والاعتقال ، في حمل الثورة
والمعارضة على الانكفاء ، مقابل الإفراج عن المعتقلين ، وعودة النازحين والمهجرين
، ومقابل تغيير شكلي ، لا يمس جوهر سيطرة نظام الإجرام والبغي والعدوان على السلطة
والحكم ؟ والإجابة على هذا السؤال حاضرة ، ولا تحتاج إلى تأجيل وتأويل ، وهي
بإيجاز واختصار :
أمّا
لو أن الأمر والقرار الفعلي بيد معارضة
تعيش خارج البلاد ، آمنة مطمئنة ، مستأنسة بمجالس وهيئات وائتلافات .. فلربما كان
للنظام الأسدي أن يحلم ويأمل ، ويفكر بالاستعداد لتقبل التهاني بنجاح خطته
الإجرامية – للمرة الثانية - في سحق ثورة الشعب ، والقضاء على آماله وطموحاته في
الحرية والكرامة والعدالة ..
وأمّا
مادامت المعركة قائمة على أرض سورية المجاهدة المصابرة ، متوكلة على الله تعالى ،
مستعينىة بعزيمة أبنائها ، وهمتهم وصبرهم واستبسالهم ، وإصرارهم على تحقيق النصر
الكامل ، واقتلاع هذه الشجرة الخبيثة من جذورها ، والرمي بها إلى مزابل التاريخ الكريهة
، ومادامت الثورة تحقق في كل يوم ظفرا ونجاحا وتقدما .. فليس لعصابات أسد أن تحلم
بنصر جديد على الشعب الصامد المقاوم المجاهد ، وإنما عليها أن تنتظر المصير الذي
يليق بإجرامها ، وما جنت على شعب سورية من تقتيل وتدمير وتشريد ومهانة .. جزاء
وفاقا .. ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
السلام عليكم وجزاك الله خيرا. قرأت مقالتيك وأعجبتم بهما ولكن ليتك توقفت قبل أن تختم بالفقرتين الآخرتين، إذ لمست فيها لمزا مبطنا للأستاذ معاذ الخطيب حفظه الله ومبادرته الأخيرة، أرجو أن أكون مخطئا بظني هذا. ودرءا لأي شك، فلا بد أن أنوه أن أ/ معاذ أصر على أن الرأي الأخير هو رأي الداخل ومن يجاهد في سبيل الله. وأنهم - أي السياسيون - يترجمون توجه الحراك الميداني لتوجه سياسي، لا غير.
ردحذفعمار النوري