صديقي أبو المجد شخص طيوب ودمث
الأخلاق ورائع في كل شيء , يعيبه فقط أنه مؤيد بجنون للمدعو بشار الأسد وأمه وأبيه
وامرأته وبنيه , وهذا عيب كبير كما ستكتشفون لاحقاً .
منذ نعومة أظافري وأنا أعرف أبا
المجد هذا .
لم يكن في تلك الأيام يُدعى أبا
المجد , حيث لم تكن أم المجد قد ولدت بعد .
كنا نسميه بكل بساطة : البوق .
كان بوقاً أدمن النفاق حتى صار
جزءاً لا يتجزأ منه , و قبل أن يعرف العالم أن هناك أبواقاً تعيش على ضفاف نهري
المسيسبي والأمازون ومجرور مصطفى مريم , كان البوق أبو المجد يعيش بين ظهرانينا .
في إحدى حفلات تخريج ضباط جيش
" أبو شحاطة " كان الأمن يطوق المنصة , " البوق " يصر على
القنزحة في المنصة قرب طلاس وحكمت الشهابي .
عناصر الأمن طردوه , فصرخ عليهم : من أنتم
" لا بد وأن القذافي قد سرق هذه العبارة منه , فقد قالها قبل عشرين عاماً من
استخدام الممانع طيب الذكر معمر بو منيار لها " , وعندما الله دعتر المساعد
الأول تبع الفرع 291 " أمن القوات " بالرد بأنهم أمن أجابه ولسان حاله
يقول " شي بيخري " : وإذا أمن , ما نحن كلنا أمن بهالوطن , وخلعه محاضرة
حزبية تثقيفية متخمة بأقوال مكحكحة لحافظ الأسد وتجعل حتى الذي شرب خمسة أمتار مكعبة من القهوة
المرّة لتوه يشعر بالنعاس .
المساعد الأول ما عرف شو يرد وصار
بده يخلص , نظر إليه ملياً قبل أن يقول : شايف الأربع كراسي الجدد السود , لا تقرب
عليهم وروح قعود مطرح ما بدك .
حياته كلها على هذا المنوال .
عندما مات المقبور ذرف دموعاً
تكفي لإيقاع الربع الخالي بالفيضان , وعندما جاء بشار كاد يموت من الفرح .
بقيت صداقتنا حتى بعد أن جاءت
الثورة وأصبح نجماً من نجوم قناة الدنيا , فلقد اتفقنا على أبجدية بسيطة وهى أن لا
أدعوه للأيمان ولا يدعوني هو بالمقابل إلى الزندقة .
كنا عندما نلتقي نتحدث بكل شيء
إلا بالشأن السوري حتى جاء ذلك اليوم الأغبر , قبل مغادرتي لسورية بأسبوع .
زرته في بيته , وعلى قرقعة المتة
وعواء الفضائية السورية بدأ الحديث :
شايف جماعتك يا أيهم كيف خربوا
البلد .
- جماعتي ؟؟
- أخي الخلاصة أن الأسد لن يزول ,
وسيبقى شوكة في أعين أصحابك ممن أدمنوا تجارة الدم السوري , فهذه بلد لا يصلح أن
يحكمها إلا الأسود .
- لا تجدبا عليّ هلئ , أنا بلا دف
عم أرقص , بعدين افترض حبيبك خلص عمره .
- القائد ماهر الله يحميه قدها
وقدود .
- وافترض ربك أخد أمانته لهالماهر
كمان , شو ؟
- حافظ الصغير الله يحميه كمان ,
أسد من ضهر أسد .
- ملاريا , بلهارسيا , كوليرا ,
ايدز , إيبولا , أي سبب يطرأ فيعجل بمنية حافظ الثاني تبعك , شو رح يصير .
نظر نحوي ملياً ثم قال : أنت بدك
تضل عم تسكّرا بوشّي , افترض صار هيك , أنيسة الصغيرة شو ناقصها , أليست لبوة من
ظهر أسد .
- شو بيعرفني , أمها هيك عم تقول
, بس من كل عقلك عم تحكي ؟؟.
- بتعرفني بمزح بهيك شي ؟! .. بعدين
شو المشكلة , ألم تحكم هذه الأمة زنوبيا وسميراميس وشجرة الدر , بشو هنن أحسن من بنت سيادة الرئيس دخلك .
- بهيدي معك حق , لك أصلاً شو جاب
طز لمرحبا , بس افترض الله أخد أمانتها لأنيسة الصغرى لأي سبب , حبل , جيابة ,
قيصرية , تركيب قرون لزوج حمش ما بيسكت ع التعريص , يروح كارزها من الوريد للوريد
.
- أبناء عمومته , كل منهم يصلح ليقود
أمة بأكملها .
- معك حق , من هارون وجر .
كنت ألمّح له ع القتلة التاريخية
اللي أكلها من الأزعر هارون الأسد قبل خمسة عشر عاماً أمام قهوة " أبو هشام
جبرا " بجبلة , فرد ببساطة :
- بيكون أحسن , حينها أقف في ساحة
النوفوتيه لأصرخ بكل فخر : أنا اللي ضربني الرئيس بدياته التنتين وشاطني بقدمه
المباركة , بس وّلك ابن نور الدين , ما بتخاف أخلعك تقرير يساويك فته .
- بالطبع لا .
- بتعرفني آدمي مو هيك
- لا .
- لكن شو .
- إذا سلختني تقرير بقول أني علقت
معك لأنك ناقشتني بموضوع قلب نظام الحكم بغية الإتيان بهارون الأسد كبديل عن
القائد بشار الله يحميلنا ياه .
هارون بينفّد حاله من المرطوسة
وبيجوز ما يسمعوه فيها من أصله , بس أنت شو رح يصير فيك يا " أبو المجد
" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق